يحتفي المعرض الذي يقام للعام الثاني على التوالي بعطاء المرأة لاسيما المرأة العربية، ويبرز ملامح حضورها اللافت عبر العصور، كفاحها اليومي في مواجهة التمييز، دخولها مجالات غير مسبوقة، إضاءة دورها في هذا المشهد الإنساني وتتابعه التاريخي منذ عصور ما قبل الميلاد لغاية الآن.
بين القديم والحديث
ينطلق المعرض، حسبما يقول عبد الرحمن لـ «الجريدة»، من المزج بين التاريخ المصري القديم والحديث بأسلوب تصويري معاصر، ويتناول حضور المرأة في هذا العالم، عطاءها على مر العصور ومجابهتها للسلبيات والتهميش، لاسيما في دول العالم الثالث، وينبع من حب وتقدير للأم والزوجة والأخت والإبنة والحبيبة، وحقهن في حياة كريمة.يعتبر عبد الرحمن أن المرأة سر الكون الأساس، وفي التاريخ القديم، أسبغ عليها الفراعنة ألقاباً رفيعة من بينها: «سيدة الكون، سيدة البيت، المباركة وملكة المجتمع»، ولاقت الإعجاب والاحترام مثل «نفرتيتي» و«حتشبسوت» وكانت الأخيرة أول امرأة حاكمة في العالم. يضم المعرض 20 لوحة بخامات مختلفة، وتمثالا واحداً لـ «حتشبسوت» أقوى ملكات مصر الفرعونية، وهو أول معرض خاص للفنان رضا عبد الرحمن في نيويورك، بعد نجاح معرضه «عيون فرعونية» العام الماضي في واشنطن، فضلا عن مشاركته في معارض جماعية في الولايات المتحدة الأميركية على مدار السنوات الثلاث الماضية.استلهام التراث
يجسد « اختراق» صورا جمالية متنوعة لقضايا المرأة، لحظات الانكسار والانتصار، نضالها على مدار قرون ضد التمييز وعدم المساواة بين الجنسين، أبرز الرائدات في العمل السياسي والأكاديمي، ودورهن في اكتساب النساء لحقوقهن المشروعة، الانخراط في فضاء العمل، ومشاركتهن الرجال في حركة البناء والتحديث منذ أربعينيات القرن الماضي. أشاد الحضور بأعمال رضا عبدالرحمن، ولغته الفنية الزاخرة بالرموز والإشارات التاريخية، وتميزه بين أقرانه في استلهامه، على نطاق واسع، من موروثه الحضاري في مصر القديمة والحديثة، وإعادة صياغته وتوظيفه في إنتاج فني متفرد وجريء، مستنداً إلى أحداث اجتماعية وسياسية واقتصادية وتاريخية راهنة، وقضايا أساسية في المشهد العربي الراهن. يشير الناقد محمد طلعت إلى أن أعمال رضا عبد الرحمن، تشي بمخزون بصري ثقافي، وخبرات جمالية ترتكز على خصائص بيئية وحضارية، وطرح أفكار إنسانية واجتماعية ملحة، وتحمل إلى الرائي رسائل وجدانية متدفقة، وتشكل الوعي نحو مسارات التسامح والإخاء في المجتمعات البشرية.فنون وحضارات
يستحضر الفنان رضا عبد الرحمن فضاءه التصويري الأثير، تناغم الفكرة الرئيسة وجماليات السرد التشكيلي، استلهامه لخصائص البيئة المصرية والحضارة الفرعونية، طرح مضامين غير تقليدية، التركيز على قضايا إنسانية معاصرة، رصد لأهم ملامح التغيرات السلوكية في الحاضر، وتوجيه رسائل صادمة لوعي متكلس. سبق « اختراق»، معرض «الحما» في بداية العام الحالي، تناول فيه من منظور جمالي وفلسفي علاقة الإنسان بالكائنات الأخرى، وتضمن دعوة لتعامل برقي أكثر مع الحيوانات بأنواعها كافة، من خلال معالجات مختلفة لهذا الكائن، ودورة حياته المتمثلة في الصبر والشقاء وتحمل المعاناة وقسوة البشر.التسامح وحوار الحضارات
يعلي الفنان رضا عبد الرحمن من قيمة التسامح والحوار بين الحضارات في جل أعماله، ذلك أن مساهماته على الصعيدين المحلي والدولي، ودوره كقوميسير للمعرض الدولي الذي ينطلق من مصر كل عام «كارفان» في رسالة فنية تدعو إلى إعلاء قيم إنسانية راقية، تتبنى مبادئ التكامل والتسامح والحوار بين الحضارات والأديان.يذكر أن الفنان رضا عبد الرحمن حاصل على دكتوراه في «الفلسفة في الفنون الجميلة»، وله معارض خاصة وجماعية محلياً ودوليا، وأقام أول «سمبوزيوم» دولي للتصوير في القاهرة عام 2007، واقتنت أعماله لدى مؤسسات وأشخاص داخل مصر وخارجهاأعماله.