بات برميل النفط الأميركي، الذي يدور في فلك الـ45 دولاراً، جاذباً لجزء لا بأس به من شركات النفط الصخري للعمل والإنتاج، مما يعني في المحصلة زيادة في إنتاج أميركا من النفط.

وبلا شك، فإن ما يحصل في أميركا يؤثر على العالم، لأن النفط الذي لا تنتجه الولايات المتحدة، تشتريه من الخارج، ما يؤثر بوضوح على مستويات الفائض من المعروض لنفط "أوبك"، وينعكس بالتالي على أسعار نفط "أوبك" مباشرة، ولا يقل الدور الكندي، أهمية عن النفط الصخري الأميركي، وبالطبع، فإن ارتفاع صادرات كندا النفطية إلى أميركا، كان على حساب نفط "أوبك".

Ad

ويرى المراقبون، أن الدروس المستفادة مما يحدث من تغيير جذري لصناعة النفط في أميركا الشمالية، تتمثل في أن دول "أوبك" عليها أن تتعايش مع أسعار نفط عند حوالي 50 دولاراً للبرميل، وإلا فإن عليها تحمل منافسة النفط الصخري والرملي كمنافس قوي، وربما تطول فترة المنافسة.

ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن النفط الصخري فرض واقعاً جديداً، هو أن "أوبك"، لم تعد من يحدد سقف الأسعار، بل أصبحت كلفة إنتاج النفط الصخري أحد أهم الأساسيات في السوق النفطية، وأن على "أوبك" الآن ضمان بقاء الأسعار أقل من الـ50 دولاراً، لئلا تتعرض للمنافسة القوية منه.

ويترقب المحللون حالياً الصين والأرجنتين، فهما يعدان لبدء نسخ التجربة الأميركية بإنتاج النفط غير التقليدي، إذاً أصبح هذا النفط ومع تطور التقنيات واقعاً على "أوبك" وروسيا ويجب التعايش معه.

الصين والأرجنتين

وبحسب تقرير المعهد الفرنسي للهيدروكربون غير التقليدي، فإن الأرجنتين تملك ثاني أكبر احتياطات الهيدروكربونات غير التقليدية، والاحتياط المحتمل يُقدَّر بنحو 27 بليون برميل من النفط الصخري، أي هو كافٍ للاستهلاك الداخلي الأرجنتيني لـ100 سنة، و22 تريليون متر مكعب من الغاز الصخري، الذي سيفي بالاستهلاك الداخلي الأرجنتيني لـ 400 سنة.

وأشار التقرير إلى أن هذا الاحتياط الضخم يقع في حوض فاسا موريتا، وحُفِرت حتى الآن 300 بئر، ويبلغ الإنتاج الحالي لكونسورتيوم يضم "شيفرون" و"الشركة البترولية الفنزويلية" نحو 50 ألف برميل يومياً من النفط الصخري ونحو 1.5 بليون متر مكعب سنوياً من الغاز الصخري.

وُيتوقَّع زيادة كميات الإنتاج في شكل ملحوظ خلال السنوات المقبلة، خصوصاً أن ربحية الغاز ممكنة عند سعر سبعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

ويفيد التقرير بأن الصين دولة واعدة في مجال الهيدروكربون غير التقليدي، خصوصاً لاحتياطات الغاز الصخري، إذ تُقدر الاحتياطات الغازية بنحو 31 تريليون متر مكعب (كافٍ للاستهلاك الداخلي لـ 160 سنة)، وتُقدَّر احتياطات النفط الصخري بنحو 32 بليون برميل (تفي بالاستهلاك الداخلي الصيني لثماني سنوات). وبدأت عمليات الاستكشاف والإنتاج بإشراف شركة "سينوبك" الصينية. وبدأ إنتاج الغاز الصخري في إقليم سيشوان بمعدل خمسة بلايين متر مكعب سنوياً.

الكلفة العالية

ويتساءل البعض: لماذا ما زال نفط الرمال في كندا والنفط الصخري في أميركا وبعض الحقول العميقة ذات الكلفة العالية ينتج نفطاً رغم الأسعار التي تعتبر أقل من كلفة الإنتاج؟

ولو نظرنا إلى أميركا، التي تنتج حوالي 4 ملايين برميل يومياً من النفط الصخري من أماكن وحقول مختلفة ذات كلفة إنتاجية مختلفة، فعلى سبيل المثال كلفة إنتاج "إيغل فورد" و"باكن" أقل من الحقول الصخرية الأخرى لذلك انخفض إنتاج أميركا من النفط الصخري بحوالي 70 ألف برميل يومياً ربما من الحقول باهظة الكلفة.

إلا أن المراقبين يذكرون أن بعض الحقول الصخرية في أميركا، ما زالت مجدية اقتصادياً حتى تحت سعر 30 دولاراً للبرميل، وهو ما تضح من ارتفاع في عدد الحفارات في بعض الحقول, وهو ما دللت عليه شركة "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة في آخر تقرير لها، بأن شركات إنتاج النفط الأميركية أضافت حفارات نفطية جديدة، وأن المنتجين أضافوا 15 حفاراً نفطياً الأسبوع المنتهي في 12 أغسطس، ليصل العدد الإجمالي للحفارات إلى 396 حفاراً مقارنة مع 672 قبل عام.

وقد لا تستطيع الشركات المنتجة إيقاف الإنتاج بحكم ارتباطها وتورطها بديون وفوائد بنكية، لذلك تنتج ما تستطيع إنتاجه. كما أن هناك أسباباً أخرى كارتفاع الكلفة في بدايات الحفر، وبعد الانتهاء من حفر البئر وتجهيزه تصبح التكاليف التالية قليلة، وهذا أحد أسباب استمرار بعض شركات النفط الصخري في الإنتاج.