في خطوة لم تخلُ من دلالات، وبوساطة روسية، لنزع فتيل اشتباكات استمرت أياماً بين وحدات حماية الشعب الكردي و«الأسايش» من جهة، وقوات النظام من جهة أخرى، انجلى غبار المعركة في محافظة الحسكة عن خسارة فادحة للرئيس السوري بشار الأسد، تمثلت في تخليه عن معظم مقراته الإدارية والأمنية بالمدينة، وتفكيك ميليشيا الدفاع الوطني الموالية له بأوامر من موسكو، مقابل وعد قطعته «الأسايش»، تحت ضغوط روسية، ومن وجهاء المنطقة، بوقف إطلاق النار، واعتُبر ذلك خطوة كبيرة قطعها الأكراد نحو الفدرالية في سورية، في حين طلبت السلطات التركية من سكان مدينة كركميش قبالة جرابلس السورية، إخلاءها «لدواع أمنية».ووفق مسؤول كردي، والتلفزيون السوري الرسمي، فإن الاتفاق تم التوصل إليه برعاية روسية، في قاعدة حميميم الجوية قرب اللاذقية، ودخل حيز التنفيذ في الثانية ظهر أمس، ويتضمن «تسليم الجرحى وجثامين الشهداء وتبادل الأسرى».
وبحسب الإدارة الذاتية، فإن بنود الاتفاق تتضمن انسحاب قوات النظام من المدينة، وتسليم مواقعها إلى «الأسايش»، مع اقتصار بقاء شرطتها على المربع الأمني، حيث يقع مبنى المحافظة، وفتح كل الطرقات التي أغلقت.وجاء توقيع الاتفاق بعد تمكن المقاتلين الأكراد من السيطرة شبه الكاملة على المدينة، التي انحصر وجود قوات النظام بها في حيين بوسطها، وعدد قليل من المباني، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أكد أنه حتى إذا ظل هناك وجود رمزي للجماعات الموالية للحكومة فإنها هزيمة كبيرة للأسد في الحسكة.وبينما قال المرصد إن القوات الكردية انتزعت أيضاً السيطرة على 5 قرى من مقاتلين موالين للحكومة، أكد المسؤول الكردي ناصر حاج منصور أن «الأغلبية العظمى من المدينة تحت سيطرة وحدات حماية الشعب والأسايش، باستثناء المنطقة الأمنية»، واصفاً النتيجة بأنها «خطوة للأمام» للجماعات الكردية التي ترغب في التوصل إلى تسوية الحرب السورية بإقامة كيان اتحادي، بهدف حماية حكمها الذاتي.
وتشمل المناطق الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سورية مسافة 400 كيلومتر من الحدود مع تركيا، بدءاً من الحدود مع العراق إلى نهر الفرات، علاوة على جيب من الأراضي في شمال غرب سورية، يعرف باسم «عفرين».وفي تطور لافت، حشدت القوات الكردية في القامشلي قواتها في المدينة الواقعة عند الحدود السورية – التركية، ونصبت مدفع هاون، واستقدمت راجمة صواريخ، كما حشدت قوات في محيط المجمع الأمني الذي يسيطر عليه الجيش السوري.وأشار موقع «النشرة» اللبناني إلى وجود حركة نزوح لعوائل القيادات الكردية من محيط «المجمع»، ويسري بين القادة الأكراد الميدانيين حديث عن أنه حان الوقت للهجوم عليه.وبينما وجهت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تحذيراً جديداً إلى النظام السوري بأنها مستعدة لإسقاط أي طائرة تهدد قواتها الموجودة في الحسكة، أعلنت قوات سورية الديمقراطية (قسد)، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية، أمس، عزمها التصدي لأي هجمات يشنها الجيش التركي أو فصائل المعارضة السورية الموالية لأنقرة، للسيطرة على بلدة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي، والتي يسيطر عليها حالياً تنظيم داعش.ولليوم الثاني على التوالي، قصفت المدفعية التركية أمس مواقع «داعش»، في حين يستعد مئات المعارضين السوريين لشن هجوم على جرابلس، آخر معبر يسيطر عليه «داعش» على الحدود السورية - التركية.وفي حين تعهد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بتقديم «كل أشكال الدعم» للعمليات الهادفة إلى طرد «داعش» من مدينة جرابلس، القريبة من الحدود التركية، اعتبر نظيره الروسي سيرغي لافروف أن روسيا بمنعها الضربة العسكرية التي كانت واشنطن تخطط لها عام 2013، جنبت سورية والعالم عواقب مدمرة، بإقناعها الأسد بالتخلي عن ترسانة الأسلحة الكيماوية.