شنّت وحدات حماية الشعب الكردية وقوات الأمن الداخلي (الأسايش)، أمس، هجوما ضخما لانتزاع آخر مناطق تسيطر عليها قوات الرئيس السوري بشار الأسد في مدينة الحسكة، بعد توجيه نداء للفصائل المؤيدة للحكومة للاستسلام.وأوضحت القوات الكردية وسكان أن الهجوم بدأ بعد منتصف ليل الأحد - الاثنين للسيطرة على منطقة نشوى الواقعة بشمال شرق المدينة، والقريبة من موقع مجمع أمني قرب مكتب الحاكم القريب من قلب المدينة، التي سبق أن سيطرت وحدات حماية الشعب فيها على غويران، وهو الحي العربي الوحيد الذي مازال في يد الحكومة.
ووفق وكالة «فرانس برس» والمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن المعارك تواصلت أمس غداة تضارب معلومات حول التوصل الى اتفاق تهدئة في المدينة التي يتقاسم الأكراد وقوات النظام السيطرة عليها، إذ نفت مصادر كردية تقارير عدة أفاد بها مصدر عسكري والإعلام الرسمي حول اتفاق لوقف إطلاق النار.وبعد هدوء حذر، اندلعت اشتباكات دامية بعد منتصف ليل الأحد - الاثنين مركزها جنوب ووسط المدينة في حي الغويران وحي المساكن، وتقدمت وحدات حماية الشعب الكردية في الجزء الشرقي من حي الغويران (جنوب)، في حين انسحب عناصر النصار باتجاه الجزء الغربي من الحي.
اتهام ورد
واتهمت وسائل الإعلام الرسمية قوات «الأسايش» بخرق وقف لإطلاق النار وإحراق مبان حكومية في الحسكة، وإشعال العنف من خلال تصعيد الاستفزازات، بما في ذلك قصف مواقع الجيش، بهدف السيطرة على كل المدينة.ونفت وحدات حماية الشعب الكردية دخولها في هدنة. ووزعت منشورات ووجهت نداءات عبر مكبرات للصوت في شتى أنحاء المدينة، طلبت فيها من أفراد الجيش والفصائل المؤيدة للحكومة تسليم أسلحتهم أو مواجهة الموت.وقالت مصادر كردية إن وحدات حماية الشعب تعتزم، على ما يبدو، ترك وجود رمزي للحكومة السورية داخل منطقة أمنية في قلب المدينة، حيث توجد عدة مبان حكومية رئيسة. وستمثل خسارة الحسكة بشكل كامل ضربة قوية للأسد، وستقوض أيضاً جهود موسكو التي كانت تسعى إلى مساعدة دمشق على استعادة الأراضي التي خسرتها، والحيلولة دون تحقيق قوات المعارضة المسلحة مكاسب جديدة من خلال تدخل عسكري كبير العام الماضي.بقاء المؤسسات
ووسعت القوات الكردية سيطرتها على المدينة، على الرغم من قصف الطائرات السورية عدة مواقع. وقال سكان إن آلاف المدنيين فروا من مدينة الحسكة التي يقطنها خليط من الأعراق، بما في ذلك أفراد من الطائفة المسيحية إلى قرى في الريف مع زيادة حدة القتال.ووفق مصدر رسمي سوري فإن «بقاء مؤسسات الدولة في الحسكة قرار سيادي وحتمي»، مشيرا إلى أن «الوحدات الكردية طالبت بمسائل تمس السيادة الوطنية، وأن هناك من أوهم الكرد بأن هناك اتفاقا مع الأتراك لإنهائهم، وهو أمر مناف للواقع».وفي مدينة حلب، عادت معركة الكليات العسكرية إلى السطح من جديد، بعد محاولات فاشلة قامت بها قوات الأسد، مدعومة بميليشيات «حزب الله» اللبناني، والفرق الطائفية الأخرى، في استعادة ما خسرته في كلية المدفعية والفنية الجوية ومشروع 1070 وعشرات النقاط الأخرى.وتمكنت الفصائل، فجر أمس، من استعادة السيطرة على تلة أم القرع المطلة الواقعة جنوب الكليات العسكرية على طريق «خان طومان- الراموسة»، وفق مصادر أفادت موقع «أورينت» عن خسارة «حزب الله» 21 عنصراً في كمين على مشارف حي الراموسة، وأسر ملازم أول من قوات الأسد، وقتل 7 عناصر.اجتماع وتطهير
في غضون ذلك، أكد مستشار رئيس مجلس الشورى الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبداللهيان، أن «إيران مستعدة للمشاركة في اجتماع متعدد الأطراف لحل الأزمة السورية بحضور السعودية وأميركا»، مؤكدا أن «طريق الحل السياسي هو الوحيد لحل الأزمة، ويجب احترام سيادة ووحدة الأراضي السورية».وفي أنقرة، شدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس، على ضرورة تطهير الحدود التركية- السورية بالكامل من تنظيم «داعش»، معتبرا أن «تركيا كانت دوما الهدف الأول لـ «داعش»، ومن واجبها الطبيعي محاربته على أراضيها كما في الخارج».ووعد أوغلو، في مؤتمر صحافي، بدعم «كل عملية ضد هذا التنظيم في سورية»، قائلا: «سنحارب داعش حتى النهاية، وندعم أيضا المعركة التي تخوضها الدول الأخرى ضده».قصف الرقة
وفي باريس، أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أن مقاتلاتها شنت غارات جوية على مواقع «داعش» في معقله بمدينة الرقة، موضحة أن 4 مقاتلات من طراز «رافال» و4 أخرى من طراز «ميراج 2000»، إضافة إلى طائرة دورية من طراز «أتلانتك 2»، شاركت في العملية التي أسفرت عن تدمير مركز للأسلحة الثقيلة للتنظيم.واعتبرت الوزارة أن الضربات الجوية المكثفة للطيران الفرنسي خلال الأسبوع الأخير ساهمت في تحضير المعارك من أجل استعادة السيطرة على الموصل في العراق والرقة في سورية.