«قطية» شركة نفط الكويت تكشف عقم الابتكار
مبادرة «مخجلة» تصلح للدول المنكوبة
كم وصلت قيمة «قطية» موظفي شركة نفط الكويت لتكريم الرامي فهيد الديحاني الحائز ميدالية ذهبية في ريو 2016؟هذا السؤال ليس دعابة، بل حقيقة، مفادها بأن أعرق شركة نفطية في دول الخليج وأهمها، خاطبت العاملين لديها بشأن فتح باب المساهمة في تكريم البطل الكويتي، فما الرسائل التي يمكن استنتاجها من هذه الخطوة، فهل يا ترى أصبحت الشركة النفطية عاجزة أو متعثرة مالياً، إلى درجة تمنعها من تكريم المتميزين من أبناء الكويت، حتى تتم الاستعانة بالعاملين لديها والاقتطاع من رواتبهم لهذه الغاية. أم أن هناك عجزاً فكرياً وعقماً في الابتكار، وعدم إلمام بمركز الشركة ومكانتها، والتي تفتقر لمعرفة كيفية تقديم مفهوم المسؤولية الاجتماعية بالشكل المطلوب الذي يليق بكل حدث. يأتي ذلك وسط إجماع على أن الديحاني وحّد فكر القيادة في شركة نفط الكويت، التي لم تفرق بين من شارك بالإضراب الأخير وبين من لم يشارك، حيث ميز القطاع بمكافأة من لم يشارك بالإضراب.
لكن من الواضح، أن الشركة النفطية تعاني، كما القطاع كافة، مشاكل في العنصر البشري، ومن المؤكد أن الابتكار هو الذي ينشّط المؤسسة و يبعث فيها روح التقدم والتطور، وعلى الإدارة العليا في الشركة، وضع استراتيجية للتعامل مع هذه المبادرات والإبتكارات، لاستيعابها، وترغيب العاملين على تقديمها، لكن هذا الأمر مفقود.وعلق أحد العاملين على هذه المبادرة «المخجلة» بحق الشركة قائلاً: إن من تبناها، نسي أن مثل هذه المساهمات عادة ما تكون للدول المنكوبة التي تحتاج لمن يعاونها، وهنا يدخل العامل الإنساني لدى كل موظف في تبرعه لهذه الدول المتضررة، أما ما قامت به الشركة أخيراً هو عدم تقدير من قبلها للموقف والحدث الذي أسعد الكويتيين جميعاً، لكن هذا الأسلوب قد نغّص الفرحة على العاملين بالشركة، التي تنتج وتستكشف النفط، ولديها مشاريع مليارية. ويعتقد البعض من المديرين أن مسألة المبادرات الخلاقة والابتكار، مسألة شخصية تعود للأفراد أنفسهم، وبالكيفية التي يتعاملون مع المشاكل متجاهلين أي دور للمؤسسة في التشجيع والتحفيز لإيجاد مناخ ملائم لنمو مثل هذه المبادرات. وهذا ليس صحيحاً.كما أن الحماية الإدارية هي الحد الذي تقوم به الإدارة لتحفيز موظفيها على الإبداع والمبادرات الخلاقة، وغرس هذه الفكرة لديهم، بأن الإبداع هو جزء من وظيفتهم وواجبهم اليومي، الذي يجب عليهم القيام به كسائر واجباتهم المهنية في المؤسسة.فشركة نفط الكويت اليوم فقدت مبدأ الاستيعاب السريع للأفكار الخلاقة والأطروحات المفيدة أو تلك، التي يمكن أن تكون مفيدة بشكل مبدئي.وعلى الشركة البدء في التعرف على الذين لديهم القابلية والقدرة على طرح مثل هذه المبادرات وإنجازها و تطويرها.ويمكن القول، إن القطاع النفطي عموماً، وشركة نفط الكويت خصوصاً، بشكله الحالي ووضعه الراهن، ليس بإمكانه النهوض والتقدم، إذا لم تبادر جدياً وجذرياً بإصلاح نفسها وقواعدها الإدارية.اليوم يعلم الجميع أن شركة نفط الكويت، تعمل على تنفيذ خطة طموحة تتمثل ببرامج رأسمالية متعددة بميزانية تعادل 12 مليار دينار للسنوات الخمس المقبلة، تتضمن إنشاء وتشغيل أكثر من 500 مشروع رأسمالي (حالي ومستقبلي)، فكيف ستسوق لهذه المشاريع للمجتمع، الذي يتابع بين الفترة والأخرى عدم قدرة الشركة في إنجاز بعض ما ترسمه من خطط؟ فهل ستطلب مستقبلاً من أفراد المجتمع المساهمة بأموالهم لإنجاز هذه المشاريع، كما طلبت من موظفيها المساهمة في تكريم البطل فهيد الديحاني؟