استمرارا للمحاولات المصرية لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، علمت "الجريدة" أمس أن وفدا إسرائيليا رفيع المستوى زار القاهرة أمس الأول، في زيارة قصيرة استغرقت عدة ساعات، التقى خلالها عددا من كبار المسؤولين المصريين، لمناقشة مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي التي أطلقها مايو الماضي، لاستئناف التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.وقال مصدر مصري مطلع لـ"الجريدة" إن الوفد الإسرائيلي ضم ستة من كبار المسؤولين الإسرائيليين، وناقشت الزيارة تفاصيل مبادرة السيسي التي دعا فيها إلى عقد اتفاقية سلام بين الجانبين، مشيرا إلى أن الزيارة تأتي تمهيدا لزيارات أخرى، وصولا لاتفاق يقضي بدخول الفلسطينيين والإسرائيليين في جلسات مباحثات مباشرة برعاية مصرية، والتي من المقرر أن تتخللها زيارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمصر.
وربط السيسي 17 مايو الماضي، بين تطوير العلاقات المصرية الإسرائيلية لتصبح "أكثر دفئا"، وإيجاد حل للقضية الفلسطينية، ووقعت مصر الرسمية معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979، إلا أن فكرة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي ظلت مرفوضة شعبيا.في السياق، قال مصدر رفيع المستوى لـ"الجريدة" إن الوفد الإسرائيلي ناقش في القاهرة الأوضاع الأمنية شمال سيناء، بينما رفضت مصر طلبا إسرائيليا بزيادة قوات حفظ السلام الدولي، فيما تمسك الجانب المصري بمطالب الإفراج عن 225 أسيرا فلسطينيا في السجون الإسرائيلية، ووقف الاستيطان مدة 6 أشهر، لاستمرار القاهرة في وساطتها لإقرار السلام بين الطرفين، كاشفا أنه من المقرر إجراء لقاء فلسطيني إسرائيلي في مصر سبتمبر المقبل.
الروس في مصر
في الأثناء، بدأ وفد أمني روسي زيارة لمنتجع شرم الشيخ أمس، وعلمت "الجريدة" أن الجانب الروسي أكد استئناف حركة السياحة إلى مدينة شرم الشيخ اعتبارا من أكتوبر المقبل، بعد تعليقها عقب سقوط طائرة روسية في سيناء أكتوبر الماضي، ما أسفر عن مقتل جميع ركابها الـ224.وكشف مصدر رفيع المستوى لـ"الجريدة" أن الوفد الروسي اطلع على الإجراءات الأمنية في مطار شرم الشيخ، وتأكد من عمل أجهزة الكشف عن المفرقعات وأجهزة التصوير، إضافة إلى مراجعة تأمين المنشآت السياحية التي يتردد عليها السياح الروس في شرم الشيخ والغردقة، كما سمحت القاهرة لموسكو بوجود فردي أمن مسلحين على متن كل طائرة روسية قادمة لمصر، فضلا عن إنشاء مقر أمني روسي في مطاري القاهرة وشرم الشيخ مدة 6 أشهر.بدوره، أكد الخبير في الشؤون الروسية محمد فراج أن عودة السياحة الروسية تشترط حل المشكلات الأمنية في مصر أولا، وبضمان عودتها ستعود معها الطائرات الروسية، وقال لـ"الجريدة": "خسارة قطاع السياحة المصرية للسائح الروسي يتحملها الطرفان وليس الطرف المصري وحده، لأن شركات السياحة الروسية تحقق أرباحا كبيرة منها".انتقادات «بلومبرغ»
ومع استمرار الأزمة التي تعصف بالاقتصاد المصري، توالت الانتقادات الغربية لأداء نظام الرئيس السيسي في قيادة عجلة الاقتصاد المصري، وبعد أيام من الهجوم الحاد لصحيفة "الإيكونومست" البريطانية على إدارة السيسي، دخلت وكالة بلومبرغ الأميركية على الخط أمس الأول، بقولها إن سياسات السيسي كان لها دور رئيسي في الضغوط التي يعانيها الاقتصاد.وعبر مصدر رفيع المستوى عن استيائه إزاء ما سماه بـ"عدم موضوعية" تقرير "بلومبرغ"، مضيفا لـ"الجريدة": "الوكالة انتهجت نفس نهج الإيكونومست في الهجوم على مصر ورئيسها بشكل واضح، ما يكشف عن استهداف الدولة المصرية بشكل سافر ومفضوح، لأنها تجاهلت العديد من النجاحات والإنجازات التي تحققت على مدى عامين فقط".وأردف المصدر: "تقرير بلومبرغ مثله، مثل تقرير الإيكونومست قائم على التحليل الركيك والقراءة السطحية للاقتصاد المصري، وطبيعة التحديات التي تواجهه، متجاهلة كل إنجازات المشروعات التنموية والخدمية والاستقرار الأمني".وكانت "بلومبرغ" قالت في تقرير نشرته على موقعها الرسمي إن حزمة التمويل الموجهة لمصر، التي أعلنها صندوق النقد الدولي مؤخرا، بقيمة 12 مليار دولار، تمثل مساعدة ضرورية للاقتصاد المصري، في ظل ما يعانيه من تباطؤ، لكنها أشارت إلى أنه رغم تلقي حكومات السيسي مساعدات سابقة من الخليج فإنها لم تحسن وضع الاقتصاد، وقالت إن "الكثير من اللوم يمكن أن يوضع مباشرة على السيسي".وأشارت "بلومبرغ" إلى أن الرئيس المصري "بدد حزم المساعدات على المشروعات الكبرى المشكوك في أهميتها، والتي تشمل التوسع الضخم في قناة السويس"، ما قلل فرص الإنفاق على البنية الأساسية الحيوية في البلاد، وان الأزمة الاقتصادية نحَّت مشروع بناء عاصمة جديدة بتكلفة 45 مليار دولار، وهو المشروع الذي يتحمس له السيسي بشكل شخصي.وبينما رأت أستاذة الاقتصاد في جامعة عين شمس يمن حماقي أن تقرير "بلومبرغ" يفتقد التقييم الموضوعي، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر صلاح الدين محمود: "الاقتصاد المصري يتعافى ببطء، ولابد من العمل بقوة دون أيد مرتعشة لكي نخرج من هذا المأزق، خاصة أن عدم الاستقرار الأمني يضعف انطلاقة الاقتصاد المصري".إلى ذلك، نفى رئيس الحكومة شريف إسماعيل ما تردد في وسائل الإعلام حول تسريح 3 ملايين موظف بالجهاز الإداري للدولة، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، قائلا في تصريحات إعلامية: "لا صحة لهذه الأنباء"، مؤكدا إجراء انتخابات المحليات قبل نهاية العام الجاري.