أعلن مجلس صيانة الدستور رسميا أن موعد التسجيل لانتخابات رئاسة الجمهورية في إيران سيكون بين 11 و17 سبتمبر 2017، حيث ستجرى الانتخابات في 19 مايو عام 2018.وعلى أساس قانون تجميع الانتخابات في إيران، فإن استحقاق المجالس البلدية أيضا سيجرى في نفس اليوم، وهو يعتبر أكثر الانتخابات لجهة كثافة الحضور، حيث تشمل 207587 عضواً (126153 عضوا أصليا و81434 بديلا).
ووفق الدستور الإيراني، فالذين يريدون الترشح لانتخابات مجالس البلديات عليهم الاستقالة قبل موعد التسجيل بستة أشهر على الأقل من مناصبهم الحكومية إذا كانت هذه المناصب تعتبر مناصب من رتبة مدير إدارة وأعلى.وبالنسبة إلى انتخابات رئاسة الجمهورية فليس على المرشحين أن يستقيلوا من مناصبهم الحكومية، إلا إذا كانت تعتبر مناصب عسكرية، وعلى الذين يريدون التسجيل لانتخابات رئاسة الجمهورية أن يكونوا من المدنيين، ولهذا فإن قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، الذي يشدد العديد على ترشيحه لانتخابات رئاسة الجمهورية، عليه أن يستقيل من منصبه في الحرس الثوري قبل موعد التسجيل للانتخابات بستة أشهر على الأقل إذا أراد الترشح لخوض السباق.وينفي المقربون من الجنرال سليماني أي نية له للدخول في المنافسة الانتخابية، على الأقل في هذه الجولة الانتخابية، ويعتبرون أنه «بطل قومي» محترم من جميع فئات الشعب، ودخوله المعترك السياسي سيضعه في موقع الحملات السياسية من قبل خصومه في الانتخابات، وممكن أن يقوم هؤلاء بالتشكيك بأعمال فيلق القدس في سورية والعراق، على الأقل لأغراض انتخابية، وهذا ما لا يعتبر من مصلحة النظام.
مأزق وحربة
وفشل الرئيس روحاني الموصوف حاليا بـ «المعتدل» في تنفيذ وعوده لحل المشاكل الاقتصادية بعد التوقيع على الاتفاق النووي يضعه اليوم في خانة الضعف، حيث إن معارضيه بدأوا هجوماً عنيفا عليه، مستغلين فشل سياساته الاقتصادية، ومن المتوقع أن تشتد الانتقادات له كل ما اقتربنا من موعد انتخابات رئاسة الجمهورية المقبل، حيث إن بعض هذه الانتقادات وصل إلى مرحلة إهانة رئيس الجمهورية، وطالب مكتب الرئيس السلطة القضائية بملاحقة الذين يهينون الرئيس قضائيا، حسب قانون الجرائم السياسية الذي أقر العام المنصرم.الحقوق والحريات
وبما أن حل المشاكل الاقتصادية يعتبر مستحيلا على الأقل خلال الأشهر الباقية على إجراء الانتخابات، يبدو أن الرئيس روحاني بدأ يراهن على سياسة حل مشكلات «الحقوق الاجتماعية» و«الحريات الشخصية» التي وعد بتنفيذها قبل انتخابه رئيسا للجمهورية كخطة مضادة لخصومه في الانتخابات.فقد تساءل روحاني، في كلمة له أمام مديري وزارة التربية والتعليم الإيرانية: «هل تعتقدون أنه من الممكن تجميع أطباق الأقمار الاصطناعية وفلترة الشبكات الاجتماعية لوقف تدفق المعلومات التي لا نريدها»؟وأضاف: «قمنا بمنع استعمال الفيديو واعتقال جميع الذين يحملون أشرطته في بداية الثورة، ماذا كانت النتيجة؟ هل تظنون أن فلترة شبكات الاتصالات، والفضاء الالكتروني، واتصالات الإنترنت وجميع شبكات التواصل الاجتماعي أمر ممكن؟»غلق الأبواب
واختتم رئيس الجمهورية كلامه قائلا: «لا تظنوا أنه بالإمكان العيش في العالم الحديث، ونحن نغلق جميع الأبواب على أنفسنا».يذكر أن روحاني نفسه كان ضمن النواب المصوتين على القانون الذي منع استعمال الفيديو وسمح للشرطة باعتقال كل من يحمل أشرطته في بدايات الثورة الإيرانية، وكان ضمن النواب المصوتين على قانون منع استعمال أجهزة استقبال الاقمار الاصطناعية، ومصادرة كل أطباق الاستقبال وتجريم ملكيتها، عندما كان نائبا على لائحة المحافظين في مجلس الشورى الايراني.وعلى الرغم من أن روحاني يعلم أن فك تلك القيود لمنح المزيد من الحريات الشخصية ليس من سلطات الحكومة في إيران، إذ هي من سلطات الأجهزة التي تعتبر تحت سلطة القائد الأعلى للثورة، مثل قوى الأمن والحرس الثوري والجهاز القضائي، والتي تعتبر جميعها ضمن نفوذ مجموعة المحافظين في الجمهورية المحافظة، فإنه يسعى لاستغلال هذا التحرك كرأس حربة للضغط على خصومه السياسيين الآتين من المجموعة المحافظة للدخول في المعركة الانتخابية.تجربة نجاد
ويرى مراقبون أن رهان روحاني بمنح المزيد من الحقوق والحريات لتعويض إخفاقه في تحقيق وعوده الاقتصادية يعد استحضارا لتجربة ناجحة تمكن خلالها الرئيس السابق أحمدي نجاد من حسم معركته الانتخابية.وسبق لنجاد أن استخدم هذه الحربة في انتخابات عام 2005 ضد خصومه السياسيين حين أجاب عن سؤال بشأن الحجاب قائلا: «حجاب النساء آخر مشكلة في هذا البلد، ولدينا مشاكل أكبر نفكر بها بدلا من خروج غرة شعر سيدة من تحت الحجاب». وكان لهذا الكلام أثر كبير في جذب آراء الكثير من النساء في الجمهورية التي تفرض على النساء الحجاب.