جزر الأحلام... تبخرت مع الأيام!
في الرابع والعشرين من شهر يناير الماضي كتبت مقالة بعنوان "جزر الأحلام....."، على إثر تقديم رئيس الحكومة سمو الشيخ جابر المبارك، وأعضاء لجنة السياسات والتنمية الإدارية بالمجلس الأعلى للتخطيط، لسمو أمير البلاد، مشروع استغلال الجزر الكويتية الحرة (بوبيان، فيلكا، وربة، مسكان، عوهة)، تنبأت في تلك المقالة، بأن هذا المشروع مجرد أحلام ستتبخر مع مضي الوقت، لكنني لم أتوقع أن تكون بهذه السرعة.وبالفعل، صدرت قبل أيام أخبار من مجلس الوزراء عن إلغاء مشروع استغلال الجزر تحت عدة مبررات، في صورة تبيِّن مدى الاستهانة والبساطة اللتين يتم التعامل بهما مع إدارة شؤون الدولة، فهل من الممكن في أي بلد أن يأتي مجلس تخطيط أعلى يترأسه رئيس الحكومة ونخبة من الوزراء ورجال دولة، ليعرض مشروعاً ضخماً على القيادة السياسية، وتباركه وتدعمه، ثم يتم إلغاؤه وكأنه لم يكن؟!
بالطبع، إن ما حدث هو نوع من الاستخفاف بالقرارات الكبرى، يستوجب مِن كل مَن قام به بمحاسبة نفسه، قبل أن يُحاسبه أحد "ويقص الحق من نفسه" ويرحل، وإذا تجاوزنا فرضاً الرأي العام المحلي رغم أهميته، فما هي صورة الكويت ومشاريعها ومصداقية أجهزتها الحكومية أمام المستثمرين الأجانب والحكومات عندما يتم عرض مثل تلك المشاريع على أعلى المستويات، ثم يتم نسفها؟والمهم الآخر، هو أن ما حدث يعد تبديداً للمال العام، فكم من الأموال العامة صُرفت على دراسات الجدوى والعرض السينمائي والافتراضي للمشروع؟ وكم من قبل بددت ملايين من الدنانير على دراسات الجدوى والدراسات الفنية لمشاريع مثل مدينة الحرير، ومترو الكويت والمدن الحدودية.... إلخ؟! بالتأكيد، إن بند المصروفات على دراسات الجدوى لمشاريع لن تنفذ "باب رزق دسم" للمحظوظين الذين يعرفون الوصول له!شخصياً كنت متأكداً من أن مشروع استغلال الجزر الكويتية هو "هذرة" بلا فائدة، في ظل واقع الكويت الحالي، من انغلاق وتزمت، بالإضافة إلى ضعف قدرات الأجهزة الحكومية والصراعات الاقتصادية في البلد، رغم أن الواقع يقول إن السياحة الشتوية من أوروبا وروسيا للشواطئ الدافئة في زيادة مطردة، لكن المزعج والمقلق في موضوع مشروع الجزر وإلغائه، هو تأرجح القرار الرسمي، وسهولة اتخاذ قرارات كبرى ثم نسخها أو القيام بإلغائها دون مبالاة، وهو مؤشر غير مطمئن، في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها الكويت، وبصفة خاصة الاقتصادية منها.