في تقارب دفع واشنطن إلى القلق والتحذير من المساس بمصالحها في المنطقة، بدا أمس أن المصالحة التركية- الروسية تخطت أهدافها المرسومة في إنهاء الجمود وفتح صفحة جديدة إلى تفاهمات غير مسبوقة تمس خطوطاً حمراء على رأسها ملف الأزمة السورية وفرض النفوذ على الشرق الأوسط والبحر الأسود، وأخرى محورية بالنسبة لحلف «شمال الأطلسي» ومنها الأزمة الأوكرانية.

وفي خطوة تفتح المجال أمام تحول كبير في موازين القوى وخريطة التحالفات بالمنطقة، قررت أنقرة إيفاد مدير استخباراتها إلى موسكو بعد الاتفاق على تشكيل لجنة من كبار المسؤولين العسكريين والدبلوماسيين من الجانبين لبحث تسوية الأزمة السورية.

Ad

ووفق المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، فإن الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين أوعزا بإنشاء آلية ثلاثية مؤلفة من عاملين في الاستخبارات والجيش، والسلك الدبلوماسي، للعمل في إطار اللجنة لوضع حد لهذه الأزمة الآخذة في الاتساع.

جاء هذا التطور بعد ساعات من عودة إردوغان من زيارة لروسيا بشّر خلالها بـ«فترة مختلفة جداً من العلاقات»، التي تدهورت عقب إسقاط سلاح الجو التركي مقاتلةً روسية على الحدود السورية منتصف نوفمبر 2015.

وتزامن الاتفاق التركي- الروسي مع هجوم هو الأعنف لوزير الخارجية مولود جاويش أوغلو على حلفاء بلاده الغربيين منذ محاولة الانقلاب في 15 يوليو، متهماً الاتحاد الأوروبي بتأييد المحاولة الفاشلة وتشجيع الانقلابيين.

وخلص جاويش إلى أن «الاتحاد سقط في اختبار يوم 15 يوليو والثقة به تدهورت وتأييد الانضمام إليه لا يتعدى عشرين في المئة»، ملقياً المسؤولية عن ذلك على ساسة الاتحاد، الذين أخذت عليهم بلاده عدم إبداء التضامن التام والواضح.

ومع نجاح الروس والأتراك في وضع حد للخلافات حول ملفات مثل سورية وأوكرانيا وتحييد التنافس على منطقتي البحر الأسود والشرق الأوسط الاستراتيجيتين والتركيز على التعاون الاستراتيجي مثل مشروع مد أنبوب الغاز «تركستريم» وبناء محطة نووية وزيادة المبادلات التجارية إلى 100 مليار دولار، حذّرت واشنطن من أن يكون هذه التقارب على حساب مصالحها. وتعليقاً على قمة سان بطرسبورغ، أعربت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية إليزابيث ترودو عن قلق بلادها بشأن لهجة القيادة التركية المعادية للولايات المتحدة في الفترة الأخيرة، داعية الحكومة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام في تركيا إلى تبني موقف مسؤول.

وإذ أكدت ترودو أن واشنطن على قناعة بأن شراكتها مع أنقرة قوية، شددت المتحدثة باسم حلف شمال الأطلسي، أمس، على أن انتماء تركيا إلى الحلف ليس مطروحاً للنقاش. وقالت إن «الحلف يعول على المساهمات المستمرة» لأنقرة «التي يمكنها أن تعول على تضامن ودعم» الحلف.