بحيرة الدماء في سورية والعراق التي تتسع ويخوض فيها كل أعدائنا، ويزداد منسوبها من دماء الأطفال والنساء والشباب والرجال، هذه البحيرة التي تمتد لتصبح بحراً من دمائنا عندما نقف جميعاً لنأخذ العبر منها، ومن تسبب فيها، ونحاول أن نتلافى أسبابها، نجد أن مجرميها هم الطغاة من أبناء جلدتنا، والطائفيون من أصحاب مشروع ولاية الفقيه والقوى الغربية اللئيمة وحليفتها إسرائيل.

ولكن العبرة المهمة أن من أعطاهم المبرر ليفعلوا بنا كل ذلك هم أصحاب الإسلام السياسي بلا ريب ولا شك.

Ad

الإسلام السياسي، بشقيه السني والشيعي، مسؤول عن الدماء التي تهدر للمسلمين والمؤامرات التي تخترقنا وتنجح في قتلنا وتفتيتنا.

لن أتناول الإسلام السياسي الشيعي (مشروع إيران)، لأنه الآن حليف المخطط الدولي الذي يستهدف المنطقة مع روسيا وأميركا، وبالتبعية طبعاً مع إسرائيل، ولكن ما يهمني هو ما يفعله بنا ذلك الإسلام السياسي السني بكل تنظيماته من تمكين كل أعدائنا منّا.

بالطبع سيخرج علينا إسلامي – سياسي زاعقاً بالاتهامات المعتادة (حلف الرذيلة - الليبراليون المنحلون - العلمانيون الفاسقون)، بينما تتمزق أشلاء طفل في حلب، وتدفن امرأة حية تحت الركام في إدلب، ويموت كهل من الجوع في ريف دمشق، وتكرر هذه المآسي نفسها في العراق، وتتبارى كل طائرات العالم في الأجواء لقصف العرب السنة، بمبرر محاربة الإرهاب الأصولي السني، ومن يتهم الآخرين بالرذيلة لا يمكنه أن يصف لنا ما هي الحالة التي يمكن بها وصف ما يحدث للنساء الأيزيديات وبيع الجواري والغلمان.

الثورة في سورية كانت مدنية وجيشاً حراً يعبر عن كل الطوائف والأقليات، فذهب الإخوان المسلمون بلحاهم إلى تركيا، وبدأوا يتكلمون باسم الثورة، فتحقق لبشار الأسد ورعاته في طهران وموسكو أسمى أمانيهم بتحويل الثورة إلى حرب طائفية، وبعد ذلك انطلقت جيوش الطوائف الأصولية في سورية، فاجتمع العالم على ضربهم، ووجد الرئيس الروسي بوتين ضالته ليخرج كل حقده على المنطقة في جرائم كبرى يقترفها في سورية، بزعم محاربة الإرهاب.

وفي مصر الثورة المدنية التي أشعلها شباب "صفحة خالد سعيد" وحركة القوى المدنية "كفاية" وكانوا طوال خمس سنوات يضربون من الأمن المصري على سلالم مبنى نقابة الصحافيين وفي الميادين، بينما الإخوان المسلمون على الكراسي الوثيرة في مجلس الشعب يشاركون نظام حسني مبارك ونجله الحكم، وقفزوا على ثورة 25 يناير 2011 ودمروها بنفس أصولي مقيت مكّن العسكر من العودة إلى السلطة لاحقاً، وفي ليبيا دمروا الثورة كذلك، ويمزقون الصومال بحركاتهم الإسلامية السياسية وقبلها أفغانستان.

كل تجارب الإسلام السياسي خلفت الدمار أو التقسيم كما حدث في السودان، ولكن المأساة الكبرى هي في سورية التي مكنوا كل لئيم وخبيث من ارتكاب جرائم لا يمكن أن تنسى ومازالت مستمرة.

وعندما يحاول أصحاب العقل أن يقولوا لهم توقفوا وراجعوا ما فعلتموه بأمتكم، يعلو صراخهم بالاتهامات والحرب المقدسة والجهاد المفتوح والنصر المؤزر ودولة الخلافة، بينما الحقائق على الأرض تقول إنهم استدعوا كل العالم لأرضنا ليدمرونا... وأصبح دم كل طفل وامرأة وشيخ ورجل يهدر يومياً في رقاب الإسلام السياسي وجماعاته وتنظيماته، فلا يوجد إسلام سياسي معتدل وآخر متطرف.