في حين سبب الإعلان الروسي عن استخدام قاعدة عسكرية لشن ضربات جوية ضد أهداف في سورية حرجاً للنظام ومساساً بالدستور الإيراني، الذي يمنع تمركز أي قوى أجنبية بالبلاد أو استخدامها لقواعد عسكرية، أعلنت طهران أمس أن موسكو علقت استخدام قاعدة "نوجه" الجوية الواقعة بمحافظة همدان.وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، للصحافيين في طهران حول استخدام الطائرات الروسية لـ"نوجه"، إنها "كانت مهمة محددة بترخيص مسبق وانتهت حاليا. تم تنفيذها وذهبوا الآن".
وأضاف أن روسيا لم يكن لها مطلقا قاعدة عسكرية أو جنود في إيران.وترك قاسمي الباب مفتوحا أمام استخدام الروس مجدداً للأجواء الإيرانية بقوله، إن الأمر يتوقف على "الوضع في المنطقة، وعلى أخذ الإذن منا".
انتقاد نادر
في موازاة ذلك، انتقد وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان، في موقف يندر حدوثه، أمس روسيا لكشفها عن استخدام قاعدة همدان، ووصف ذلك بأنه فعل "استعراضي" وينم عن "عدم الاكتراث".وقال دهقان: "من الطبيعي أن يعنى الروس باستعراض كونهم قوة عظمى ودولة ذات نفوذ، وأنهم فاعلون في القضايا الأمنية بالمنطقة والعالم"، مضيفا "كان هناك نوع من الاستعراض وعدم الاكتراث في الاعلان عن هذا النبأ".وتابع: "تعاونا وسنواصل التعاون مع سورية وروسيا"، موضحا أن "روسيا قررت استخدام عدد أكبر من الطائرات وزيادة سرعتها ودقتها في العمليات التي تشنها بسورية. وبالتالي كانت بحاجة إلى إعادة تموين طائراتها في منطقة أقرب إلى العمليات. ولهذا استخدموا قاعدة همدان، ولكننا لم نعطهم بأي حال قاعدة عسكرية".وبدأت روسيا باستخدام الأجواء الايرانية في 16 أغسطس الجاري وشكل ذلك منعطفا مهما، لأنه أتاح اختصار الوقت الذي تحتاج إليه الطائرات لشن غاراتها، في حين تسبب الإعلان من جانب الروس عن استخدام القاعدة في إحراج النظام الإيراني الذي يرفع شعار "لا شرقية ولا غربية" ويتهم دول المنطقة بـ"جلب قوى خارجية للاستقواء".من جانب آخر، أشار دهقان إلى أن جدول أعمال وزارة الدفاع يتضمن إجراء مشاورات مع موسكو لشراء طائرات حربية قاذفة من طراز "سوخوي".في غضون ذلك، قال السفير الروسي لدى طهران ليفان جاغاريان، إن "موسكو لا ترى أي عوائق أمام استخدام القوات الجوية الروسية لقاعدة همدان في المستقبل، إذا تم التوصل إلى اتفاقات".زيارة إردوغان
وبينما تفيد تقارير بقرب عقد قمة ثلاثية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيريه التركي رجب طيب إردوغان والإيراني حسن روحاني بطهران، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إنه لم يتم تحديد موعد لزيارة الرئيس التركي، وأضاف أنه سيتم الإعلان عن توقيت الزيارة فور الاتفاق على تحديده.إهانة دبلوماسية
وفي حين قالت سفارة اليابان في طهران، إن السفير هيروياسو كوباياشي وزوجته اعتقلا بتاريخ 28 يوليو الماضي من الأجهزة الأمنية الإيرانية فترة وجيزة لحضورهما حفل عشاء في منزل أحد أصدقائهما الإيرانيين، كان يقدم فيها الكحول، وتم الإفراج عنهما بعد عدة ساعات، نفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن يكون السفير الياباني تعرض للاعتقال والاستجواب قبل عدة أشهر وقال إن "الموضوع كان سوء فهم بسبب عدم حمله لوثيقته الشخصية".قال كوباياشي لـ"الجريدة"، إن "وزارة الخارجية قامت بتقديم احتجاج رسمي على هذا التصرف وقام رئيس الوزراء الياباني بتأجيل زيارته التي كانت مقررة في أغسطس الجاري إلى أجل آخر اعتراضا على هذا التصرف غير المسؤول"، معرباً عن رغبته في الحصول على اعتذار رسمي إيراني لكي يعيد التفكير في سفره إلى طهران.وتم اعتقال عدد من السفراء والدبلوماسيين الآخرين المقيمين في طهران ممن شاركوا في الحفل مع السفير الياباني، والذي أعلن مدعي العموم الإيراني أنه عثر على أكثر من أربعة آلاف لتر من المشروبات الكحولية في المنزل الذي استضافه.وكانت وزارة الخارجية الاسترالية قدمت احتجاجا مشابها على اعتقال سفيرها بول فولي في مراسم أخرى منذ ما يقرب من 3 أشهر قبل أن يتقدم فولي باستقالته عن العمل كسفير لبلاده في طهران، معتبرا أنه لا يستطيع أن يعمل في بلاد "لا تحترم فيها أبسط القوانين الدبلوماسية".وعلى الرغم من أن المشروبات الكحولية ممنوعة في إيران رسميا فإنها متوافرة بكثرة في الأسواق. وبعد الثورة الإسلامية بدأ العديد من الايرانيين إنتاج الكحول في منازلهم وتحويلها إلى ملاه ليلية يلجأ إليها الأجانب في ظل المنع الرسمي.تاريخ السفارات
والجدير بالذكر أن تاريخ إيران حافل بمهاجمة سفارات ودبلوماسيين أجانب بحجج مختلفة، فالاحتلال الشهير للسفارة الأميركية واعتقال الدبلوماسيين الأميركيين في طهران إبان الثورة كان بداية لسلسلة هجمات كان أشهرها الهجوم على السفارة البريطانية والهجوم على السفارة والقنصلية السعودية في طهران ومشهد.ويعتبر حقوقيون في إيران أن سبب مهاجمة البعثات والدبلوماسيين الأجانب وعدم الالتزام بالقوانين الدولية يرجع إلى أن السلطات الإيرانية لا تكتفي بعدم عقاب فاعلي هذه التصرفات فحسب، بل في بعض الأحيان تقوم بتشجيعهم وتعطيهم مناصب عليا بالحكومة. ولهذا فقد باتت اليوم مهاجمة السفارات والدبلوماسيين الأجانب أمرا مرسوماً من اللاهثين وراء مناصب حكومية عليا.عقود سرية
في شأن آخر، شهدت الجلسة المغلقة لمجلس الشورى الإيراني، أمس الأول، نقاشاً حاداً مع وزير النفط بيجن زنغنة، بسبب "عقود سرية" أبرمتها وزارته مع شركات غربية تضمنت بنوداً تخالف الدستور، بحسب نواب متشددين رأوا أن العقود تعارض مصالح إيران وسياساتها النفطية.