تباينت آراء خبراء في مصر، بشأن جدوى اتجاه الحكومة إلى تحلية مياه البحر، في الوقت الذي تطارد البلاد مخاوف من حدوث فقر مائي، نتيجة تقلص حصة مصر المائية من "سد النهضة"، الذي يجري تشييده حالياً في إثيوبيا، وأضحى كابوساً يهدد "هبة النيل".

يبدو أن الحكومة المصرية لم يعد أمامها بديل لسد الفجوة المائية المتوقعة، سوى التوسع في مشروعات تحلية مياه البحر، وخاصة بالمحافظات الساحلية، في ضوء الاستراتيجية التي تنفذ خطة الرئيس عبدالفتاح السيسي، لإنتاج مليون متر مكعب من مياه البحر خلال العام الحالي عبر محطات التحلية الموجودة حالياً بالفعل، والتوسع في إنشاء محطات أخرى.

Ad

وعقدت الحكومة مع بعثة الاتحاد الأوروبي في القاهرة اجتماعا الأسبوع الماضي، تم الاتفاق من خلاله على وضع استراتيجية للعمل على مشروع تحلية مياه البحر.

وقال مدير برامج المياه في البعثة أيمن عياد، إنه يتم بناء محطة تحلية للمياه في منطقة "جبل الجلالة" بسيناء، لكنها تنتج 20 ألف متر مكعب من المياه، وهو رقم ضئيل، لذا يتم الآن إيجاد طرق بديلة لتحلية مياه البحر في المناطق الساحلية.

من جهته، قال رئيس الشركة القابضة للمياه ممدوح رسلان، إن هذا الاتجاه الحكومي يأتي في إطار قرار استراتيجي اتُخذ قبل ظهور أزمة سد النهضة، بهدف توصيل المياه إلى مناطق بعيدة مطلة على الساحل الشمالي والبحر الأحمر، متوقعاً إنشاء محطات لإنتاج مليون متر مكعب من مياه البحر، خلال العام الحالي لتغطية هذه المناطق.

وثمَّن أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر صلاح الدين محمود، الخطة أمس، قائلا: "خطوة ضرورية، وإذا لم تُتخذ اليوم، فإنها ستُتخذ غداً، لتدارك الفجوة الموجودة في المياه بعد أزمة سد النهضة"، متوقعاً في تصريحات لـ"الجريدة"، أن تصل تكلفة المشروع في منطقة البحر الأحمر وحدها إلى ملياري جنيه، لكن العائد الاقتصادي سيكون أعلى، حيث ستحدث طفرة في مجالات الزراعة والصناعة.

على النقيض، قلل خبير المياه الدولي نادر نورالدين من الجدوى الاقتصادية لمشروعات التحلية، وقال إن المتر المكعب سيتكلف نحو 5 جنيهات، مضيفاً لـ"الجريدة": "ستواجه المشروع مشاكل عدة، منها أنه في حال حدوث نقص في الكهرباء فإنه سيتم تأجيله، ومهما كانت المحاولات، فلن تستطيع هذه المحطات تحلية سوى 24 مليار متر مكعب من المياه، كما أن هذه المياه لا تصلح للاستخدام الآدمي، بل للزراعة والصناعة".

بينما قال خبير التنمية الدولية والإفريقية إبراهيم الفيومي، إن محطات التحلية من المستحيل أن تسد الفجوة المائية، كما أن تكلفتها الاقتصادية مرتفعة، معتبراً أن "الحل الأمثل يكمن في ربط نهر الكونغو بنهر النيل".