حكاية عالم كيمياء
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
إسرائيل، ورفضت الحكومة المصرية يومها ابتعاثه إلى أميركا، وفرضت عليه أن يختار روسيا أو أوروبا الشرقية. لكن الرجل لم يستسلم هذه المرة، وقرر أن يعتمد على نفسه ويذهب إلى أميركا، بعد حصوله على الماجستير، وقبل منحة جامعة بنسلفانيا مع مخصص شهري 300 دولار. أما الصدفة الأخيرة، فكانت أيضاً بعد حرب 1973، وحينها فكَّر زويل بالعودة إلى مصر والعمل كأستاذ في جامعة الإسكندرية، رغم كل الإحباطات التي واجهها هناك ومازالت عالقة في ذهنه. ولكنه فضَّل البقاء في أميركا لسبب يبدو "غبياً"، فهو يريد العودة بعد أن يجمع مبلغاً يشتري به سيارة أميركية يعود بها إلى مصر.هذا مقطع من حياة زويل ذكره في كتابه ولم أضف إليه شيئاً. ما يهمنا هنا، هو كيف نستطيع بعد هذا الزمن الطويل من إنشاء الجامعات وإرسال البعثات للغرب أن نتمكن من صناعة عالم يفوز بجائزة نوبل ولا تشاركنا به دولة أخرى. فإسرائيل، مثلاً، لديها أربع جوائز نوبل في الكيمياء لا يشاركها أحد فيها، وثلاثون جائزة أخرى في التخصص نفسه ليهود من دول غربية. ما نحتاج إليه، هو الجو العلمي الحقيقي، فأحمد زويل ليس نتاج مناخ أكاديمي عربي، إنما مناخ غربي. وفَّر له هذا المناخ جميع الإمكانات، وقدم له مساعدين متميزين ووفرة مالية لاستخدامها في أبحاثه، ربما تعادل ميزانية جامعة من جامعاتنا وأساتذة في مراحل تعليمه أهمهم روبرت شريفر، وهو الحائز جائزة نوبل في الفيزياء عام 1972.ما حققته الصدف المتتالية، والصدف وحدها، في حياة أحمد زويل لا يدل على أننا نبني علماء ونرعاهم ونخلق لهم فرصاً يبدعون فيها. في مجتمعات تعاني الفساد والسرقات وإدخال الناس في متاهة العيش والجري خلف رغيف العيش والتفكير في تحسين فرص حياتية وكمالية لا يمكن أن ننتظر أسماء علمائنا إلى جوار العباقرة، وكل ما سنفعله هو الضجة التي نحدثها بعد أن يحققوا كل شيء بمفردهم وبعيداً عنا.