كان الجمهور البرازيلي «الناري» على الموعد في الأيام الأولى من الألعاب الأولمبية المقامة في ريو حتى 21 الجاري، لكن صخب المدرجات لا يعني أنها ممتلئة بتاتا.

في أولمبياد لندن 2012، بيعت جميع تذاكر مباريات كرة المضرب في «معبد» ويمبلدون الشهير، لكن الاحد في ألعاب ريو 2016 كانت 25 في المئة من المدرجات التي تتسع لـ10 الاف متفرج فارغة في المباراة التي خسرها الصربي نوفاك ديوكوفيتش، المصنف الأول عالميا، امام الارجنتيني خوان مارتن دل بوترو.

Ad

لكن تشجيع الجمهور كان صاخبا كما لو ان المباراة كانت في مسابقة كأس ديفيس للمنتخبات. ورغم خيبة الخروج من الدور الاول، فقد اشاد ديوكوفيتش بالجمهور قائلا بعد المباراة: «كان الامر وكأني برازيلي!»، في اشارة إلى التشجيع الذي حظي به من الجمهور المحلي.

وأبدى اسطورة السباحة الاميركي مايكل فيلبس الاعجاب ذاته بالجمهور البرازيلي، بعد نيله ذهبيته الأولمبية الـ 19، بتتويجه مع بلاده بسباق التتابع 4 مرات 100 م، وقال بهذا الصدد: «كانت الاجواء مجنونة. نسبة الحماس، التشجيع خلال السباق. لا اعلم اذا كنت سمعت امرا مماثلا في السابق!».

لكن وفي أمسية كبيرة لمنافسات السباحة التي شهدت سقوط ثلاثة ارقام قياسية، لم تكن المدرجات ممتلئة ايضا، بل وصلت النسبة بين 80 و90 في المئة، وفق مراسل وكالة فرانس برس.

لكن السباحين، كما الحال بالنسبة للاعبي كرة المضرب، لم يتذمروا، لانه في بلد يعتبر فيه كرة القدم «ملكة» يصعب على اي رياضة اخرى ان ترتقي بالشعبية إلى مستوى «لعبة الفقراء»، وكيف الحال اذا كانت هذه الرياضات جديدة وغير معروفة كثيرا بالنسبة للجمهور المحلي؟!

غياب الجماهير

ففي منافسات القوس والنشاب التي اقيمت في «سامبودروم»، حيث تستعرض مدارس السامبا مواهبها خلال كرنفال ريو الشهير، اقيمت مسابقة منتخبات الرجال امام مدرجات شبه خالية ولم تصل نسبة الجمهور لـ80 او 90 في المئة من قدرة استيعاب المدرجات الا في الدور النهائي للمسابقة.

والوضع اسوأ بكثير بالنسبة للركبي التي تعود إلى الألعاب الأولمبية للمرة الاولى منذ 1924، لأن مباريات منتخبات السيدات من 7 لاعبات اقيمت في ملاعب لم يصل فيها الحضور الجماهيري إلى نصف سعة المدرجات، وفي افضل الاحوال كانت نصف ممتلئة.

وفي الفروسية، هذه الرياضة التي تمارسها النخب المجتمعية في البرازيل، ولا مكان فيها للفقراء، فشتان بين ألعاب لندن 2012 وريو 2016، لأن مسابقات هذه الرياضة اقيمت قبل 4 اعوام امام حشد جماهيري كبير، في حين ان مدرجات «ديودورو» كانت شبه مهجورة.

وحتى في رياضة شعبية جدا في البرازيل مثل الكرة الطائرة، حيث يبدو المنتخب الوطني مرشحا بقوة للذهب، فالحضور الجماهيري لم يصل إلى 75 في المئة من سعة المدرجات خلال المباراة الاولى لمنتخب الرجال.

والامر ذاته ينطبق على لعبة كرة السلة، حتى وإن كان «منتخب الاحلام» الاميركي في ارضية الملعب.

مشكلة قابلة للحل

لكن المسؤولين اكدوا امس أن نسبة بيع التذاكر ارتفعت إلى 84 في المئة، وفق مسؤول المبيعات في اللجنة المنظمة لألعاب ريو 2016 دونوفان فيريتي، الذي قال: «الاحد كان افضل يوم حتى الآن. لقد بعنا 495 الف تذكرة. صباح الاثنين بعنا 287 الف تذكرة، والنسبة الاكبر منها لمشجعين من اميركا الجنوبية، خصوصا من الارجنتين وتشيلي».

وبرر ايضا عدم امتلاء المدرجات في الايام الاولى من الألعاب قائلا: «هذا الامر يحصل لأن الناس لا يصلون جميعهم في الوقت نفسه. بعضهم يصل متأخرا بعد بداية المسابقات، والبعض الآخر يصل باكرا ويغادر قبل النهاية. الأمر مرتبط في بعض الاحيان بأنواع التذاكر التي تسمح للمشجع بحضور مباراتين، خصوصا في كرة القدم».

بدوره، رأى المسؤول الاعلامي لألعاب ريو 2016 ماريو اندرادا انه بالإمكان حل مشكلة المدرجات الفارغة التي تسلط عليها الاضواء من قبل الكاميرات التي تنقل الحدث، قائلا: «من السهل حل هذه المشكلة وسنقوم بذلك»، دون ان يعطي اي تفاصيل اضافية.

وهناك من يبرر الحضور الجماهيري الضعيف نسبيا بارتفاع الأسعارـ وعلى رأسهم ايريتش بيتينغ، الجامعي والصحافي البرازيلي المتخصص في التسويق الرياضي، لكنه لم يتحدث عن أسعار التذاكر المقبولة نسبيا، بل عن أسعار الطعام والشراب والاقامة.

وأشار إلى انه اضطر لدفع مبلغ 3 الاف ريال (854 يورو)، من اجل ثلاثة ايام في الفندق له لزوجته وابنه و«هذا مبلغ كبير جدا بالنسبة للبرازيل».