قباطنة سفن وخبراء آثار وبترول لا يعرفهم العراقيون... يرممون حكومة العبادي
مستقلون بلا خبرة سياسية أو انتماء حزبي يصبحون «وزراء الثورة»
لأول مرة منذ سقوط نظام صدام حسين، لم يعد العراقيون يعرفون وزراءهم في الحكومة، فحزمة الإصلاحات التي تحولت إلى عدة تغييرات وزارية مرتبكة منذ فبراير الماضي، لم تستقر على تشكيلة جديدة، إذ سبقها رشق حاد لنحو عشرة وزراء أحيلوا إلى التقاعد لمعالجة الترهل الحكومي وترشيد النفقات، إثر عجز الموازنة وانهيار أسعار النفط، ثم تلاها تصويت على وزراء جدد قامت المحكمة الاتحادية بإلغائه لاحقاً، ضمن تسوية سياسية، ونتج عن ذلك غموض وارتباك في الموقف القانوني حتى لاجتماعات مجلس الوزراء الذي بات ناقص النصاب.لكن حيدر العبادي رئيس الحكومة نجح في ملء جزء أساسي من الفراغ حين مرر خمسة وزراء، من الخبراء المستقلين سياسياً وغير المنتمين لأحزاب، رغم أنهم جاءوا بترشيح حزبي من المجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم أو التيار الصدري.وبين الوزراء قبطان عراقي مخضرم معروف بكتابة السير الذاتية للبحارة القدماء وتاريخ الملاحة في المنطقة، هو الكابتن كاظم الحمامي الذي يعمل مرشداً بحرياً للسفن العملاقة الأجنبية التي تدخل شط العرب، وقد عين وزيراً للنقل.
وإلى جانب هذا الوزير القادم من البصرة جرت المصادقة على وزير بصري آخر لحقيبة النفط، وهو جبار لعيبي، المهندس الذي يمتلك شعبية واسعة منذ كان مديراً لشركة نفط الجنوب، رغم أن كثيرين يحذرون من موقفه المعترض على عقود الاستثمار الأجنبي لحقول النفط.يضاف إلى هؤلاء وزير الموارد المائية حسن الجنابي الذي يعد خبيراً دولياً في شؤون المياه، ونجح أخيراً في إقناع اليونسكو بضم الأهوار العراقية إلى قائمة التراث العالمي، بما يضمن حمايتها من الجفاف. وجاء في القائمة خبراء آخرون مثل بروفيسور الكيمياء عبدالرزاق عيسى من مدينة الكوفة، وآخرون. لكن التخوف الذي يتداوله الوسط السياسي الآن هو أنه رغم خبرة هؤلاء وتميزهم في اختصاصهم، فإن الأحزاب ستحاول بطرق مختلفة بسط هيمنتها على قراراتهم التنفيذية والإدارية، خاصة أن الوزراء الجدد لا يتسلحون بخبرة سياسية كافية، كما أن شبكات الفساد المتغلغلة في الوزارات منذ فترة طويلة ستتمكن من التحايل على جهود مكافحة الفساد الإداري والمالي وتتفنن في عرقلة مشاريع الإنقاذ لحكومة شبه مشلولة ومفلسة ومتورطة في حرب قاسية مع تنظيم "داعش".ورغم ذلك فإن أطرافاً في الاحتجاج المدني المتواصل منذ شهور راحوا يطلقون على الوزراء وصف "وزراء الثورة"، قائلين إن الأحزاب لم تكن لترضى بخبراء من خارجها، لولا الضغط الشعبي المرشح للتصاعد.ويشير هؤلاء إلى أن التعديل الوزاري سيعطي الاحتجاج زخماً، ويثبت للمتظاهرين أن اعتراضاتهم لم تذهب سدى، وأنه من الممكن تصعيد هذه الممارسة للمطالبة بمحاسبة الفاسدين.وسيظل العبادي يواجه تحدياً أكبر، فهو ملأ الشواغر الوزارية المدنية، وبقي بلا وزير داخلية، إثر استقالة محمد الغبان الشهر الماضي، وعدم الاتفاق على بديل، كما أن وزير الدفاع معرض للتصويت بسحب الثقة الثلاثاء المقبل، نتيجة عاصفة الاتهامات المتبادلة بينه وبين رئيس البرلمان، وهو أمر سيتطلب تسوية سياسية عاجلة، وسط تقدم عسكري مهم تشهده قواطع العمليات جنوب نينوى.