استمرار تراجع «اليوان» لا يثير قلق المستثمرين

نشر في 12-08-2016
آخر تحديث 12-08-2016 | 00:03
No Image Caption
خفضت الصين عملتها المستقرة والموجهة في المعتاد بنسبة 5% خلال أسبوع الصيف الماضي، واليوم بات مسموحاً لليوان بالتذبذب أمام الدولار ضمن هامش 2% من السعر المرجعي الذي يحدده بنك الصين.
أحدثت الصين صدمة في الأسواق في منتصف أغسطس 2015 عندما خفضت سعر اليوان بشكل كبير، وبعد سنة لا تزال عملتها تتراجع، واستنفد المضاربون ما لديهم، فبنك الصين لم يتراجع عن سياسة التدخل والمستثمرون أقل قلقاً بكثير.

وخفضت الصين عملتها المستقرة والموجهة في المعتاد بنسبة 5 في المئة خلال أسبوع الصيف الماضي، واليوم بات مسموحاً لليوان بالتذبذب أمام الدولار ضمن هامش 2 في المئة من السعر المرجعي، الذي يحدده بنك الصين. وأثار قرار الصيف الماضي القلق على سلامة أداء الاقتصاد الصيني، ومن "حرب عملات" بين الدول المتنافسة. لكن الصين دافعت عن قرارها بقولها - دون أن تقنع أحداً - إنه يهدف إلى دعم المصدرين، وإنها مجرد طريقة جديدة للحساب تعتمد على تقلبات سوق الصرف.

لم يتوقف تراجع العملة الصينية منذ ذلك الحين حتى انها أغلقت الأربعاء الماضي على 6.6430 يوان للدولار، مقتربة من أدنى سعر مسجل منذ ست سنوات، في حين تراجع سعر الصرف المرجعي لبنك الصين بنسبة 9 في المئة على مدى سنة.

يقول المحلل لدى "سوسييته جنرال" وي ياو"، إن الأمر المتبع منذ عدة أشهر بات أن يتم خفض اليوان بشكل تدريجي لا يحدث تقلبات في سوق الصرف ولا يؤرق المستثمرين".

تدخل كثيف

يقول خبراء مكتب "كابيتال إيكونوميكس"، إنه بالإضافة إلى حجم التخفيض في صيف 2015، فإن "عدم ثقة الأسواق إزاء بنك الصين والتكتم على نواياه زادت من الضغوط على اليوان، وبعد سنة يبدو المستثمرون أقل توتراً إزاء تقلبات العملة الصينية".

وسعى بنك الصين إلى تحسين التواصل مع السوقن بعد أن كان يكتفي بإصدار بيانات مقتضبة. وخرج حاكمه المتواري عادة تشو شياو تشوان عن صمته في فبراير، ليؤكد أنه "لا يوجد أساس للخفض المستمر للعملة".

ولكن البنك المركزي تدخل بكثافة في السوق لوقف تدهور اليوان والحد من هروب الرساميل، الذي عززته خشية المستثمرين من انهيار قيمة أموالهم. وذكرت وكالة بلومبرغ أن ألف مليار دولار خرجت من البلاد العام الماضي.

وأنفق البنك المركزي منذ سنة 440 مليار دولار من احتياطاته لشراء اليوان لوقف تراجعه. وشددت بكين القيود على إخراج الرساميل.

وبهذه الطريقة، وجهت الصين رسالة إلى المضاربين المراهنين على استمرار تراجع اليوان، وقال وي ياو، إن "المضاربات باتت اليوم محدودة، ويبدو أن سياسة ضبط الرساميل نجحت".

وتراجعت عمليات تحويل العملات، فالبنوك الصينية باعت من العملات الأجنبية أكثر مما أودع فيها خلال الربع الثاني من السنة، ثم تراجع الفارق إلى النصف مقارنة مع الربع الأول.

