كيف تحول إنتاج الطاقة النظيفة إلى عمل فوضوي؟
على أطراف أحد الحقول بريف برنستون، في نيوجيرسي، يوجد مكتب صديق للبيئة افتتح مؤخرا، وهو مزين بالنباتات، ويخزن مياه المطر لتلبية حاجة البناء، كما يضع توربينات رياح والألواح الشمسية داخل موقف السيارات لتوليد الكهرباء.وربما تعكس هذه الصورة المستقبل المرغوب، حيث يمكن الاستدامة في توفير حاجة المجتمع من الكهرباء دون تلويث الكوكب، بحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز».وفي الولايات المتحدة تعد شركة «NRG»، التي تبيع الكهرباء للشركات والمنازل، أكبر منتج مستقل للطاقة.
وكي تولد الشركة هذا الكم من الكهرباء تقوم بحرق كميات هائلة من الغاز والفحم والنفط، ما يجعلها أيضا أكبر مصدر للتلوث في أميركا التي يعد توليد الكهرباء فيها أكبر مصدر للانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.مجال توفير الكهرباء للأميركيين لم يتطور كثيرا منذ قرن، واليوم تتزايد المخاوف بشأن تغير المناخ، بينما سهولة الحصول على الطاقة من الرياح والشمس تضغط على منتجي الطاقة، مثل «إن آر جي» لجعل أعمالهم نظيفة.وقال الرئيس التنفيذي للشركة موريسيو جوتيريز إن صناعة الكهرباء تشهد خلال هذه المرحلة تحولا هائلا لم يسبق له مثيل. وحقق النفط الصخري طفرة في الولايات المتحدة، وتراجعت أسعار الغاز الطبيعي، ما أدى إلى انخفاض سعر الكهرباء وتوافر المصادر التي تعتمد عليها «إن آر جي» بشكل أساسي. وأصبحت الأمة المتعطشة للطاقة بحاجة إلى تغيير طريقتها في الحصول عليها، لكن «إن آر جي» تظهر الطاقة النظيفة كأنها عمل فوضوي. ولا تأبه «إن آر جي» لما إذا كان منتجو الطاقة سيواجهون بنهاية المطاف تساؤلا يجب الإجابة عنه، وهو «كيف سيتم إنتاج مزيد من الكهرباء، وفي نفس الوقت تقليل الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري؟».ولم تكن شركة «إن آر جي» دوما من دعاة الطاقة النظيفة، حتى وقت قريب كانت مجرد منتج تقليدي للطاقة، يحرق الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء ويمدها إلى الشبكة.وفي عام 2003 تولى قيادة الشركة ديفيد كرين، المدير التنفيذي السابق لشركة طاقة تقليدية بلندن، والذي استحوذ على «ريليانت إنرجي» التي تبيع الكهرباء للمنازل والشركات في تكساس وكذا شركة «جين أون» في هيوستن.والتوسعات الأخيرة زادت من حجم الانبعاثات التي تسببت فيها «إن آر جي»، فبدأ «كرين» الاستجابة لأزمة المناخ في 2006، وأصبح واحداً من دعاة حماية البيئة.واشترت «إن آر جي» شركة لطاقة الرياح في البداية، لكن كرين استثمر فيما بعد بشكل كبير في محطات الطاقة الشمسية والرياح، وأنفق مبالغ طائلة على مشاريع أخرى، مثل محطات شحن السيارات الكهربائية. وبين ليلة وضحاها أصبح أكبر مسؤول عن إنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري، بطلا للطاقة المتجددة، وأصبح يرى أن الألواح الشمسية وتوربينات الرياح ستغطي أرجاء البلاد، ودعا الى حماية البيئة واعتبرها «واجباً أخلاقياً».أزمة المناخ لن تحل بالمزيد من منتجات شركة تيسلا فقط، ولو كانت الأهداف التي حددها قادة العالم في قمة المناخ في باريس يراد لها أن تتحقق فعلى «إن آر جي» أن تزيد من الإنتاج وتقلل الانبعاثات. وشخصية «إن آر جي» مزدوجة ومتناقضة، فهي أكبر شركة استخداما للوقود الأحفوري، وفي ذات الوقت هي رائدة في مجال الطاقة النظيفة، علماً بأنه تمت إقالة كرين في ديسمبر عقب هبوط الأسهم. والمحطات التابعة للشركة، والتي تعمل بالغاز، تكون معطلة في أغلب الأوقات، لكن يتم استخدامها عندما يتصاعد الطلب أو تختفي الشمس.في النهاية، يبقى السؤال كيف ستتمكن الشركة من تخفيض الانبعاثات الكربونية طالما أنها ستواصل حرق المزيد من الفحم والغاز؟ خاصة في ظل الشعور بأن الحلول ما زالت بعيدة المنال كما تحدث جوتيريز.