تدخل مصر اختباراً أمنياً غداً الأحد، مع حلول الذكرى الثالثة لفض قوات الأمن اعتصامات أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة في العاصمة المصرية، 14 أغسطس 2013، ما أسفر عن سقوط المئات ما بين قتيل ومصاب، في أحداث كرَّست الانقسام السياسي الذي تعيشه مصر، وتتحسب القاهرة من استغلال جماعة "الإخوان" -المصنفة إرهابية في مصر- لذكرى الفض لحشد أنصارها والقيام بأعمال شغب وعنف.

وقال مصدر أمني لـ"الجريدة" أمس، إنه تم إعلان حالة الاستنفار في صفوف قوات الشرطة المصرية، استعداداً لذكرى فض الاعتصام، وتكثيف وجود قوات الأمن بمختلف الميادين والشوارع الرئيسة، بما في ذلك نشر مزيد من القوات أمام الأماكن الشرطية والمصالح الحكومية، ودور العبادة، وجميع المنشآت الحيوية والميادين، لرصد أية تجمعات تحسباً لوقوع أعمال عنف أو شغب.

Ad

بدوره، قال مصدر مطلع إن الإجراءات الأمنية المشددة، انطلاقا من اليوم السبت، تأتي مع وصول معلومات عن وجود تحركات لعناصر إرهابية للقيام بعمليات نوعية ضد أهداف وأكمنة تابعة للجيش والشرطة في العاصمة المصرية وسيناء، وبناء عليه تقرر وقف إجازات ضباط الشرطة، وزيادة أعداد أفراد تأمين الأكمنة في مختلف المحافظات المصرية، فيما تقرر أن تؤول مسؤولية تأمين ميادين التحرير وهشام بركات (رابعة سابقا) والنهضة للقوات الخاصة.

في الأثناء، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على المتورطين في محاولة اغتيال مفتي الديار المصرية السابق علي جمعة الجمعة قبل الماضي، وقال مصدر أمني أمس، إن المضبوطين 8 أفراد ينتمون إلى جماعة "الإخوان"، مشيراً إلى أنه تم تحديد موقع المتهمين بمنطقة القناطر الخيرية التابعة لمحافظة القليوبية (شمال القاهرة)، بعدما سقط المتهم الأول في قبضة الأمن، واعترف بتخطيطه للهجوم وفقاً لتعليمات بعض قيادات الجماعة الهاربين في تركيا.

وتوقع مؤسس تنظيم الجهاد نبيل نعيم أن تخرج تظاهرات محدودة لأنصار جماعة "الإخوان" في ذكرى رابعة، بهدف جذب اهتمام الرأي العام الخارجي بتبني مظلومية الإخوان وتعرضهم لظلم، مضيفا لـ"الجريدة": "الإخوان لا ينتظرون ذكرى رابعة للتعبير عن أفكار الانتقام والتخريب في الشارع المصري، بهدف إرباك الدولة وهدمها عبر تنظيم عمليات اغتيال لشخصيات عامة مثل المفتي السابق، فعلى قوات الجيش والشرطة اليقظة والتعامل السريع مع هذا المخطط وإفشاله في مهده".

تحرير مصريين

وبينما أعلن مصدر أمني مقتل 44 تكفيرياً خلال عمليات للقوات الجوية المصرية خلال اليومين الماضيين، وصل 23 عاملا مصريا كانوا مختطفين في ليبيا إلى مصر أمس، عبر معبر السلوم البري، بعدما نجحت قوات تابعة للجيش الليبي في تحريرهم من قبضة مختطفيهم، الذين استوقفوا العمال المصريين وهم في طريقهم إلى الحدود الليبية- المصرية، إذ تعاني ليبيا فوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي العام 2011، وتسيطر ميليشيات مسلحة على مساحات واسعة من الأراضي الليبية.

وقالت مصادر أمنية مصرية، إن قوات ليبية خاصة هي من حررت المصريين من قبضة تنظيم "داعش" الإرهابي، كاشفة عن تنسيق معلوماتي على أعلى مستوى مع الأجهزة المصرية، وأن وزارة الداخلية بدأت في إعداد قائمة سوداء تضم أسماء المصريين الذين انضموا إلى "داعش ليبيا"، على أن توزع القائمة التي تضم ما لا يقل عن 125 مصريا على جميع المطارات والموانئ المصرية، انتظارا لوصول هذه العناصر الخطيرة.

تداعيات القرض

بينما سادت أجواء الارتياح في أروقة الحكومة بعد موافقة صندوق النقد الدولي مبدئيا على تأمين حصول مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار أميركي، على 3 سنوات، في إطار دعم تمويل البرنامج الاقتصادي للحكومة المصرية، سادت المخاوف بين قطاع من الاقتصاديين والمحللين السياسيين من أن تؤدي شروط صندوق النقد إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية، يتحمل تبعاتها المواطن المصري البسيط.

وحاول وزير المالية المصري عمرو الجارحي، تهدئة المخاوف من تأثير سياسات الحكومة المصرية على محدودي الدخل، قائلا في تصريحات صحافية، إن القاهرة تستهدف الوصول إلى معدلات نمو تتراوح ما بين 6 إلى 7 في المئة، وأن هناك تركيزا شديدا على مواصلة تحقيق شبكة الحماية الاجتماعية ووصول الدعم إلى مستحقيه، مشيراً إلى أنه خلال الـ15 عاما الماضية كان بعض الدعم يصل إلى غير مستحقيه، ما تسبب في مشكلات كبرى للاقتصاد المصري.

من جهته، حذر نائب رئيس حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي" مدحت الزاهد أمس، من تأثيرات روشتة صندوق النقد على السلم والأمن الاجتماعي، قائلاً لـ"الجريدة": "الحكومة تسير في الطريق الخاطئ، فالقرض له تأثيرات سلبية على الأوضاع الاجتماعية للفقراء ومحدودي الدخل، وسيدمر شبكة الأمان الاجتماعي، وسيزيد الفقراء فقراً، ويوسع الهوة الاجتماعية، لأن فلسفة مؤسسات التمويل الدولية قائمة على انسحاب الدولة من دعم الخدمات والسلع، وخصخصة المؤسسات العامة".

وفي حين قال أستاذ الاقتصاد بجامعة مصر الدولية مدحت نافع، إن "شروط القرض ستؤثر سلبا لا محالة على محدودي الدخل، لأنها تستهدف تقليص الدعم وتسريح عمالة"، رأى أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأميركية بالقاهرة سعدالدين إبراهيم، أن القرض لن يحل أزمة مصر، وأنه بمنزلة المسكن فترة قصيرة، مضيفاً لـ"الجريدة": "على الحكومة استغلال هذه الفترة للخروج من الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة، وتحسين الأوضاع لامتصاص غضب المصريين بسبب غلاء المعيشة، وعدم تناسب الأجور مع زيادة الأسعار".

في غضون ذلك، أعلنت جماعة "الإخوان" رفضها لقرض الصندوق، معتبرة في بيان نشر على الموقع الرسمي للجماعة أمس، أن القرض سيؤدي إلى "استعباد مصر"، وكان رموز الجماعة استماتوا في الدفاع عن نية الرئيس الإخواني مرسي الحصول على قرض من الصندوق بقيمة 4.8 مليارات دولار عام 2013.