بعد ساعات على فشل اجتماعات برعاية روسية للتوصل إلى تهدئة، تجددت المعارك صباح أمس في مدينة الحسكة بين قوات الرئيس السوري بشار الأسد مدعومة بميليشيات «الدفاع الوطني»، قوات الأمن الداخلي (الأسايش) ووحدات «حماية الشعب» الكردية في أحياء الغويران والنشوة، وسط قصف مدفعي وبقذائف الهاون استهدف حيي الكلاسة والنشوة الشرقية.

ووفق وكالة «فرانس برس» والمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإنه بعد فترة من الهدوء عادت الاشتباكات ليل السبت- الأحد على محاور عدة، وسط تقدم للمقاتلين الأكراد في جنوب المدينة وتحديداً في حيي النشوة والزهور.

Ad

وحلقت الطائرات الحربية السورية، وفق المرصد، في أجواء المدينة تزامناً مع المعارك دون شن غارات بعد يومين على تحذير واشنطن من شن غارات تعرض سلامة مستشاريها العسكريين العاملين مع الأكراد على الأرض للخطر.

ووفق مصدر حكومي سوري، فإن تلك التطورات جاءت بعد اجتماعات منفصلة عقدها عسكريون روس بين الطرفين في مدينة القامشلي، في محاولة للتوصل الى تهدئة.

فشل وهدف

وأفاد موقع «المصدر» الإخباري المقرب من النظام بـ«فشل المفاوضات» بين الطرفين. ونقل عن مصدر عسكري أن الأكراد طالبوا بسحب قوات الدفاع الوطني بالكامل من الحسكة، الأمر الذي رفضته الحكومة وطرحت سحب السلاح من بعض العناصر فقط مقابل سحب سلاح «الأسايش».

ونقلت شبكة «كورد ستريت» عن مصدر عسكري من «الأسايش» قوله، إن المعارك مع النظام لن تتوقف حتى السيطرة على كامل المدينة، قائلاً: «قوات (روجآفا) لن توقف معارك ‫الحسكة‬ حتى تحرير كل المدينة من بطش النظام السوري ومسلحيه».

النظام والتفاوض

وفي وقت سابق، دعا محافظ الحسكة محمد زعال العلي المسؤولين في حزب الاتحاد الديمقراطي إلى «التفاوض وحل المشكلة على طاولة الحوار، لإعادة الهدوء إلى الحسكة من جديد».

وفي اتصال مع «المركز الإخباري السوري» لم يبد الأكراد أي استجابة له، طالب العلي «وحدات حماية الشعب بأن تستخدم سلاحها لمحاربة داعش، لا ضد النظام»، مذكراً قادتها بالدعم العسكري الذي قدمه النظام لهم.

وفور فشل المفاوضات، تجددت المعارك في المدينة، التي يسيطر الأكراد على ثلثيها والنظام على المتبقي منها، وبدأت الاشتباكات الأربعاء بين قوات «الأسايش» ومجموعات الدفاع الوطني، إثر اتهامات متبادلة بحملة اعتقالات. وتدخلت الخميس كل من «وحدات حماية الشعب» الكردية وقوات النظام فيها.

وتصاعدت حدة المعارك مع شن الطائرات السورية الخميس والجمعة غارات على مواقع للأكراد في الحسكة للمرة الأولى منذ بدء النزاع قبل أكثر من خمس سنوات، في تطور دفع وشنطن لإرسال مقاتلات للمرة الأولى أيضاً لحماية مستشاريها على الأرض.

اقتحام جرابلس

وفي خطوة من شأنها أن تحد من آمال الأكراد وتحديداً تحالف سورية الديمقراطية (قسد) بتوسيع سيطرتهم في المنطقة، حشدت فصائل المعارضة السورية قواتها في ريف حلب الشرقي، تمهيداً لاقتحام مدينة جرابلس في آخر معاقل تنظيم «داعش» على الحدود السورية التركية. وقال قائد عسكري من فصائل المعارضة، لوكالة الأنباء الألمانية، إن «المئات من مقاتلي المعارضة يتجمعون مقابل بلدة جرابلس، تمهيداً لاقتحامها، وأن أغلب المقاتلين الذين يمثلون عدة كتائب أبرزها فيلق الشام والسلطان مراد والفرقة 13 وصلوا من بلدة الراعي عبر عشرات السيارات المزودة برشاشات، إضافة إلى دبابات ومدفعية».

وأكد القائد العسكري، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن «أوامر الاقتحام لم تصدر بعد، ونحن بانتظار وصول باقي التعزيزات والمقاتلين، بما فيها كاسحات ألغام، نظراً لزرع تنظيم داعش ألغاما كثيرة على الشريط الحدودي وفي محيط المدينة».

وفي وقت سابق، أفاد المرصد السوري بقيام التنظيم بإجلاء أسرهم من جرابلس مدينة الباب الواقعة بين منبج وحلب، في مؤشر على أنهم يستعدون للمواجهة، موضحاً أن أكثر من 50 أسرة تابعة لمقاتليه وقادته وصلت إلى معقله في الرقة.

أورم الكبرى

وفي ريف حلب الغربي، استهدف الطيران الروسي، أمس الأول، السوق الرئيسي في بلدة أورم الكبرى، بغارات جوية مكثفة أسفرت عن مقتل 13 مدنياً و10 مسلحين وإصابة العشرات، كما قصف حلب القديمة، ما أسفر عن مقتل 7 من عائلة الناشط الإعلامي الحاج علي أبوالجود، كما قتل «5 مدنيين، بينهم طفلان، في بلدة كفرجوم»، بحسب المرصد، الذي وثق أيضاً «مقتل 3 مدنيين وإصابة آخرين» في مدينة حلب ذاتها.

وجاءت الهجمات بعد فشل قوات النظام وميليشيات «حزب الله» في التقدم على جبهات حلب، بحسب «جبهة فتح الشام»، التي أكدت أمس مقتل أكثر من 150 عنصراً، خلال محاولات التقدم على مشروع 1070 شقة، والكلية الفنية الجوية، ونشرت تسجيلاً مصوراً لعدد كبير من جثث متناثرة.

الأسلحة الكيماوية

وعشية الذكرى السنوية الثالثة لـ«مجزرة الكيماوي» في الغوطتين بريف دمشق، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أمس استخدام النظام الغازات السامة 33 مرة قبل قرار مجلس الأمن 2118 الصادر في 27 سبتمبر 2013، و139 مرة بعده.

واستعرض تقرير الشبكة 4 هجمات جديدة بالأسلحة الكيماوية منذ يناير 2016 حتى أمس الأول 2016، موضحة أن النظام ركز على مناطق تسيطر عليها المعارضة بنسبة 97 في المئة، مقابل 3 في المئة على مناطق تخضع لسيطرة «داعش».

وبلغت الهجمات الكيماوية ذروتها في محافظة إدلب (شمال)، تبعتها محافظة ريف دمشق (جنوب) وحماة (وسط)، بحسب التقرير، الذي أكد مقتل 88 شخصاً، يتوزعون على 45 من مسلحي المعارضة، و7 من أسرى القوات الحكومية، و36 مدنياً، بينهم 20 طفلاً و6 نساء.