يصر صناع الدراما المصرية على تقديم أجزاء جديدة استكمالا لعمل درامي ناجح مر على عرضه سنوات، رغم أن مسلسلات كثيرة منها لم تقدّم جديداً، وفشلت في جذب انتباه المشاهدين، بل خسرت ما سبق أن حققته من نجاح، فهل هو إفلاس لعدم وجود أفكار جديدة أم محاولة يائسة لاستثمار نجاح سابق؟

يرى الناقد طارق الشناوي في ذلك نوعاً من الاستسهال والصعود على أكتاف نجاحات سابقة، مشيراً إلى «أننا لا نستطيع أن نتهم تلك الأعمال بأنها فاشلة، بل توضع في مقارنة غير عادلة فحسب».

Ad

يضيف: «على الشاكلة نفسها الأعمال التي يعتبرها الأبناء ميراثاً، على غرار أفلام محمود أبو زيد التي اعتبرها ابنه أحمد ميراثاً عائلياً يمكن أن يعيد تقديمها بأشكال عدة، فمثلا في مسلسل «الكيف» قدم معالجة هدفها إطالة المدة الزمنية لساعات، فجاءت الحلقات الأولى من المسلسل تمهيدية تحكي سيرة البطل من البداية عندما كان يسكن في ظل عائلته».

يتابع: «تمديد الأحداث الدرامية في عمل قديم وقائم منذ 1987 كما في مسلسل «ليالي الحلمية» الذي قدمه المؤلف أيمن بهجت قمر في جزء سادس، لم أكن من المهاجمين لفكرة هذا الجزء الجديد، كما ليس من حق أحد الاعتراض على عمل من دون انتظار عرضه وتقييمه ومن ثم الحكم عليه، إلا أنني اكتشفت أن الجزء السادس لم يكن إلا رهانا خاطئاً من صناعه».

فقر في الإبداع

يشير الناقد نادر عدلي إلى أن ثمة فقراً في النصوص والإبداع، عموماً، بالإضافة إلى وجود موضوعات غير مسموح التطرق لها، من بينها سلبيات المجتمع ومناقشة قضايا اجتماعية أو حتى سياسية لعدم تصدير الإحباط للجمهور... كل ذلك كان عاملا مؤثراً في عدم تنوع الموضوعات المطروحة في الدراما، وكان البديل البحث عن مصادر أخرى للأفكار التي يعد أبرزها طرح أجزاء جديدة من أعمال سبق تقديمها.

يضيف: «يتصوّر بعض صناع هذه الأعمال أن الاستمرار في تقديم القصة ذاتها ومط أحداثها يضمن لهم حداً أدنى من الشهرة، وليس بالضرورة النجاح، لأن الجمهور يتابع تلك الأعمال التي لا يحقق بعضها أي نجاح، لافتقادها عنصر الإبهار والمفاجأة، وتوقع الأحداث والخطوط الدرامية مسبقاً، وهو سبب رئيس لفشلها، لكنه سرعان ما يعرض عنها لعدم وجود اي جديد فيها ويفضل متابعة أعمال طازجة».

ويتابع أن الإصرار على تقديم تلك الأعمال أمر تجاري بحت، إذ يبحث المنتج والمؤلف والفنان والقناة الفضائية عن مكسب مادي بأقل جهد.

استسهال وإفلاس

تعتبر الناقدة ماجدة موريس أن تقديم عمل يعتمد على آخر قديم عرض، إنما بشكل جديد وأحداث جديدة هو نوع من الاستسهال والإفلاس الفكري وفقر في الإبداع واستغلال لنجاح مسبق.

تضيف أن مقاييس النجاح في الوقت الحالي اختلفت عن تلك المعتادة في السنوات الماضية، وأصبحت الإعلانات وقيمتها معيار نجاح أي عمل، مثلما حدث مع «الكيف» و«ليالي الحلمية»، إذ تأتي الإعلانات مقدماً قبل عرض المحتوى، ما يعد نجاحاً تجارياً حتى لو فشلت فنياً، بدليل أنها في آخر قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة. مشيرة إلى أن المجتمع مليء بمشاكل وقضايا اجتماعية تستحق اهتمام صناع الأعمال الفنية، ولكن الاستسهال يدفعهم للذهاب إلى الفكرة الأسهل.

آراء مغايرة

لصناع الأعمال أنفسهم رأي مغاير، فمنهم من تمنى النجاح للأجزاء الجديدة، فمثلا المنتج ريمون مقار يرى أن ثمة نوعين من الدراما، أحدها ينتهي بانتهاء أحداث الموسم الذي يتكون من ثلاثين حلقة، والثاني ما خططت له شركة الإنتاج مسبقاً بأن يعرض على أجزاء، وبذلك يكون مخططاً ناجحاً لاكتمال شخصيات العمل على مراحل الأجزاء التالية وليس ليّ ذراع الأحداث لمطها فينتج عنها جزء جديد.

يضيف: «لكل شركة إنتاج سياسات مختلفة في التعامل مع منتجها الدرامي، منها ما يكتفي بالعمل حتى انتهاء دور الأبطال مع آخر حلقات المسلسل أو يستمر في ابتكار أحداث دخيلة جديدة».

حول تقديم جزء ثان من «جبل الحلال»، أكد أنه لن يقدم جزءا جديداً، وأن المسلسل انتهى بانتهاء أدوار شخصياته، «رغم أنني فكرت ذات مرة في عمل جزء ثان بالفعل، ولكن الفنان محمود عبد العزيز كان رأيه مختلفاً بوصفه أكثر نضجاً فنياً، وقد أجابني: «خلاص شخصية منصور أبو هيبة خلصت واللي عندي أقدمه للشخصية دي كمان خلص»، هكذا لو لم يكن المسلسل ذو الأجزاء المتعددة قد تم الإعداد والتجهيز له مسبقا، فلا داع لاستثمار نجاح العمل الدرامي في أجزاء جديدة قد لا تكون على مستوى الكفاءة نفسها.