الجمهوريون بورطة... 50 مسؤولاً ينزعون أهلية ترامب
«غير مؤهل للقيادة ولا يملك أدنى معرفة بالسياسة»
لم يكد المرشح الجمهوري دونالد ترامب ينهي أسبوعاً من متاعبه السياسية حتى بدأ جولة جديدة منها، لكن هذه المرة مع سياسيين ومسؤولين سابقين من العيار الثقيل، ومن أسماء كبيرة في حزبه، تركوا بصماتهم على المستويين المحلي والخارجي.ولعل ترامب، الذي حاول أمس الأول أن يطلق صفحة جديدة في حملته الانتخابية مركزاً فيها على الجانب الاقتصادي، يريد أن يستقطب جمهور الناخبين حول وعود أقل ما قيل عنها أنها تعيد تجديد الإعفاءات الضريبية لكبار الأغنياء على حساب الفقراء، وخصوصاً الطبقة الوسطى، مقترحاً خفضاً يصل إلى 15 في المئة، أقل بخمسة في المئة من اقتراح بول راين رئيس مجلس النواب الجمهوري أيضاً. وقال آخرون إنه سعى إلى رشوة الفقراء عبر اقتراح مساعدة الإعانة لتربية الطفل تقتطع من الضريبة التي يدفعونها في نهاية العام.
لكن خطته، التي لم يقدم فيها أي اقتراح حول كيفية تغطية الإنفاق مقابل خفض الضرائب، لم تعمر إعلامياً أكثر من ساعات، فقد نشرت رسالة من 50 مسؤولاً سياسياً وأمنياً من كبار من تولوا مسؤوليات الأمن القومي منذ عهد الرئيس ريتشارد نيكسون حتى جورج بوش الابن، حذروا فيها من أن انتخاب ترامب سيجلب إلى البيت الأبيض أحد أكثر الرؤساء تهوراً في تاريخ الولايات المتحدة.ورغم خلوها من توقيع أي وزير خارجية جمهوري سابق، فقد حملت الرسالة تواقيع مايكل شيرتوف وتوم ريدج وزيري الأمن الداخلي السابقين، ومايكل هايدن مدير "السي أي إيه" السابق، وجون نيغروبونتي مدير الأمن القومي ومساعد وزير الخارجية السابق، وروبرت زوليك نائب وزير الخارجية ورئيس البنك الدولي خلال إدارة الرئيس بوش، فضلاً عن كبار المساعدين في وزارة الدفاع ومستشارين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية مثل أريك إديلمان مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس السابق ديك تشيني.أحد المشاركين في صياغة الرسالة، التي حذرت من أن ترامب لا يصلح أن يكون رئيساً وأنه يواصل التصرف بشكل غير مسؤول وبعيداً عن قيم الولايات المتحدة ودستورها، قال إن عدداً من الذين وقعوا الرسالة كانوا يفضلون انتظار ما قد يجري في سبتمبر المقبل، لعل سلوك ترامب يتغير. لكن تصريحاته الأخيرة حول روسيا ومطالبته بقرصنة بريد كلينتون، ثم تهديداته للحلفاء في "الناتو"، وصولاً إلى تهجمه على عائلة الجندي الأميركي المسلم، كلها مواقف كشفت جانباً أساسياً من شخصية ترامب وأظهرت أنه غير مؤهل ليقود البلاد في الوقت الذي يواصل فيه عدم تثقيف نفسه في أمور السياسة الخارجية، رغم افتقاده الحد الأدنى الضروري من تلك المعرفة.وعلى الفور كان لوقع تلك الرسالة فعل القنبلة في الأوساط السياسية والإعلامية. ورغم سرعة حملة ترامب للرد على الرسالة بالقول إن موقعيها مسؤولون مع كلينتون عن تحويل العالم إلى مكان غير آمن، محملة إياهم مسؤولية الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة منذ اجتياح العراق، وصولاً إلى بنغازي وصعود تنظيم "داعش"، فإن الأضرار المتوقعة، وخصوصاً على جسم الحزب الجمهوري، لا يمكن التكهن بتداعياتها.ترامب، الذي سعى الأسبوع الماضي إلى تخفيف الخلاف مع كل من بول راين رئيس مجلس النواب، والسيناتور جون ماكين، عبر العودة لدعمهما في الانتخابات التمهيدية، يدرك أن تراجعه هذا لن يعيد المياه إلى مجاريها معهما ومع باقي قيادات الحزب، فقد تحدثت مرجعيات جمهورية عدة عن صدور تعاميم تدعو المرشحين الجمهوريين، سواء لعضوية مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، إلى تجاهل ترامب وعدم ذكره في حملاتهم الانتخابية، معتبرين أن تركيزهم عليه قد يؤدي إلى خسارتهم مقاعدهم.وتضيف تلك الأوساط أن موقعي تلك الرسالة قاموا بجولة كبيرة على قيادات الحزب لإبلاغهم بمضمونها، ما يعني أن بول راين وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل يعلمان بمضمونها ولم ينبسا ببنت شفة عنها.وتوقع محللون أن تضاعف تلك الرسالة من الفارق في استطلاعات التفضيل بين ترامب وكلينتون، التي تفوقت عليه في استطلاع لمحطة "سي إن إن"، أمس الأول، بعشر نقاط مسجلةً 49 في المئة مقابل 39 لترامب. وقفز مستوى التفضيل لكلينتون كمرشحة مؤهلة لتكون رئيسة للبلاد إلى 58 في المئة مقابل 38 لترامب.ورغم أن موقعي الرسالة اعتبروا أن كلينتون ليست هي الخيار، فإنهم شددوا على أن ترامب ليس هو الرد الملائم بالتأكيد.