قال المدير العام للمعهد العربي للتخطيط الدكتور بدر مال الله إن الإجراءات الإصلاحية التي اتخذها مجلس الوزراء الكويتي أخيراً على الصعيدين المالي والاقتصادي ومنها قرار اعتماد لائحة جديدة لأسعار البنزين أمر مستحق لتجنب الكلفة الباهظة في تأخير تطبيق إجراءات إصلاح الاقتصاد الوطني.

Ad

وأوضح مال الله في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الأربعاء أن تأخير الاصلاح المالي والاقتصادي في الكويت قد يعرض الاقتصاد الوطني إلى عدد من الصعوبات والتحديات في السنوات المقبلة تتمثل في عدم قدرة الإنفاق الحكومي على تلبية متطلبات التنمية وارتفاع البطالة.

وذكر أن من التحديات التي ستنجم عن عملية تأخير الإصلاح المالي ما يتمثل أيضاً في التأثير سلباً على قدرة الحكومة في التوسع في انشاء المرافق العامة وإقامة وتشييد البنى التحتية.

وأكد أن قرار اعتماد لائحة جديدة لأسعار البنزين لتواكب عملية إعادة هيكلة أسعار الوقود التي تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي له أهمية كبرى لما يترتب عليه من ترشيد في الانفاق العام وتقليص للعجز في الميزانية العامة وإعادة توجيه للدعوم نحو مستحقيها علاوة على كونه أولى الخطوات التنفيذية لوثيقة الإصلاح الاقتصادي والمالي الحكومية.

دراسة متأنية

وبيّن مال الله أن حزمة الإصلاحات المالية والاقتصادية التي من ضمنها رفع أسعار البنزين أتت بعد دراسة متأنية ومستفيضة وفي إطار من الحوار بين الحكومة والبرلمان الأمر الذي من شأنه أن يُعطي مساحة كافية لدراسة مختلف النتائج والآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليه.

وأشار إلى أن الاقتصاد الوطني الكويتي يمتلك عدداً من المصدات تجعله قادراً على تحمل أي اهتزاز أو اختلال في بنيته التركيبية كما أنه يمتلك عدداً من المقومات التي تمكنه من الحركة في المستقبل، مبيناً أن التصنيف الائتماني للمؤسسات المصرفية الكويتية أو للملاءة المالية لدولة الكويت هي تصنيفات عالية وتفوق نظيرتها في دول مجلس التعاون الخليجي.

وذكر أن المالية العامة للدولة تشهد عدداً من الضغوط المتزايدة على كاهلها من سنوات عدة بما يؤدي إلى ارتفاع الانفاق الجاري بشكل كبير والذي ينعكس على الانفاق الاستثماري نتيجة الحاجة المستمرة للتوسع فيه فضلاً عن تأثيره على قدرة الحكومة على الاستمرار في توظيف الخريجين الجدد في أجهرة الدولة والتوسع في أدائها.

وأوضح مال الله أنه في ظل الانخفاض في أسعار النفط تشهد الميزانية العامة لدولة الكويت أوضاعاً صعبة حيث بات يهددها العجز بشكل كبير مما يترتب عليه إما إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني والبدء بالإصلاحات الاقتصادية والمالية المستحقة أو الاتجاه إلى الاقتراض لسد العجز.

وقال إن الدعوم تشكل جزءاً كبيراً من هيكل الانفاق الحكومي حيث يصل إلى أكثر من خمسة مليارات دولار تقريباً (الدولار يعادل 0.301 دينار)، موضحاً أن وزارة المالية أجرت بالتعاون مع الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية عدداً من الدراسات حول كيفية معالجة موضوع هذه الدعومات وطرق ترشيدها.

وبيّن أن هناك حرصاً كبيراً من قبل المسؤولين الحكوميين وأعضاء البرلمان والجهات الرسمية المختلفة على عدم المساس بالطبقة الوسطى وذوي الدخل المحدود عند معالجة موضوع الدعوم مما قد يترتب عليهم من التزامات مالية جديدة.

الاجراءات الاقتصادية

وأكد مال الله حرص السلطتين التشريعية والتنفيذية معاً على عدم انعكاس حزمة الاجراءات الاقتصادية والمالية الأخيرة سلباً على كل من الاقتصاد الوطني ومعدل التضخم حيث كانت هناك دراسة لفئات معينة سواء فيما يتعلق برفع سعر الخدمة أو السلعة أو سحب الدعم عنها.

