اليمن السعيد صاحب الحضارات أصبح اليوم، ونقولها بنبرة حزينة، ممزقاً سياسياً ومنهاراً اقتصادياً من جراء الصراعات والاقتتال بين أبنائه، ففي يونيو الماضي كشفت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أن 14.4 مليون يمني من أصل 26 مليونا يواجهون خطر "انعدام الأمن الغذائي"، وأن ما يصل إلى 70 في المئة من السكان في بعض المحافظات يجدون صعوبة بالغة في الحصول على الطعام، كما كشف مؤشر التقدم الاجتماعي الصادر في 7 يوليو الماضي في تصنيفه لعام 2016 أن اليمن يحتل المركز الـ7 بين الدول التي يعيش مواطنوها أسوأ حياة في العالم.ومما لا شك فيه أن اليمن يشهد اليوم واحدة من أخطر مراحله السياسية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً بعد أن أصبح مأوى للتنظيمات الإرهابية، مثل "القاعدة" و"داعش"، وهذا الأمر يلقي بظلاله على أمن دول الخليج العربية، وإن تعميق حالة الكراهية والتشرذم الطائفي في اليمن يؤثر سلباً في أمن دول الخليج واستقرارها، كما أثبتت تجربة العدوان الحوثي عملياً تعرض الأمن الخليجي للخطر مع حدوث عمليات توغل لعناصر حوثيين إلى داخل الأراضي السعودية، إضافة إلى ما تتعرض له السعودية من عمليات تهريب للسلاح والمخدرات من داخل الأراضي اليمنية، لذا فإن دول الخليج لم ولن تترك اليمن وحيداً، فاتخذت كل الإجراءات الضرورية لحماية مصالحها ومصالح الشعب اليمني ووحدته.
ورغم فشل المفاوضات اليمنية التي استضافتها الكويت على مدار 4 أشهر وسعت من خلالها إلى التوصل إلى اتفاق ينهي الصراع الدموي الذي يدور هناك فإن ذلك لم يقفل الباب نهائياً أمام فرص إحلال السلام في هذا البلد التاريخي الذي تتقاذفه الحروب الطاحنة على مدار العقود الماضية، فالأمل يظل معقوداً على تدخل العقلاء والحكماء والوسطاء النزيهين في نزع فتيل التوتر، وأن يتوقف من يخوضون حرباً بالوكالة عن الاستعانة بأطراف خارجية لديها أجندات مشبوهة تريد من خلالها فرض نفوذها وسيطرتها على هذه المنطقة.إن اليمن الذي قال عنه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوباً، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ"، سيظل أرض العروبة والأصالة كما كان دائماً، وسيظل رمزاً من رموز العزة والصمود وموطناً وبلداً يتحدث بلسانه العربي الفصيح، وسيلتئم جرح اليمن ويتجاوز المحن والصعاب، وسترفع رايات النصر خفاقة في كل ربوعه في القريب، وستختفي منه قوى الشر والإرهاب والتطرف، وسينهض بتلاحم أبنائه ووحدتهم، وسيعود يمناً سعيداً كما عهدناه وترسخ في أذهاننا، ونقش في عقولنا على مدار قرون من الزمان.
مقالات - اضافات
متى يصبح اليمن سعيداً؟
13-08-2016