تحليل سياسي : «ذهبية» الديحاني... تؤدِّب أطراف الصراع الرياضي
إذا كانت الميدالية الذهبية للرامي الكويتي فهيد الديحاني في أولمبياد البرازيل خلقت فرحة شعبية عارمة، فإنها في الوقت ذاته وضعت السلطتين التشريعية والتنفيذية واللجنة الأولمبية الكويتية في موقف حرج، بعدما فشلت جميع الأطراف المسؤولة في التوصل إلى اتفاق أو حلول ترفع الإيقاف الدولي المفروض على الرياضة الكويتية.فالدعم الحكومي للرياضيين المتأهلين للأولمبياد كان معدوماً، وهو ما أعلنه وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود بتصريحه مطلع يونيو الماضي بأن «الكويت لن تدعم أي مشاركة إلا بعلمها مرفوعاً»، وأكده لمجلس الوزراء في اجتماعه الأخير بشرحه قرار هيئة الرياضة «بعدم الموافقة على المشاركة أو تقديم أي دعم إلا لمن يمثل دولة الكويت رسمياً».ولعل موقف الوزير الحمود هو الأكثر إثارة للاستغراب، إذ إنه أقحم الدولة في خصومة مع أبنائها الرياضيين بهذه الصورة، مع علمه أن لا ناقة لهم ولا جمل في الصراع الرياضي، وجاءت تصريحاته بشكل مباشر ضد اللاعبين، مما وضعهم في خانة المشكوك في وطنيتهم، علماً أنهم ليسوا سوى رياضيين يعانون الأمرَّيْن، مر الصراع الرياضي محلياً، ومر المشاركة تحت العلم الأولمبي دولياً.
في المقابل، فإن اللجنة الأولمبية الكويتية، وهي الجهة المسؤولة عن المشاركات الكويتية في الأولمبياد، غابت تماماً عن رحلة اللاعبين من الكويت إلى البرازيل، ولم يكن لها دور سواء بالدعم المادي لتوفير تذاكر السفر والإقامة ورواتب المدربين، أو حتى بالتصريحات الداعمة معنوياً لممثلي الكويت وإن كانوا تحت العلم الأولمبي، بل إن «الأولمبية الكويتية» ورئيسها الشيخ طلال الفهد كانا طرفاً رئيساً في الإيقاف الدولي، لا سيما أنهما أصحاب الشكوى. أما على الصعيد النيابي، فإن التخبط في تشريع القوانين الرياضية كان لافتاً، إذ أقر مجلس الأمة تعديلات على قانون الرياضة في أبريل الماضي بحجة العمل على رفع الإيقاف الدولي، ليلغي بعدها في يونيو الماضي «جميع التعديلات» على القانون، ويكتفي بإقحام «الصوت الواحد» في الانتخابات الرياضية، وما زاد الطين بلة هو وصف رئيس لجنة الشباب والرياضة البرلمانية النائب عبدالله المعيوف المشاركين في الأولمبياد بأنهم «كسروا قوانين الدولة وأساءوا لها»!يقول البطل الذهبي فهيد الديحاني: «لقد واجهنا حرباً في كل مكان، هناك من لا يريد لنا أن نشارك في الأولمبياد، العالم كله يعرف فهيد الديحاني الكويتي ولو لعبت تحت العلم الأولمبي... وإن كان الله كتب لك أن تؤدب بعض الناس فهذه الميدالية ستؤدبهم».«ذهبية» الديحاني كانت كشف تسلل غير متوقع لكل أطراف الصراع الرياضي، إذ انقلبت المواقف بصورة دراماتيكية ليتحول التشكيك إلى إشادة بالإنجاز، ورفض المشاركة إلى احتفال بالانتصار، وهو ما لم يفت الشارع الكويتي في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كان له موقف شديد من محاولات المسؤولين «خطف الانتصار والتكسب عليه»، وتحديداً تصريح الوزير سلمان الحمود بعد الفوز لإحدى القنوات الفضائية، حين قال: «سهلنا كل الإمكانات للوفد المشارك في المعسكرات والدعم، لأن إيماننا مطلق بأن كل رياضي يجب أن يُدعم»، وهو ما يبدو محاولة للتغطية على الفشل أو تخفيف الضغط السياسي عن الحكومة، كما تعرض النائب المعيوف، بعد تهنئته الرامي الديحاني، لهجوم غير مسبوق من المغردين.نجحت المشاركة الكويتية في تسليط الضوء على هذا البلد الصغير الذي تدخلت الأمم المتحدة في خلافاته الرياضية لحلها، وهزمت من تآمر لوقف النشاط الرياضي وحرمان اللاعبين من طموحاتهم، وأحرجت من تخاذل في دعمهم وشكك في وطنيتهم، ولكن يبقى السؤال الذي لم يغِب عن فرحة الانتصار... إلى متى الإيقاف؟