قبل بضعة أسابيع في موازمبيق أخبرتني روزانا التي تبلغ من العمر 19 عاما "لو استطعت أن أبعث برسالة واحدة للفتيات الشابات الأخريات فإنها ستكون عن الاستمرار في التعليم وعدم الإقدام على الزواج"، إن روزانا تتحدث عن خبرة، فقد كانت عروساً طفلة مثل نصف البنات في بلدها تقريبا.إن الرابط بين التعليم والزواج أساسي، وكلما تكلمت مع بنات مثل روزانا حُرمن من طفولتهن وتزوجن قبل سن الثامنة عشرة زادت قناعتي بالعلاقة العكسية بين انتشار زواج الأطفال والوصول إلى التعليم، لن أنسى البنت الإثيوبية التي وصفت يوم زواجها لي قائلة "لقد كان ذلك اليوم هو اليوم الذي اضطررت فيه لترك المدرسة".
لقد كانت روزانا كذلك على وشك أن تتخلى عن تعليمها في يوم زواجها، لكنها حملت وهي على مقاعد الدراسة، وبدا أن ترك المدرسة قد أصبح حتميا كذلك، وكان من الممكن إنهاء الآفاق المستقبلية لروزانا عندما طلب منها زوجها قف تعليمها، وهو طلب يفرض على العديد من العرائس اللاتي ما زلن في مرحلة الطفولة، ولكن روزانا تمتعت بشجاعة استثنائية ورفضت الطلب، وأصرت على التحكم بمصيرها، ولكن للأسف معظم العرائس من الأطفال لا يتمتعن بذلك الخيار، وينتهي بهن المطاف في مواجهة مصير أكثر قتامة بكثير.عندما تبقى بنات مثل روزانا في المدرسة عوضا عن الزواج المبكر فإن الفوائد لن تعم عليهن فقط، فاقتصاد بلادهن سيستفيد كذلك، ولو تمكنت النيجر على سبيل المثال من إنهاء زواج الأطفال بحلول سنة 2030 فإن الجمع بين التحصيل العلمي الأفضل ومعدلات الخصوبة الأقل سيجعلها أغنى بمقدار 25 مليار دولار أميركي مقارنة بوضعها سنة 2015، وهذا يكفي لأن يجعل أي حكومة تنتبه لهذا الأمر.لكن فوائد التعليم تتجاوز الإحصاءات بكثير، فالطلاب لا يتعلمون مواد مثل الرياضيات والعلوم والقراءة والكتابة في المدرسة فحسب، بل يتعلمون كذلك المهارات الحياتية مثل كيفية التعبير عن الرأي والتفاوض والاستماع واحترام الآخرين، وإن كل تلك الدروس لا تساعد في تعزيز قدرتهم على كسب النقود فقط ولكن أيضا تزداد ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على المشاركة في الحياة العامة.بالإضافة إلى جعل حياة البنت أفضل فإن تعليمها وتمكينها يدعم رخاء أفراد عائلتها والمجتمع وازدهاره بشكل عام، بما في ذلك الآباء والأشقاء والأزواج والأمهات والشقيقات، وباختصار سنستفيد عندما تتمكن البنات من تحقيق آفاقهن المستقبلية بشكل كامل.وفي هذا السياق فإن إنهاء زواج الأطفال وتحسين التعلم للبنات هو أمر بدهي، ومع ذلك فإن تسعة بلدان نامية فقط قد طورت استراتيجيات وطنية لإنهاء زواج الأطفال، وفي الوقت نفسه هناك 15 مليون بنت تحت سن الثامنة عشرة يتزوجن كل عام، أي زيجة واحدة كل ثانيتين، وبهذا المعدل ستكون هناك 1.2 مليار امرأة بحلول سنة 2015 قد تزوجن وهن في مرحلة الطفولة.إن نقص خيارات التعليم الجيدة والآمنة التي يمكن الوصول إليها يساهم بلا شك في هذه الواقع الأليم، وبالإضافة إلى التعليم المنخفض الجودة المقدم في العديد من المدارس فإن البنات يواجهن التحرش الجنسي في الطريق بين البيت والمدرسة، وربما يقرر الآباء أن الزواج بالنسبة إلى بناتهم هو الخيار الأفضل لأنه يوفر "الأمان" لهن بدلا من أن يتعرضن لتلك المخاطر، وهذا يفسر إلى حد ما وجود 65 مليون بنت في سن المرحلة الابتدائية والثانوية المبكرة خارج المدرسة.كما أن الإقرار بالرابط بين زواج الأطفال والتعليم يجب أن يكون أمرا حيويا بالنسبة إلى استراتيجيات الدول النامية، ولكن التعليم عادة ما يحظى بدعاية أكثر بكثير من زواج الأطفال، والفشل في دمج الإجراءات للتعامل مع زواج الأطفال في برامج التنمية عرقل إحراز تقدم في ستة من أهداف تنمية الألفية الثمانية، والتي وجهت جهود التنمية الدولية من سنة 2000 حتى 2015.والأخبار الطيبة هو أن هذا يتغير، ففي العام الماضي عندما تبنى قادة العالم أهداف التنمية المستدامة لتحل مكان أهداف تنمية الألفية ضمنوا أهدافا عن التعليم (للتحقق من أن جميع الأطفال سيكملون التعليم الابتدائي والثانوي الجيد والمجاني والمنصف) وعن زواج الأطفال (إزالة جميع الممارسات السيئة ضد البنات والنساء مثل زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسري).فالتحقق من أن البنات يجب أن يكنّ طالبات ولسن عرائس هو أمر ضروري من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين والازدهار الاقتصادي، وعندما تُتبنى مقاربة شاملة فقط- تدمج إجراءات الحماية ضد زواج الأطفال والفرص التعليمية المنصفة وصحة المراهقين وتخفيض الفقر- سنتحقق من أن البنات والنساء حول العالم لديهن الفرصة بتحقيق إمكاناتهن؛ مما يعني المساهمة بشكل إيجابي في مجتمعاتهن. يتوجب علينا جميعا تشجيع الحكومات حول العالم بالوفاء بوعودها لإنهاء زواج الأطفال وتحسين قدرة البنات على الوصول للتعليم، وكما قالت روزانا "يجب علينا أن نقاتل من أجل مستقبلنا ومستقبل أطفالنا".مابيل فان أورانج - Mabel van Oranje* رئيسة مجلس إدارة مؤسسة بنات ولسن عرائس: الشراكة الدولية لإنهاء زواج الأطفال.«بروجيكت سنديكيت، 2016» بالاتفاق مع «الجريدة»
مقالات
طالبات ولسن عرائس
11-08-2016