القاهرة تهاجم «الإيكونوميست»... وتستهدف شركات الصرافة
الحكومة تُعول على فيضان السودان... ومصدر بوزارة الري لـ الجريدة•: الجزم بحصة مصر منه مُبكر
مع اتجاه الحكومة المصرية لإغلاق شركات الصرافة، انتقدت وزارة الخارجية بقسوة، تقريراً نشرته مجلة «الإيكونوميست»، الاقتصادية الشهيرة، عن القرارات والسياسات الاقتصادية، حمل اسم «تخريب مصر»، معتبرة إياه غير محايد.
بعد نحو ثلاثة أيام من تقرير اقتصادي نشرته دورية "الإيكونوميست"– إحدى أكبر الدوريات الأسبوعية الاقتصادية التي تصدر في لندن – ويحمل اسم "تخريب مصر"، انتقدت وزارة الخارجية المصرية التقرير بأشد العبارات قسوة، واعتبرته "إهانة" ومحاولة لفرض الوصاية، وقال الناطق باسم الخارجية أحمد أبوزيد، إن "تقرير الإيكونوميست به مغالطات وتطاول على شخص الرئيس عبدالفتاح السيسي".وكانت المجلة أثارت موجة غضب في أوساط الموالين لنظام السيسي، حيث نشرت صورة لرجل بزي عسكري، وحيداً وسط الصحراء، بينما إلى جواره تبدو أهرامات الجيزة الثلاثة، وقد حملت مؤشراً يشير إلى الهبوط، حيث انتقدت في تقريرها الأوضاع والقرارات الاقتصادية التي اتخذتها القاهرة، خلال الأعوام الماضية.وقد ردت "الخارجية" بمنتهى الحدة، على التقرير في بيان عممته باللغتين العربية والإنكليزية، وقال البيان إن سلسلة المقالات التي نشرتها المجلة في عددها الأخير بعنوان "تخريب مصر" ما هي إلا أكاذيب، ويبدو أن الإيكونوميست اختارت أن تقف مع من يتخذون موقفاً متحيزاً ضد مصر، فالمجلة عمدت إلى تجنّب أي مظهر من مظاهر التحليل الموضوعي، واهتمت بتوجيه إهانات لشخص الرئيس. وتابع أبوزيد: "من المؤسف أن تلجأ مجلة محترفة إلى أساليب غير موضوعية ومهينة، ذات دوافع سياسية لتوصيف السياسات الاقتصادية لمصر، ومن المؤسف أيضاً أن العبارات المهينة والأوصاف التي استخدمتها افتتاحية المجلة لا تتسق مع مجمل البيانات المذكورة في صلب المقالات الواردة في العدد ذاته"، موضحاً أن الرئيس يتخذ كل قراراته الاقتصادية بناء على مشورة مجموعة من الخبراء الاقتصاديين البارزين.
وانتقد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات، عمرو هاشم ربيع، رد "الخارجية"، قائلاً لـ"الجريدة": "كان أولى بالوزارة أن تبتعد عن أجواء المؤامرة والتشكيك في كل مخالف لسياساتها"، مطالباً إياها بالرد على المجلة بتقرير معلوماتي يفند مزاعمها، على أن يتم نشره في دورية أجنبية لها ذات أهمية الإيكونوميست، في حين وصف المتحدث باسم حزب "الوفد" "بيان الخارجية بـ "غير الممنهج"، وأنه "يفتقر إلى المعلومات".
