الخليج والمعادلات الإقليمية الجديدة!
دول الخليج خسرت الرهان أو تكاد تخسره في سورية وتخلت عن العراق، ولم تنجح حتى الآن في المعترك اليمني لا عسكرياً ولا دبلوماسياً، والتحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن رغم ولادته الضعيفة بدأ بالضمور بسبب الخلافات الحادة حول مستقبل اليمن بين أقرب المقربين في هذا التحالف.
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
على الطرف الآخر، تعيش الولايات المتحدة أكثر مراحلها المتذبذبة في السياسة الخارجية، وفقدت أو تخلت عن العديد من حلفائها التقليديين، ويشمل ذلك مصر والسعودية وإسرائيل وتركيا، وتبدو أوروبا غارقة في مشاكل الركود الاقتصادي، واحتمالات ضعف الاتحاد الأوروبي أو تفتته، وحالة الذعر من الإرهاب في عقر دارها، وهذا مؤشر واضح على بدء انحسار النفوذ الغربي في عموم منطقة الشرق الأـوسط.دول الخليج من جهتها هي الخاسر الأكبر في المعادلة الجديدة، فقد خسرت الرهان أو تكاد تخسره في سورية وتخلت عن العراق، ولم تنجح حتى الآن في المعترك اليمني لا عسكرياً ولا دبلوماسياً، والتحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن رغم ولادته الضعيفة بدأ بالضمور بسبب الخلافات الحادة حول مستقبل اليمن بين أقرب المقربين في هذا التحالف، وتسرب القوى الإقليمية تباعاً بدءاً بمصر وباكستان، ثم تركيا ونيجيريا، وأخيراً الولايات المتحدة التي أمرت بسحب مستشاريها العسكريين من الميدان اليمني، ونفقات الحرب في اليمن في ظل انتهاء عصر البترو دولار صارت تثقل كاهل الخليج بشكل موجع، والنتيجة النهائية هي أن مجلس التعاون باستثناء عمان سيجد نفسه وحيداً سياسياً وعسكرياً ليس في الملف اليمني، بل حتى في الميدان السوري والعراقي.دول الخليج تملك مقومات السياسة الناعمة والدبلوماسية الناجحة، وما زالت تملك رصيداً إقليمياً ودولياً مهماً، ولديها من التحديات الداخلية في التنمية والاستعداد للمستقبل وعدم الركون إلى النفط كثروة جاهزة من غير تعب ومشقة، مما يحتم عليها بناء استراتيجية داخلية وخليجية عبر شبكة من العلاقات المتينة مع دول العالم، وعدم الركون إلى أطراف قد تبيعها بين ليلة وضحاها!