أكد المنتج محمد العدل أن ارتفاع سعر الدولار بالنسبة إلى صناعة السينما أمر مربح في حالة البيع الخارجي فحسب، ولكن ذلك أصبح أمراً نادراً نظراً إلى القرصنة التي تعد آفة السينما المصرية راهناً. تابع: {يُسرق الفيلم من دور العرض بمجرد نزوله، من ثم بات البيع الخارجي وللقنوات الفضائية صعباً جداً، ولهذا لم يستفد المنتج من ارتفاع سعر الدولار}.وأضاف العدل أن ارتفاع سعر الدولار أو انخفاضه مشكلتان كبيرتان، إذ تزيد تكلفة الصناعة بدرجة كبيرة من أجور وديكورات وخامات، ما يضرّ بالصناعة، خصوصاً أنها في السنوات الأخيرة تعاني حالة كساد، إضافة إلى أن الدولة تخلت عنها من فترة طويلة، حتى صارت في حالة حرجة وتحتاج إلى إعادة هيكلة واهتمام كبير من الدولة.
في السياق نفسه، أكّد المنتج صفوت غطاس أن السينما المصرية اليوم في حالة موات، والإنتاج المصري، سواء في السينما أو الدراما، يحتضر ويحتاج إلى غرفة العناية المركزة. كذلك أشار إلى أن ارتفاع الدولار كان سيصبح ميزة في حالة البيع الخارجي، ولكن المشكلة التي ستواجه المنتج هنا أن الموزعين المسؤولين عن شراء أعمالنا في الخارج ليسوا أغبياء، بل على دراية بسعر الدولار وارتفاعه، فسيدفعون بلا زيادة أو نقصان. إضافة إلى أن الموزعين ليسوا مجبرين على شراء المنتج المصري كما في السابق، فقد أصبحت المنافسة شرسة وحادة مع الأعمال الدرامية السورية والتركية والخليجية والصينية والهندية... وكلها صارت بجودة وتقنية عالية وأرخص من المنتج المصري ولا عزاء له.وأضاف غطاس أن الظاهرة الجديدة التي انتشرت كالنار في الهشيم هي مطالبة العمالة والفنيين بزيادة أجورهم، من دون أي سبب أو مناسبة إلا ارتفاع سعر الدولار، لذا {نحن فعلاً إزاء كارثة كبرى، فمن كان أجره من الفنانين الصغار 30 ألف جنيه العام الماضي سيطلب هذا العام 130 ألف جنيه}.أرى المنتج عصام شعبان بدوره أن التكلفة الإنتاجية ستتضاعف في ما يتعلق بالخامات والديكورات ومجمل المواد الخام، وينطبق الأمر نفسه في حالة التصوير خارج مصر، {فبدلاً من 100 ألف سندفع الأضعاف في سبيل الحصول على الخدمة نفسها التي كنا نحصل عليها. وفي المقابل، لم يزد علينا شيء إلا الأجور والميزانيات، ذلك كله في حين تعجز القنوات التي تشتري المسلسلات عن الدفع للمنتجين، وتضطر إلى السداد على دفعات بالأجل، ليصبح المنتج في مذبحة من الخارج والداخل}.
كارثة
المستشار الإعلامي للشركة العربية للإنتاج عبد الجليل حسن أكد أن المشكلة لا تنحصر في أزمة الإنتاج والتكاليف والعمالة والارتفاع في أجور الفنيين والفنانين، فثمة أيضاً تكاليف الطبع والتحميض في الخارج، وقال: {مثلاً، الفيلم اللذي كانت تكلفته 600 ألف جنيه تضاعفت وتخطت حاجز المليون جنيه أمام الارتفاع الرهيب لسعر الدولار، من ثم فإن الاعتقاد بأن البيع الخارجي (الذي أصبح محدوداً جداً) سيعوض الخسارة ليس صحيحاً، ذلك بسبب فارق التكلفة في مراحل الفيلم المختلفة، بالإضافة إلى استيراد معدات العرض السينمائي من الخارج وتحديث الموجود منها لدينا من شاشات وتجهيز القاعات بأجهزة الصوت والإضاءة والعرض، والتي هي في تطور مستمر وكبير حول العالم}. وأكد أن أصحاب دور العرض في ورطة مروعة وكارثة محققة. في السياق نفسه، رأى المنتج محمد فوزي أن الأمر أصبح في غاية الصعوبة، وعلى المنتجين أن يتكاتفوا ليقللوا من طلبات الأجور المتزايدة من الفنيين والعمال، فإيقاف هذا النزيف سيعود بالنفع على الصناعة وإلا ستتوقف الأخيرة، لأن التكاليف أصبحت باهظة سواء ما يتعلق منها بالتصوير الخارجي أو بفريق العمل أو خلافهما، وبالتالي فإن الصناعة فعلاً أصبحت مهددة بالانقراض أمام هذا الارتفاع الرهيب للدولار والأسعار والأجور.تأثير محدود
أوضح الناقد نادر عدلي أن تأثير ارتفاع سعر الدولار على السينما محدود وإيجابي في مصلحة المنتج، وقال: {في التوزيع الخارجي يتم التعامل بالدولار بغض النظر عن القيمة بالمصري}. وأضاف أن مشاركة الأفلام في المهرجانات تُتيح لها فرصة العرض في الصالات السينمائية خارج مصر، ولا ننسى العرض في دول الخليج، وذلك كله يُترجم بالدولار، لذا فإن أي ارتفاع للسعر يأتي بالزيادة لمصلحة المنتج ويعوض من خلاله أية زيادة في تكاليف الطبع والتحميض والتصوير خارج مصر}. وذكر عدلي أن {في الفترة الأخيرة ارتفع ثمن تذكرة السينما لمواجهة ارتفاع سعر الدولار، فصناعة السينما المصرية تتميّز بأنها تخضع لقانون السوق، ولديها من المرونة ما يجعلها تتعامل مع أي وضع بكل سهولة}.