عام مضى تقريباً على قرار إيقاف الرياضة الكويتية الذي اتخذ في أكتوبر الماضي، وكان وقعه كالصاعقة على الكويتيين، حيث تباينت الآراء حول الأسباب الحقيقية وراء الإيقاف ومن المسؤول عنه، فسمعنا وقرأنا عن اتهامات متبادلة بين الحكومة واللجنة الأولمبية وعدد من الاتحادات، لسنا في حاجة للخوض في تفاصيلها؛ لأن أغلب الناس يعرفونها، إنما سنحاول تحليل بعض المواقف التي ترتبط بهذه الأزمة، وكيف وصلنا إلى هذه الحال، وكيف يمكن الخروج منها.فقد كان رد فعل الحكومة في بداية الأزمة عاطفياً، حيث اعتبرت إيقاف الرياضة الكويتية قراراً تعسفياً وظالماً وحمّلت المسؤولية لعدد من الأشخاص والاتحادات التي تعبث في الرياضة الكويتية، ثم بدأت تعمل مع الأندية خلف الستار في رفع ٣٢ دعوى قضائية في المحكمة الرياضية "كاس" ضد قرار الإيقاف، رغم أن هذه الإجراءات تكلف مبالغ مالية كبيرة تتنافى مع السياسة التقشفية التي تنتهجها الحكومة مؤخراً، وكان يمكنها استثمار هذه الأموال بدعم الشباب الرياضيين الذين يئنون من أوجاع الإيقاف وضعف الدعم المالي، لكن الحكومة سارت في الاتجاه المعاكس وأصرت على تسويف الأزمة، والبحث عن كبش فداء لتبرير موقفها الذي فعلته بتدخلها في الرياضة، والدليل على ذلك اعترافها مؤخراً بسعيها إلى إعادة القانون السائد منذ عام 1978 إلى عام 2006 عقب فوز الكويت بميداليتين ذهبية وبرونزية في دورة الألعاب الأولمبية المقامة حالياً بالبرازيل.
أما مجلس الأمة فقد جعل الرياضة الكويتية إحدى قضاياه السياسية لمحاربة بعض الأطراف، دون الحذر من النتائج الكارثية على الرياضة والشباب الرياضيين، وبدلاً من الرجوع عن الخطأ وإعادة القوانين إلى ما كانت عليه بما يتوافق مع قوانين "الفيفا" أصر على المكابرة إلى ما لا نهاية، وخرج نواب مجلس الأمة كعادتهم بتصريحاتهم العنترية بأنهم سيكشفون المتآمرين على الرياضة الكويتية، وسيتم التحقيق معهم واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم، ولكننا سمعنا جعجعة بلا طحين، ولم نعرف المسؤول عن إيقاف الرياضة، ولم نسمع عن محاسبة شخص واحد، كما أن لجنة الشباب والرياضة ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ الموقرة شكلت وفداً شعبياً قام برحلة سياحية إلى عدة دول عربية وأجنبية بهدف إقناع اتحاداتها بالتصويت على رفع الإﻳﻘﺎﻑ لنفاجأ بعد ذلك أن 176 اتحاداً في العالم صوّتت ضد رفع الإيقاف عن الرياضة الكويتية.وللأسف الشديد علينا أن نعترف أن هناك متآمرين على الرياضة الكويتية من أبناء هذا الوطن، يرفعون شعار "عليّ وعلى أعدائي"، مع أنهم كانوا سبباً في هذا الإيقاف لمصالح شخصية ضيقة، وبهدف تصفية حسابات مع بعض الجهات وهؤلاء يعرفهم الكويتيون، ولن يسامحوهم على ما فعلوه وتسببهم في غياب رفع العلم الكويتي في المحافل الدولية، وخصوصاً دورة الألعاب الأولمبية المقامة حالياً في العاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو، كما أن هؤلاء بعنادهم هذا، وفي ظل استمرار إيقاف النشاط الرياضي سيتسببون في تجميد مشاركة منتخب الكويت في التصفيات المؤهلة إلى مونديال روسيا 2018 وكأس آسيا 2019 في الإمارات. في المقابل سطر أبطال الكويت الرياضيون إنجازاً تاريخياً بعد أن تعهدوا مع أنفسهم على أن يخرجوا الكويت من كبوتها الرياضية ويعيدوها للساحة العالمية مرة أخرى، حيث نجح الرامي فهيد الديحاني بالفوز بأول ميدالية أولمبية ذهبية في تاريخ الكويت، وبعده أكمل الرامي عبد الله الطرقي الفرحة بالفوز بميدالية برونزية، ليكون هذا الإنجاز ضربة قوية وموجعة للمتآمرين على الرياضة والمتقاعسين عن القيام بدروهم في رفع الإيقاف عنها، ورسالة تبكيت للحكومة على تباطئها وفشلها في التعامل مع هذه الأزمة وحلها، رغم أنه بإمكانها الاستعانة بخبراء الفيفا أنفسهم للخروج من هذا المأزق، وكذلك أيضاً رسالة تثبت أن شباب الكويت ورجالها قادرون على تحقيق المستحيل، وأنهم فقط يحتاجون إلى من يقف معهم، ويمد لهم يد العون، ويشجعهم ويحفزهم على المزيد من الانتصارات.
مقالات - اضافات
أبطال الرياضة وأقزامها
20-08-2016