وأفاد بأن الدراسات توقعت أن يكون تأثير رفع أسعار البنزين والغاء الدعوم على معدلات التضخم في حدود معقولة ومقبولة اقتصادياً، مؤكداً أن ترشيد الدعم وإعادة هيكلته موضوع مهم للغاية على المدى المتوسط.

وشدد على أن أي عملية اصلاح مالي واقتصادي يجب ألا تضر أصحاب الدخل المحدود والطبقة الوسطى وعدم دفع التضخم إلى مستويات كبيرة تؤدي إلى الركود الاقتصادي.

واعتبر أن البلاد تمر حالياً بمرحلة اقتصادية صعبة تتطلب ليس فقط إعادة النظر في الانفاق الحكومي والمالية العامة للدولة إنما تتطلب أيضاً إعادة النظر في النشاط الاقتصادي وكيفية الوصول إلى معدلات نمو اقتصادي مرتفعة قابلة للاستدامة.

ودعا مال الله إلى خلق فرص عمل جديدة يتم خلالها استيعاب الخريجين الجدد بهدف الوصول إلى تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية وعادلة وذلك عن طريق إعادة النظر في جوانب عديدة في الاقتصاد الوطني وعلى رأسها كيفية ايجاد قطاع خاص فعّال لديه القدرة على استيعاب العمالة الوطنية وتشغيلها وعلى تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني.

القطاع الخاص

وتمنى أن يُساهم القطاع الخاص الكويتي بقيادة عملية التنمية الاقتصادية والمالية والاجتماعية في البلاد وأن يأخذ دور الريادة والمبادرة في عملية النمو الاقتصادي، مؤكداً أنه من دون قطاع خاص فعال وحقيقي لن تتعزز تنافسية الاقتصاد وستزيد الأعباء على الحكومة وستكون الدولة مقبلة على معدلات بطالة مرتفعة.

وأشار إلى وجود جهود كبيرة تبذل من قبل مختلف الجهات الحكومية في دعم وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر محركاً أساسياً لعملية النمو الاقتصادي لما لها من دور كبير في تشغيل العمالة الوطنية وتخفيف الضغط على الجهاز الحكومي.

وأشاد بالدور الكبير الذي تقوم به الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية في الكويت لتحسين أداء التخطيط الانمائي وتحسين وتفعيل دور الوزارات والمؤسسات الحكومية لتنفيذ برامج وأهداف الخطة الانمائية للدولة.

الاقتصاد المعرفي

في سياق آخر وبشأن عمل المعهد العربي للتخطيط لاسيما خطواته في مجال الاقتصاد المعرفي، قال مال الله إن هناك تعاوناً وثيقاً بين المعهد والأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية حيث تم تنظيم مؤتمر الاقتصاد المعرفي برعاية سامية من سمو أمير البلاد في وقت سابق هذا العام مشاركة بين الجهتين.

وأوضح أن المعهد يقدّم حالياً دبلوماً متكاملاً خاصاً بالتدريب على اقتصاد المعرفة يتكون من أربعة أسابيع بالإمكان تجزئته إلى أسبوع واحد لمن لا يستطيع الالتزام بأربعة أسابيع، كما يقدّم المعهد دبلوماً خاصاً بتدريب المعنيين في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مبيناً أن هذا البرنامج الذي يموّل من الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي سينفذ في جميع الدول العربية مستقبلاً.

وذكر أن هذا البرنامج سينفذ في المرحلة الأولى في دول مجلس التعاون الخليجي بداية من سلطنة عمان ثم دولة الكويت ثم مملكة البحرين وبعد ذلك يعمم على جميع الدول العربية، موضحاً أنه يقدم شهادة مدرب في مجال المشروعات الصغرى والمتوسطة.

وأضاف أن المعهد يُقدّم أيضاً برنامج المبادر المتميز بالتعاون مع الكلية الأسترالية في الكويت حيث يبدأ هذا البرنامج بحلقات نقاشية وورش تدريبية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وبيّن أنه تم الاتفاق مع الكلية الأسترالية على أن يكون هناك متطلب الزامي على الخريجين في السنوات المقبلة وأن تكون لديهم مبادرات في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة.