تشهد ليلة 11 سبتمبر 2016 من {مهرجان إيل دو فرانس} حفلة موسيقية تحييها السوبرانو باتريسيا بوفي، السوبرانو فرانسواز ألتان، والكونترالتو فاديا طنب الحاج. ثلاثة أصوات استثنائية، تقدم أغاني من الكتاب المقدس شرقية وغربية، أغاني صوفية، وأخرى مستوحاة من نشيد الأناشيد... هذه الأغاني المنبثقة من التراث الشفهي للبحر الأبيض المتوسط، تشعّ بالضوء نفسه، وترتفع بالمستمع إلى مكامن متسامية.

كرّست باتريسيا بوفي وفاديا طنب الحاج، وفرانسواز أتلان، فنهن للسمو بالنفس وعكس الثقافات المنبثقة من البحر الأبيض المتوسط، وتفاعلها على مرّ العصور.

Ad

خلال أمسية {صوت مقدس}، تأخذ الفنانات الثلاث المستمع إلى رحلة لاكتشاف الأغاني الصوفية وتلك المنبثقة من سفر نشيد الأناشيد، وترانيم دينية مسيحية من الشرق والغرب... ذلك كله وسط أجواء من التعايش والانطلاق نحو الآخر، وأجواء من الصوفية الفرحة وصدق الإيمان، التي تتجاوز العصور والحضور والعقائد والمشاعر.

تمتاز فاديا طنب الحاج بأنها مزجت في فنها بين تقنيات الصوت الغربية والشرقية. بداياتها الفنية كانت مع الأخوين رحباني في مجموعة من الأغاني المنفردة لها، ثم سافرت إلى ميونيخ وتابعت دراستها وتخصصت في موسيقى القرون الوسطى. أسست مع شقيقتيها رونزا وأمال طنب الثلاثي TriOrient بهدف تقديم أغانٍ تقليدية لبنانية وفولكلور وموشحات عرفت بها منطقة الشرق الأوسط... ابتداء من 1989 جالت في أنحاء العالم حيث أحيت حفلات، وشاركت في مهرجانات عالمية، وفي مهرجانات بعلبك الدولية في لبنان...

أضواء القاهرة

تحت عنوان {أضواء القاهرة} تندرج أمسية 2 أكتوبر 2016 من المهرجان. تقدمها الفنانة جاهدة وهبي، وتتضمّن مجموعة من الأغاني لأم كلثوم، أسمهان، سيّد درويش، محمد عبد الوهاب، عبدالحليم حافظ، لور دكاش وليلى مراد... وذلك في تحية وفاء لهؤلاء الذين صنعوا مجد الأغنية العربية في النصف الأول من القرن العشرين، وللأصوات النسائية التي جعلت من القاهرة مركز إبداع فني في الشرق الأوسط.

وسط هذا الموزاييك الفني الفريد، يبدو صوتان متناقضان: أم كلثوم، صوت مصر، التي تجسد القوة والعظمة، ومنافستها أسمهان صاحبة العينين الزمرّدتين والشخصية المضطربة.

طبعت كوكب الشرق أم كلثوم تاريخ الأغنية الكلاسيكية في العالم العربي، مع ذلك كان لهذه الأسطورة منافسات، إلا أن أسماء بعضهن وأعمالهن لم تتجاوز البحر المتوسط، فيما سطعت هي في سماء الشرق والغرب، إلا أنهن جميعهن كان لهن دور في الإشعاع الثقافي الذي شهدته القاهرة في النصف الأول من القرن العشرين، لا سيما أسمهان التي قدّمت مجموعة من الأغنيات الخالدة من تلحين كبار الموسيقيين في تلك الفترة من بينهم شقيقها فريد الأطرش، وكان مقدراً لها أن يزداد توهجها لولا أنها توفيت غرقاً في نهر النيل عن عمر 27 سنة. أما ليلى مراد فأغنت المكتبة الموسيقية بأغان جميلة لا تزال الأجيال ترددها، رغم أنها اعتزلت الفن وهي في عز عطائها.

يبقى أن جاهدة وهبي شاعرة وكاتبة وممثلة لبنانية تأثرت بهؤلاء العمالقة، وبkهم تأخذ المستمع في رحلة عبر الزمن للغوص في نتاجهم الغنائي الذي يتراوح بين الطرب والأغنية والأوبريت.

خريف حافل

بين سبتمبر وأكتوبر في كل سنة، يشارك نحو 25 ألف شخص في المهرجان الثقافي في {إيل دو فرانس}، ويكتشفون ملامح من التراث ليس مفتوحاً للجمهور (قصور، كاتدرائيات، سيرك، معامل قديمة، وحدائق رائعة)،

ويستمعون إلى حفلات موسيقية خارجة عن المألوف وتحفل بعالم لامتناهٍ من الذكريات.

يتضمن برنامج المهرجان، تظاهرات ثقافية، أمسيات موسيقية: ورش عمل، زيارات، لقاءات، محاضرات، ندوات، أمسيات شعرية...