ليلة وفاة نبي الرحمة

نشر في 13-08-2016
آخر تحديث 13-08-2016 | 00:05
 د.نجم عبدالكريم بين الحين والآخر، يقع بين يدي كتاب يستحثني على الاستمرار في قراءته، لكن هذا الكتاب، الذي يتناول ذكرى رحيل نبي الرحمة، جرني إلى مصادر أخرى، كي أصوغ مقال هذا اليوم.

• أشجانٌ كابيةٌ حزينة تلك التي ملأت قلوب المسلمين حين قيل لهم إن رسول الله عليه الصلاة والسلام يشتكي...

ذكريات تطوف في كل ذهن... يكاد كل مسلم أن يحاول استقراء معانيها وما وراءها من دلالات...!

***

• أبومويهبة -مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم- يستبد به القلق فيذهب إلى دار الصديق في (السنح):

- يا أبا بكر شيء حدث أول أمس روعني أشد الروع، فلم أملك إلا أن أحدثك به بعد أن عرفنا بمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- وما ذاك يا أبا مويهبة؟

- طلب إليَّ رسول الله عليه الصلاة والسلام ليلةً أن أخرج معه إلى البقيع... كنا في منتصف الليل... سار عليه السلام صامتاً مطرقاً حتى إذا سألته صلى الله عليه وسلم قال: (أُمرتُ يا أبا مويهبة أن أستغفر لأهل البقيع).

- وما في هذا يا أبا مويهبة؟... ما يدع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرصة إلا استغفر فيها لموتى المسلمين.

- لكن الكلام الذي قاله عليه الصلاة والسلام حين وصلنا البقيع يقتضي أن أقوله لك.

- وما قال عليه الصلاة والسلام؟

- ما إن وقف على القبور حتى قال صلى الله عليه وسلم: السلام عليكم أهل المقابر، ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه... أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها... الآخرة شر من الأولى.

- (في توجس واهتمام)... أقال هذا عليه الصلاة والسلام؟

- أجل... وطال صمته، ثم أخذ يتلو من كلام الله يستغفر لموتانا حتى استدار للرجوع، وبينما نحن في الطريق قال لي: "يا أبا مويهبة إني قد أوتيت مفاتيح الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، خُيرت بين ذلك وبين لقاء ربي فاخترت لقاء ربي".

- (في انفعال)... أحدثت أحداً قبلي بذلك يا أبا مويهبة؟

- لا والله يا أبا بكر، وإن قلبي منذ ذلك الوقت كالطير الواقع، كأنما ينعى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه.

***

• لم يكن أبومويهبة مولى رسول الله صلي الله عليه وسلم وحده في هذا الهم الذي سربله... كان هناك علي بن أبي طالب الذي لا ينفك كلما كان في مجلس حبيبه يتطلع إلى وجهه الشريف عليه الصلاة والسلام، كأنما يريد أن يفسر كل لمحةٍ من لمحات المعلم، كل همسة شفة، كل بسمة، كل نظرة، إنه الآن بعد أن عرف بمرض رسول الله عليه الصلاة والسلام ينتقل بذهنه إلى يوم الموقف الأخير على جبل عرفة، وربيعة بن أمية بن خلف أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع منه ثم يصيح بما يسمع بصوته الجهوري:

• أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا.

back to top