في اعتداء يعد الأكثر دموية بتركيا هذا العام، قتل 51 شخصا في تفجير انتحاري استهدف حفل زفاف في غازي عنتاب، ذات الغالبية الكردية، بجنوب شرق تركيا قرب الحدود السورية مساء أمس الأول.

وأعلنت النيابة العامة العثور على بقايا سترة مفخخة في مكان الاعتداء الذي حمل بصمات تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بـ"داعش"، فيما اتهم الرئيس رجب طيب إردوغان "داعش" بشن اعتداء غازي عنتاب.

Ad

وقال الرئيس التركي، في بيان، إن "القوى التي فشلت في إخضاع تركيا وهزيمتها، تحاول هذه المرة تفعيل سيناريوهات تحريض قائمة على أساس عرقي ومذهبي، بهدف ضرب وحدة الشعب وتكاتفه"، معتبرا أن منفذي التفجير يهدفون إلى زرع الشقاق بين مختلف القوميات التي تعيش في تركيا.

وأشار إردوغان إلى أن "تركيا لا ترى فرقا بين منظمة فتح الله غولن الإرهابية التي قتلت 240 مواطنا في محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو الماضي، وبين منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية التي قتلت 70 شخصا من القوات التركية في عمليات خلال الشهر الأخير، وبين تنظيم داعش الإرهابي المشتبه بتنفيذه تفجير غازي عنتاب".

وشدد على أن "القوى" التي تدعم هجمات المنظمات الإرهابية ضد بلاده "لن تنجح إطلاقا في تنفيذ مخططاتها الرامية إلى تمزيق وحدة الشعب وتقسيم البلاد".

نجاة ومأساة

ونجا العروسان المتحدران من منطقة سرت ذات الغالبية الكردية شرق غازي عنتاب من الهجوم الذي وقع عند نهاية الحفل. وأصيبت العروس بسنة اكدوغان بجروح طفيفة وغادرت المستشفى أمس. وقالت إكدوغان التي تنتابها نوبات إغماء وبكاء منذ المأساة: "لقد حولوا حفل زفافنا إلى حمام دم".

وطوقت الشرطة المنطقة التي كان يقام فيها الحفل، وظهرت مشاهد فوضوية في صور ومقاطع فيديو سجلت بعد فترة وجيزة من الانفجار ونشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتمد الناس على أضواء هواتفهم للعثور على الضحايا، وسط عدد كبير من الأشخاص ينزفون على الأرض.

وأظهرت المشاهد أفراد الشرطة ورجال الطوارئ يهرعون عبر الشوارع المزدحمة في المدينة.

ولاحقا كان حشد من الرجال يصلون أمام صفوف النعوش المغطاة بالأبيض، فيما كانت عائلات كثيرة تستطلع بضيق أسماء الضحايا الذين نقلوا إلى مشرحة المدينة التي تحولت إلى نقطة عبور للعديد من اللاجئين السوريين الهاربين من النزاع المستمر في بلادهم منذ أكثر من خمسة أعوام. ويعيش 2.7 مليونا منهم في تركيا.

استنكار الكويت

وعلى الفور، توالت إدانات من مختلف دول العالم وفي مقدتها الكويت، إذ أعربت وزارة الخارجية عن إدانة البلاد واستنكارها للتفجير الإرهابي. وأكد مصدر مسؤول في الوزارة، في بيان نشرته "كونا"، دعم دولة الكويت لجميع الإجراءات التي تتخذها تركيا للحفاظ على أمنها واستقرارها، مشددا في هذا الصدد على موقف دولة الكويت الثابت والمبدئي المناهض للإرهاب بجميع أشكاله وصوره وأيا كان مصدره.

وفيما أعربت السعودية عن "إدانتها واستنكارها "الشديدين للتفجير الإرهابي". كما نددت مصر بالاعتداء، صدرت إدانات عن دول خليجية أخرى بينها الإمارات وقطر والبحرين، فيما استنكر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي بشدة التفجير.

إدانة دولية

وقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، تعازيه لنظيره التركي في ضحايا الاعتداء، في برقية، وجدد التأكيد على استعداد موسكو تكثيف التعاون مع الأتراك في مكافحة الإرهاب.

ودان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند "بقوة الاعتداء الإرهابي الدنيء"، مؤكدا وفق بيان للرئاسة "أن فرنسا تقف إلى جانب جميع الذين يكافحون آفة الارهاب".

كذلك دان سفير الولايات المتحدة جون باس "الهجوم الوحشي على مدنيين أبرياء"، وقال "اننا متضامنون مع حليفنا تركيا، ونتعهد بمواصلة العمل معا بشكل وثيق للتغلب على التهديد الارهابي".

وفي الفاتيكان، قال البابا فرانسيس: "لنصل من أجل الضحايا، القتلى والجرحى، ولنطلب نعمة السلام للجميع".

هجمات سابقة

وهزت جنوب شرق تركيا وشرقها هذا الأسبوع ثلاثة اعتداءات أوقعت 14 قتيلا، ونسبتها أنقرة إلى "حزب العمال الكردستاني".

ويبدو أن المتمردين الأكراد استأنفوا، بعد هدنة نسبية إثر الانقلاب الفاشل في 15 يوليو، حملة مكثفة لاستهداف مواقع لقوات الأمن.

وتتعرض قوات الأمن التركية لهجمات شبه يومية يشنها "الكردستاني" منذ انهيار وقف إطلاق النار بين المتمردين الأكراد والحكومة التركية في صيف 2015.

استدعاء وكشف

على صعيد منفصل، أعلنت وزارة الخارجية التركية، أمس، استدعاء 300 دبلوماسي من موظفيها العاملين في البعثات الخارجية في إطار التحقيقات الجارية في محاولة الانقلاب الفاشلة وما يسمى بـ"الكيان الموازي".

في شأن آخر، دعت لجنة الرقابة بالبرلمان الألماني (بوندستاج) للكشف عن معلومات بشأن الأنشطة التي تقوم بها الاستخبارات التركية داخل ألمانيا.