تمثل الانطلاقة الثانية للتعليم في البلاد بتوجيهات من الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه محطة مهمة يشهد خلالها التعليم نقلة نوعية واكبت أحدث الطرق والوسائل العلمية والتكنولوجية في العالم.

Ad

فبعد توقف الدراسة عاماً بسبب الغزو العراقي للكويت عام 1990 كان لابد من عودة التعليم مرة أخرى بهمة أكبر لتعويض الفترة التي مرت وأثرت سلباً على العملية التعليمية في البلاد.

ومع انطلاقته الثانية في 24 أغسطس 1991 شهد التعليم في البلاد عمليات تطويرية في كل أجزاء العملية التعليمية من تطوير للمناهج وتحديث البرامج وإدخال التكنولوجيا الحديثة وإنشاء الفصول الذكية فضلاً عن إحداث نقلة نوعية في المنشآت التربوية من خلال خطط وبرامج تنموية مدروسة.

ولمواكبة التعليم التطورات العالمية حرصت دولة الكويت آنذاك ممثلة بوزارة التربية على التعاون مع مختلف الجهات البحثية والعلمية والتربوية ومنها البنك الدولي وصولاً إلى التطوير المطلوب.

تطور ملحوظ

وفي هذا الشأن، قال وزير التربية ووزير التعليم العالي الدكتور بدر العيسى لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الثلاثاء إن التعليم شهد عبر تلك السنوات تطوراً ملحوظاً من خلال تضمين المناهج طرقاً حديثة تتوافق مع منظومة المعرفة العلمية والتربوية.

وأضاف العيسى أن هذه المنظومة تركز على الطلبة باعتبارهم محور العملية التعليمية إضافة إلى تغيير دور المعلم بحيث لا يقتصر على التلقين بل تفعيل أدائه في جوانب التطوير والتقييم وترك مساحة في المناهج لتوظيف معارف الطلبة ومهاراتهم في تطوير قدراتهم وميولهم الشخصية.

ولفت إلى حرص الوزارة على تطبيق منهج جديد يرتكز على خبرات عالمية تمت الاستعانة بها ممثلة في البنك الدولي كجهة استشارية وتم التطوير بأيد وخبرات وكفاءات وطنية خالصة حرصت على تلافي أي إشكالات قد تؤدي إلى ضعف مستوى المتعلمين.

وتناول مقارنة سريعة بين وضع التعليم قبل الغزو وبعد التحرير، موضحاً أن هناك الكثير من المفارقات أولها وأهمها توقف الدراسة والذي يعتبر من أكبر المشاكل التي واجهت الكويت آنذاك.

وقال إن توقف التعليم يعني توقف التطوير والتنمية ماترتب عليه العديد من المشاكل، مؤكداً اهتمام الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه وحكمة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه بأن التعليم لابد أن تنطلق دورته من جديد.

وذكر أن هناك العديد من الفروقات بين الفترتين «إذا ما قارنا التعليم في المراحل الأولى في الستينيات والسبعينيات حيث كانت نسبة المتعلمين قليلة قياساً بنسبة غير المتعلمين ولم يشهد التعليم آنذاك طفرة في التطوير خاصة في المجال التكنولوجي».

عوامل

وأوضح العيسى أنه نتيجة لتطور المجتمعات والتطور التكنولوجي توفرت عوامل من شأنها تشتيت فكر الأبناء خلافاً للتعليم في الماضي الذي كان يحوز اهتمام كبير من المتعلمين، مبيناً أنه بعد التحرير دخلت الوزارة في مرحلة جديدة من تطوير المناهج والمنشآت التربوية وتنقية المناهج من الكثير من القضايا التي تدعو إلى التطرف والغلو.

وقال إن التعليم دخل مرحلة جديدة تتمثل في تطوير وتدريب المعلمين وهي طريقة جديدة تم استحداثها «ووضعنا أيدنا على المشاكل التي تحتاج إلى حل لتطوير العملية التعليمية صاحبها زيادة في عدد الدارسين والمدرسين والمنشآت التربوية مما أعطى بُعداً كبيراً للعملية التعليمية في البلاد».

وذكر أن الفترة الحالية واجهتها العديد من المشاكل والسلبيات التي لم تكن موجودة سابقاً، مبيناً أن علاج المشاكل أخذ وقتاً على حساب عملية تطوير التعليم لاسيما وأنها لم تعد فقط تطوير مناهج كما كان سابقاً وإنما سياسات اجتماعية وتربوية.

وأوضح العيسى أن هناك خمسة عوامل لتطوير العملية التعليمية هي الطالب والمدرس والمناهج والتقييم والقياس والسياسة التعليمية، لافتاً إلى أن الوزارة لم تتعامل في السابق إلا مع عاملين فقط أما الآن فتتعامل مع العوامل الخمسة.

تغيرات

بدوره، قال وكيل وزارة التربية المساعد للبحوث التربوية والمناهج الدكتور سعود الحربي لـ (كونا) إن (التربية) شهدت تطوراً ملحوظاً عقب الانطلاقة الثانية للتعليم في الكويت وشكلت زيادة عدد سنوات السلم التعليمي أهم ملامح تلك التغيرات.

وأضاف الحربي أن ذلك أدى إلى زيادة فترة التعليم الإلزامي حيث كانت في السابق ثماني سنوات وأصبحت تسع سنوات مما يعد مؤشراً تنموياً جيداً، موضحاً أن الوزارة تسعى إلى إدخال رياض الأطفال والمرحلة الثانوية في التعليم الإلزامي لأنه مطلب من مطالب حقوق الإنسان.

ولفت إلى التطوير في هيكل ونظم الوزارة من خلال دمج واستحداث بعض القطاعات مثل القطاع القانوني إضافة إلى التطور الملحوظ في المناهج الدراسية «والتي نأمل أن نحصد ثمارها خلال السنوات القادمة لأن المناهج عملية بناء تصب في سلوك الإنسان».

