الفنانة الشعبية الكويتية الراحلة عودة المهنا تعد أحد أعلام الفن الشعبي في الكويت والخليج العربي لمساهمتها في تأسيس أول فرقة شعبية فلكلورية نسائية في البلاد في منتصف خمسينيات القرن الماضي ولتميزها بحنجرة قوية مكنتها من أداء جميع ألوان الغناء الشعبي.

Ad

والفنانة عودة المتوفاة عام 1984 اسمها الحقيقي جوهرة بشير معيوف المهنا وسميت (عودة) تيمناً باسم جدتها التي كان يطلق عليها لقب «العودة» أي الكبيرة وقد بدأت الغناء وهي في الخامسة عشرة من عمرها ضمن فرقة خالتها هدية المهنا ثم ما لبثت أن أصبحت قائدة الفرقة وسميت باسمها (فرقة عودة المهنا) وذلك بعد وفاة الفنانة سعاد البريكي التي تولت قيادتها بعد وفاة خالتها.

وقدمت الفنانة الراحلة العديد من فنون الغناء الشعبي كالخماري والقادري كما أجادت العزف على العود بالإضافة إلى تقديم بعض الأغاني من دون استخدام الأدوات الموسيقية والتي تميزت بالتفرد مثل (قرقيعان الأولاد) و(قرقيعان البنات) و(هدهدة الطفل) و(دق الهريس) و(صاجة ويا صاجة).

وكان للفنانة العديد من المشاركات الفنية منذ عام 1955 حين شاركت على خشبة المسرح بالكويت في مسرحية (امة نذر) للمخرج محمد النشمي ومسرحيتي (مطر صيف) و(سكانة مرته) من إخراج عبد الرحمن الضويحي.

وفي عام 1957 شاركت في فيلم عن تقاليد وعادات الزواج في الكويت كما شاركت في عام 1960 مع فرقتها في أول كورال نسائي مع الفنان شادي الخليج في أغاني (لي خليل حسين) و(فرحة العودة) و(حبيبي راح).

وشاركت فرقة (عودة المهنا) في العديد من المناسبات الرسمية والشعبية والاحتفالات بالأعياد إذ لا تكاد تمر مناسبة إلا كانت حاضرة الى جانب احيائها الأفراح والأعراس واشتهرت باغنيتها (عليه سعيد ومبارك) التي لاتزال تغنى في أعراس الكويتيين.

وتألقت فرقة (عودة المهنا) عن الفرق التي سبقتها ومنها فرق (أم عنتر الجيماز) و(ريدة الثاجب) و(خديجة الجيماز) وفرقة جدتها (خديجة المهنا) كما شهدت منافسة من فرقة (أم زايد) إلا أن فرقة (المهنا) كانت أكثر تميزاً في الكثير من الفنون خاصة فن الخماري لما تملكه من صوت رخيم وقوي وأداء متميز ومعرفة واسعة بالتراث الغنائي الكويتي.

وتغنى بالفنانة المهنا في ذلك الوقت عدد من الشعراء ومنهم زيد الحرب وفهد بورسلي الذي قال فيها «قالت الزينة وهي بالفن.. تشهد لها كل فنانة.. الطار في جفها لي حن.. يذكر القلب خلانة».

ومن أشهر أغاني الفنانة المهنا أغنية (توب توب يا بحر) التي تناجي فيها البحر وتطلب منه إعادة أبناء الكويت الذين يطول غيابهم عند الخروج إلى الغوص لجلب اللؤلؤ بحثاً عن الرزق.

ومن أحب الأغاني إليها ما كانت تؤديه من أغاني الفنان الراحل عوض الدوخي لما تحمله من روح الأصالة والتراث فقد شاركت معه في بعضها مثل (ألا يا صبا نجد) و(قل للمليحة في الخمار الأسود).

وكانت الفنانة المهنا تجتمع مع زملائها القدامى في جمعية الفنانين الكويتيين التي كانت أحد مؤسسيها ولها العديد من المواقف الجيدة مع كل الفنانين لاسيما في دعم مطربي جيلها.

كما كانت تقدر التجديد في الغناء لاسيما لدى المطربين الجدد الذين حاولوا استلهام أغانيهم وموسيقاهم من الفن الشعبي القديم الذي يعتمد على الألحان القديمة.

ورحلت الفنانة عودة المهنا في عام 1984 بعد سنوات طويلة من العطاء إثر داء في الصدر اضطرها للسفر إلى الخارج لعلاجه إلا أنها فارقت الحياة بعد عودتها من رحلة العلاج لتجدد إصابتها بالمرض.

وقد قامت إحدى الشركات الكويتية بإطلاق الفنانة عودة المهنا على أحد مبانيها في منطقة حولي ووضعت نبذة تعريفية عنها عند مدخل المبنى الرئيسي تكريماً لها ولما قدمته للفن والتراث الشعبي الكويتي الأصيل.