«دستورانية ما بعد انفجارات 2011 - قراءات في تجارب المغرب وتونس ومصر»
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب «دستورانية ما بعد انفجارات 2011 - قراءات في تجارب المغرب وتونس ومصر» للباحث المغربي حسن طارق، يستحضر فيه التجربتين التونسية والمصرية لتمثل التحولات الدستورية بعد انفجارات عام 2011، وكذلك قيم الدستورانية وفكرة الدستور الأصلية باعتبارها وثيقة لتقييد السلطة، وإن شكلت هذه التحولات محاولة لتجاوز الإطار الدستوري لزمن السلطة العربية.
الدستورانية، بحسب الكتاب، منظومة آليات تُتيح قيام نسق فاعل من القيود التي تهم ممارسة الحكم، من حيث توزيع السلطات أو قواعد المنافسة أو المسؤولية السياسية للحكومة. ومن هذا المنطلق، يسأل طارق في كتابه: ما دلالات الانتقال الدستوري في بلدان الربيع العربي، وإلى أي حد يمكن إعادة تعريف الدساتير في ضوء تحولات عام 2011، باعتبارها نصوصاً لتقييد السلطة وحماية الحرية، وهل تم الانتقال مع هذه الدساتير إلى حالة دستورانية جديدة؟
هاجس السياسات
يتضمن الكتاب ثلاثة أقسام: الأول «دستور 2011 وهاجس السياسات العامة في المغرب»، يضم ثلاثة فصول، يدرس الأول السياسات العامة في الحوار الذي سبق دستور 2011 في المغرب، السياسات العامة التي كانت موضوع المواطنة التشاركية، السياسات العامة موضوعاً للحوار داخل المؤسسات الوطنية والاستشارية وهيئات الديمقراطية التشاركية، السياسات العامة وصلاحيات السلطة التنفيذية، ليرسم خط سير البرلمان والسياسات العامة من التشريع والمراقبة إلى التقويم، فينتهي الفصل بمسألة السياسات العامة والدستور من زاوية سؤال المرجعيات.الفصل الثاني «دستور المؤسسات إلى دستور المواطنين»، يبحث في ماهيتها في التجربة المغربية من زاوية إرهاصات الممارسة والقانون، ومكانتها داخل الدستور من منطلق تمثّلات الفاعلين ومقتضيات الوثيقة الدستورية، ومسالك تفعيلها بين البرلمان والمؤسسات الوطنية. أما الفصل الثالث، «في الأثر المهيكل لدستور 2011» أو رهان «تسييس» السياسات العامة، فيتناول السياسات العامة داخل التباسات الإدارة السياسية والديمقراطية، وحضور السياسات العامة في الفضاء العمومي المغربي، والسياسات العامة بين تجذّر تقاليد التدبير التكنوقراطي وآثار التحولات السياسية والدستورية.
قراءات مختلفة
يتألف القسم الثاني، من خمسة فصول: يطرح الفصل الرابع «في التوتر المزمن للدستورانية المغربية - الازدواجية وإشكالية السمو»، سؤالاً أساسياً: دستور أم دستوران؟ ويقدم قراءات مختلفة لإشكالية الازدواجية التي تعيشها المملكة المغربية بين أمير المؤمنين ورئيس الدولة. أما الفصل الخامس، «بين الدستور الرئاسي والدستور البرلماني - توتر داخل السلطة التنفيذية»، فيعرض موقف السلطة التنفيذية من دستور 2011، والمظاهر شبه الرئاسية للنظام الدستوري المغربي في الدستور الرئاسي، ومظاهر النزوع نحو ملكية برلمانية ثنائية في الدستور البرلماني. ويعرض الفصل السادس، «بين دستور الديمقراطية التمثيلية ودستور الديمقراطية التشاركية - توتر بين شرعيتَي «التمثيل» و«الاقتراح»، حضور هيئات الحكامة والمؤسسات الوطنية في الحوار العمومي في شأن دستور 2011، والهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة في الدستور المغربي، ومضمون استقلالية المؤسسات الوطنية وحدودها ومبدأ خضوعها للمساءلة...تمثل مسألة الهوية محور الفصل السابع من الكتاب «في توتر المرجعيات: بين دستور الهوية ودستور حقوق الإنسان»، إذ يتصدى المؤلف فيه لمسألة الهوية وحقوق الإنسان في الحوار العمومي - في شأن مراجعة الدستور، من التضخم إلى الاستقطاب، ومسألة الهوية وحقوق الإنسان في دستور 2011، باحثاً عن ماهية التفوق المعياري بين المرجعية الحقوقية وخصوصية الهوية.ما بعد الثورات في تونس ومصر
يضم القسم الثالث «دستورانية ما بعد الثورات في تونس ومصر»، خمسة فصول. يتناول الفصل التاسع، «في دستور الهوية»، مسألة الثورة والهوية، والخط من الهوية إلى الذوات الفاعلة في لحظة الساحات العمومية، ثم الخط من الذوات الفاعلة إلى تقاطب/تفاوض الهويات في اليوم التالي للثورة، لينتهي المؤلف في هذا الفصل بتناول مسألة الهوية في لحظة صوغ الدساتير. ويوصّف الفصل العاشر «دستور السلطات»، حالة ما قبل الثورات، من منظورات رئاسوية دستورية وسلطوية سياسية، ثم يتطرّق إلى الجدل التأسيسي بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي، طارحاً السؤال: أي هندسة مؤسساتية في مرحلة ما بعد الثورات العربية؟ بينما ينتقل المؤلف في الفصل الحادي عشر «في دستور المواطنة»، إلى معالجة التكريس الدستوري لحقوق الإنسان في دساتير بلدان الربيع العربي، والضمانات الحامية للحقوق والحريات الأساسية.يبحث الفصل الثاني عشر «في دستور السياسات»، إن كان دستور السياسات هذا إطاراً مرجعياً وقيمياً أم إعلاناً برنامجياً للسياسة العامة؛ وفي سمات الهندسة الجديدة لصناعة السياسات العامة في ضوء دساتير ما بعد الثورات؛ وفي ما إذا مثّلت دساتير ما بعد الثورة دسترة لدولة الحماية الاجتماعية؛ وأخيراً، في فرضيات تدور حول الدساتير الجديدة والسياسات العامة والمخاطر التي تواكبها. ينتهي الكتاب بالفصل الثالث عشر «جدل الأيديولوجيا والهوية في الدولة الوطنية بعد الثورات: من تطابق الدولة والأمة إلى دولة المواطنين»، حيث ينظر المؤلف إلى الدولة الوطنية في ضوء الثورات العربية، ليرى إن كانت تمثل تجاوزاً أم إعادة امتلاك؛ وإلى الوطن في قبضة الهوية باحثاً عن مسالك للتجاوز: وطن مدني أم وطنية دستورية أم مجتمع مدني؟حسن طارق
حسن طارق، باحث قانوني مغربي يحمل دكتوراه في القانون العام. وهو عضو في لجنة العدل والتشريع في مجلس النواب، وعضو المكتب التنفيذي للجمعية المغربية للعلوم السياسية. صدر له في السياسة المغربية: «مواقف ومحكيات؛ والمجتمع المغربي وسؤال المواطنة والديمقراطية والسياسة؛ والشباب والسياسة والانتقال الديمقراطي».