معضلة

لكن بنك الصين يواجه معضلة، فهو يتغنى بالتقدم المحرز نحو حرية صرف اليوان، وأخذ تقلبات السوق بعين الاعتبار، وهو التزام شكل شرطاً لاعتماد اليوان بين العملات المرجعية لصندوق النقد الدولي.

ومن جهة ثانية، وبهدف تعزيز استخدام اليوان على المستوى الدولي، وعدت بكين بجعله مستقراً أمام سلة من العملات الرئيسية.

فجأة بادر البنك المركزي إلى تصحيح سعره المرجعي، و"فرض إرادته لتوجيه السوق" وتوجيه اليوان، وفق بنك "اي ان زد".

في يناير، خفض بنك الصين سعر اليوان المرجعي خلال ثماني جلسات متتالية، مثيراً توقعات بخفض أكبر للعملة قبل أن يرفعه مجدداً. وفي الواقع، فإن المصدرين لا يستفيدون سوى بشكل هامشي من إضعاف اليوان، فصادرات الصين تراجعت خلال الأشهر الماضية.

ويقول لياو كون الاقتصادي لدى "سيتيك بنك إنترناشونال"، إن الأمر لا يتعلق باستراتيجية صينية متعمدة لتحفيز النشاط التجاري، وإنما يعاني اليوان من (المؤشرات) الأساسية للاقتصاد العالمي".

وبين ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية، التي تزيد من جاذبية الدولار والقلق الناجم عن بريكست (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) الذي يدفع لشراء العملات المستقرة، يتوقع أن يستمر تراجع اليوان، ولكن إلى متى؟

يوضح لياو كون أن "التقلبات العالمية تترك تأثيرها بشكل تدريجي. وإلى متى سيستمر اليوان بالتراجع يتوقف على متى سيتحسن سعر اليورو والجنيه الإسترليني".

طوال سنوات، انتقدت واشنطن الصين على خفض قيمة عملتها، لكنها أبدت ارتياحاً إزاء ضعف اليوان حالياً.

وقال مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية على هامش اجتماع مجموعة العشرين في يوليو الماضي، إن "الصين التزمت بالانتقال بطريقة منظمة إلى سعر صرف يخضع لشروط السوق".

وأضاف للصحافيين: "سيتم امتحانها عندما تتعرض عملتها إلى ضغوط تصاعدية، وإذا كانت الصين ستسمح لسعر اليوان بالارتفاع".

تحقق الصين نمواً متباطئاً مع 6.7 في المئة في الربع الثاني هذه السنة، وهي نسبة مساوية للربع الأول، لكنها تراجعت عن 6.9 في المئة في 2015.

بكين لن تخفض معدل الفائدة خلال العام الحالي
استبعدت وكالة حكومية صينية قيام السلطات بضخ تدابير تيسيرية نقدية خلال العام الحالي، معتبرة أن هذه الإجراءات قد تعرقل جهود تقليص القدرة الإنتاجية المفرطة في القطاع الصناعي.

وذكرت وكالة "شينخوا" الصينية الرسمية، في الافتتاحية الصادرة أمس الأول، أن آمال بعض المستثمرين بشأن إمكانية قيام البنك المركزي بضخ تدابير تحفيزية نقدية قد تواجه خيبة أمل.

وأشارت الوكالة إلى أن المستثمرين يأملون بمزيد من خفض معدلات الفائدة وتقليص الاحتياطي الإلزامي للبنوك مع ضعف التضخم خلال الشهر الماضي، ما يمنح البنك المركزي مساحة كافية للقيام بهذه الخطوات.

لكن الوكالة الحكومية أشارت إلى أن بنك الشعب في الصين من غير المرجح أن يقوم بأي خطوات تيسيرية في النصف الثاني من العام الحالي، حيث إن أي خطوات من هذا القبيل سوف تعرض جهود الحكومة لإصلاح القطاع الصناعي للخطر.

أنفق البنك المركزي منذ سنة 440 مليار دولار من احتياطاته لشراء اليوان ووقف تراجعه
back to top