ضرب الصرافة
في غضون ذلك، وافق مجلس النواب المصري، على تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بشأن مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003. وتضمن التعديل الجديد تغليظ عقوبة التلاعب بأسعار الدولار، بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على 10 سنوات، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تتجاوز خمسة ملايين جنيه، أو المبلغ المالي محل الجريمة، أيهما أكبر، لكل من خالف أحكام المادة 111 من هذا القانون أو المادة 114 والقرارات الصادرة تطبيقاً لها. كما تضمن التعديل الجديد للقانون، الحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن المبلغ المالي محل الجريمة، ولا تزيد على أربعة أمثال ذلك المبلغ، أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من خالف أحكام المادة 116 من هذا القانون. من جانبه، وبعد شهور من إغلاق عدد كبير من شركات الصرافة في مصر، في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه في السوق الموازي، قال رئيس مجلس النواب، علي عبدالعال، إن شركات الصرافة سرطان في جسم الاقتصاد المصري، ولابد من إلغائها، وأتمنى أن يتقدم أحد النواب بقانون لإلغاء هذه الشركات التي تدمر الاقتصاد، مؤكداً أنه كان يتمنى أن يتم تغليظ العقوبة للإعدام، لا السجن فقط.كما أكد أن مصر تتعرض لحرب اقتصادية كبيرة ومؤامرة تحاك بنا لابد أن نواجهها بكل حسم قائلاً:" شركات الصرافة سرطان ولابد من إلغائها". على صعيد آخر، ومع استمرار تعثر المفاوضات بين القاهرة والجانب الإثيوبي بشأن إصرار الأخير على استكمال الأعمال الإنشائية لسد النهضة الإثيوبي المائي، الذي تقول مصر إنه يخصم من حصتها التاريخية في مياه النيل، عول الجانب المصري على فيضان "نهر النيل الأزرق" في السودان هذا العام، لسد عجزها المائي، عبر رفع المخزون المائي لبحيرة ناصر خلف السد العالي.وقالت وزارة الري السودانية، إن محطة "الديم" سجلت الأحد الماضي، ارتفاعاً في منسوب مياه النيل، مؤكدة أنه الأعلى منذ 100 عام، وأن منسوب النيل الأزرق، المغذي بنحو 85 في المئة لنهر النيل، بلغ 13.1 متراً، بينما سجلت المحطة نفسها 12.81 متراً خلال اليوم نفسه من فيضان عام 1988، داعية مواطنيها على ضفتي النيل إلى أخذ الحيطة والحذر طوال شهر أغسطس الجاري.في السياق، قال مصدر مطلع في وزارة الري المصرية، طلب عدم ذكر اسمه، إن الأمطار الغزيرة، التي تشهدها إثيوبيا والسودان قد تبشر بفيضان جيد، لكن الحكم لايزال مبكراً حول حجم الفيضان خلال السنة المائية الجديدة، التي بدأت أوائل أغسطس الجاري، وأكد أن بشائر ارتفاع منسوب النيل الأزرق هذه الأيام ليست مؤشراً يمكن الجزم عنده بزيادة فيضان النيل، موضحاً أن رصد محطة "الديم" هو تسجيل لمنسوب اليوم، لكنه ليس إشارة لاستمرار هذه الأمطار، وأن نهاية سبتمبر المقبل يمكن من خلالها التثبت من حجم الفيضان خلال العام الجديد.ردود فعل
من جهته، قلل وزير الموارد المائية الأسبق محمد نصر علام، من أهمية فيضان النيل هذا العام، وقال لـ "الجريدة": "لا يمكن اعتباره سيساعد على تغطية الاحتياطي الاستراتيجي لبحيرة ناصر"، مؤكداً أن ما تتحصل منه مصر من سيول السودان لا يمثل نصف مليار متر مكعب في بحيرة ناصر، مضيفاً: "الجفاف الذي حدث في إثيوبيا العام الماضي أدى إلى نقص تدفق مياه النيل الأزرق، ما دفع الحكومة المصرية إلى استخدام المياه من بحيرة ناصر".إلى ذلك، قال مدير مركز تنمية الموارد الطبيعية في إفريقيا بمعهد بحوث الدراسات الإفريقية في جامعة القاهرة عباس شراقي، إن الفيضانات التي تأتي إلى مصر من السودان لا تضيف لنهر النيل الكثير، أما الفيضانات التي تأتي من إثيوبيا فتعتمد عليها مصر بنسبة 75 في المئة، في حين قال خبير المياه والري، ضياء القوصي، إن فيضان هذا العام مبشر، وفي مصلحة مصر، وسوف يغذي السد العالي وبحيرة ناصر، لأنه سيزيد الاحتياطي الاستراتيجي لبحيرة ناصر.