وذكر أن تلك الفترة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الالتحاق بالمدارس بعد تطبيق قانون التعليم الإلزامي حسب القرار 11/1965 والمعدل بالقرار 25/2014 وانخفاض نسبة الأمية بشكل ملحوظ والتي لا تتجاوز 2 في المئة علماً أن تلك النسبة تطال من هم فوق 60 عاماً وهي الأعلى بين النساء.

وأشار إلى الحرص على استخدام التصاميم الحديثة في توسعة وبناء المدارس والأبنية التعليمية ودخول التعليم الإلكتروني وتكنولوجيا التعليم بشكل كبير للمنظومة التعليمية والتركيز على برامج التدريب والتطوير المهني لجميع العاملين في الوزارة.

وقال الحربي إن إدراك الوزارة أهمية الحاسوب التعليمي انعكس على كثير من القرارات المنظمة لإدخال الحاسوب وفق خطة علمية مدروسة استناداً إلى أساليب التخطيط العلمي الواعي وفي إطار الاستفادة من التجارب المحلية والإقليمية والعربية والعالمية.

وأوضح أن انطلاقة التعليم الثانية شهدت كذلك تحقيق قفزة في رواتب المعلمين والتي تعد من أهم الحوافر لهم لبذل المزيد من الجهود ووجود كادر تحفيزي للمعلمين عدا التوسع في بناء المدارس وتطوير.

سنة الدمج

من ناحيتها، قالت وكيلة وزارة التربية للتعليم العام فاطمة الكندري لـ (كونا) إن انطلاقة التعليم للمرة الثانية كانت «سنة الدمج» حيث كان الفصل الدراسي الأول عاماً دراسياً متكاملاً والثاني عاماً دراسياً آخر لتعويض ما فات.

وأوضحت الكندري أن تلك الفترة شهدت كما من المتغيرات والتطوير منها نظام الثانوية العامة والسلم التعليمي الذي كان أربع سنوات للابتدائي ومثلها للمتوسط والثانوي تحول إلى 5-4-3 إضافة إلى تخفيض الكثافات الطلابية التي وصلت إلى 25 طالباً في الفصل.

وقالت إنه في الوقت الراهن ارتفعت الكثافة في بعض المناطق نظراً إلى دخول فئات أخرى للمدارس الحكومية من الوافدين أو من فئة غير محددي الجنسية لكن الوزارة تعمل على أن يكون أقصى حد 27 طالباً.

وأشارت إلى أن بعض الفصول ارتفع إلى 35 طالباً لكن افتتاح مدارس جديدة سيحل أزمة الفصول الطلابية وتحديداً منطقتي الجهراء والفروانية والتي كان لها نصيب الأسد من تلك الكثافات.

ولفتت إلى تطوير المرحلة الابتدائية التي مرت عليها أكثر من وثيقة بما يتفق من المستجدات التربوية «وأصبحنا نعمل بنظام الفترات بدلاً من نظام الفصلين وكان لابد من تعديل الوثائق لتواكب ذلك لكن حالياً تمت العودة مرة أخرى إلى نظام الفصلين وتعديل الوثائق بما يتعلق بآلية التقويم والغياب والاستئذان بما يتفق مع التعديل الذي تم».

وأضافت الكندري أن المناهج كانت قائمة على المهارات والأهداف السلوكية أما الآن فأصبحت قائمة على أنشطة كثيرة وتعددت استراتيجيات التعلم فأصبح الطالب هو محور العملية التعليمية ومن يبحث عن المعلومة والمعلم هو المرشد فقط.

وذكرت أن المدارس المتميزة من ضمن المشاريع الجديدة التي يتم فيها تكريم الإدارات المطورة والمعلم المتميز والموجهة المتميز إضافة إلى نقل بعض الصلاحيات إلى المناطق التعليمية الأمر الذي يحل الكثير من المشاكل.

وأشارت إلى أن نقل الاختصاصات إلى المناطق من الأمور الجديدة ومنها قسم انهاء الخدمة كما أن التعيين لم يعد مركزياً كما كان سابقاً في الوزارة فتعيين الكويتي يكون مباشرة في المناطق التعليمية عدا غير الكويتي فيكون التعيين عن طريق الوزارة.

ولفتت الى أن من المستجدات الحديثة الآنية التقويم الدراسي الذي تم على مدى ثلاث سنوات ولم يسبق للوزارة أن قامت بإعداد التقويم الدراسي بحيث تتزامن العطلات مع الجامعة والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.

وقالت إنه كان لدى الوزارة مركز تدريب واحد أما الآن فهناك ثلاثة مراكز تدريب على مستوى الوزارة أحدها في منطقة مبارك الكبير يخدم منطقتي مبارك الكبير والأحمدي التعليميتين وآخر في الجهراء يخدم منطقتي الجهراء والفروانية التعليميتين إضافة الى مركز الجابرية الذي يخدم حولي والعاصمة للتيسير على المعلمين ناهيك عن الدورات التي تعقد داخل المدارس.

وتناولت الكندري التطوير الذي طال الاختبارات الإلكترونية للوظائف الإشرافية والتي كانت ورقية وتأخذ الكثير من الوقت لكنها الآن تتم في اللحظة نفسها على الجهاز لذا تم توفير الجهد والوقت.

وعن تطوير رياض الأطفال، أشارت إلى أنه تم تزويدها بكم كبير من الألعاب التربوية وكم من المشاريع التي احتوتها وزارة التربية كما أن هناك برامج الإدارات المتطورة والتي تم تعميمها على جميع المدارس لمعرفة مواطن الخلل وإيجاد طرق العلاج.