عرف عن الشعب الكويتي حب عمل الخير منذ القدم وشهد تاريخ الكويت العديد من الأمثلة على انخراط أبنائها في الأعمال التطوعية أثناء الأزمات والكوارث التي مرت بها البلاد.

Ad

ولايزال حب التطوع سائداً في المجتمع بل امتدت جهود العمل التطوعي على أيدي الشباب إلى خارج البلاد مع ما يواجهونه من تحديات في هذا المجال محلياً وخارجياً.

وشكّل توجه دولة الكويت إلى دعم انخراط الشباب في العمل التطوعي المحلي بيئة خصبة لجذب الكثير منهم للانتساب إلى مجموعات وفرق تطوعية مختلفة الأهداف والمقاصد كما ساهمت الأوضاع الإنسانية الصعبة التي طالت شعوب مناطق كثيرة من العالم في الآونة الأخيرة في توجه الكثير من الشباب الكويتي إلى التطوع لمد يد العون إلى هذه الشعوب رغم التحديات الكبيرة التي تعترض سبيلهم.

ويواجه الشباب الكويتي الراغب بالتطوع العديد من التحديات لعل أهمها محدودية الأماكن التي يستطيع التطوع بها ورغبته بالتطوع خارج الكويت والتي تعترضه عدة عقبات منها عدم ترحيب بعض الجهات التطوعية بالنساء والجهات الأخرى تحدد مقاعد معينة وتجعل التطوع يقتصر على عدد قليل.

وفي هذا الصدد استطلعت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس آراء عدد من الشبان والشابات ممن خاضوا غمار التطوع في مجالات مختلفة وآخرين لديهم الرغبة لكنهم واجهوا عقبات حالت دون انخراطهم في العمل التطوعي.

واتفق هؤلاء الشباب على محدودية مجالات التطوع داخل البلاد واقتصار التطوع في الخارج على فئة معينة كمشاهير التواصل الاجتماعي أو الشخصيات التي تُحظى بمتابعة جماهيرية أو أصحاب المال والنفوذ.

وأجمعوا على أن العمل التطوعي هو عمل إبداعي ويجعلك تطرق أبواباً لم تكن لتختبرها في حياتك اليومية إذ إنه يتطلب إبداعاً في طريقة تقديم المساعدات سواء المعنوية أو المادية والعينية إلى شخص لرفع المعاناة عنه دون التعرض لكرامته، وقالت المتطوعة مريم الفرج إنها دخلت غمار التطوع في الـ 19 من عمرها في أحد المستشفيات المتخصصة بتغذية الأطفال في أمريكا من خلال منظمة خيرية انتسبت إليها عبر موقعها الإلكتروني مؤكدة أن مساهمة المتطوع بوقته وجهده في تغيير حياة أشخاص نحو الأفضل يشعرك بـ "لذة التطوع".

وأوضحت أن مجالات التطوع في الكويت "محدودة" غالباً ونشاطاتها متكررة، مبينة أن تجربة التطوع في المستشفيات محلياً ليست سهلة كما هي في الخارج كما أن نظام التطوع في البلاد "غير متاح من خلال مواقع إلكترونية ترشدك إلى أي مؤسسة تلجأ إليها" عند الرغبة في التطوع إضافة إلى أن الكثير من الجهات الخيرية في الكويت لا ترحب بالنساء وتفضل أن يكون المتطوعون من الرجال فقط.

من جانبها، قالت المتطوعة أميرة الخالدي إن هناك الكثير من الفتيات يطمحن إلى التطوع داخل البلاد أو خارجها إلا أنهن يواجهن صعوبة في اقناع ذويهن لاسيما أن هناك الكثير من الأسر المحافظة ترفض أن تسافر بناتها للتطوع أو غيره مما يجعل فرصها في التطوع محدودة لاسيما خارج البلاد.

وأضافت أن مجال التطوع محليا يتم غالباً بجهود ذاتية ينقصها المهنية ودون ترتيب مسبق إضافة إلى أنه "محدود وفي الغالب يعاني البيروقراطية" مدللة على ذلك بصعوبة التطوع في دور الرعاية التي ترعى الأيتام والمسنين وقد يحتاج الراغب في التطوع إلى توصيات لقبوله.

وذكرت أن هذا يتعارض مع ثقافة التطوع التي تتم بسلاسة في الدول الغربية إذ تتوافر لديها العديد من مجالات التطوع سواء في المستشفيات أو دور المسنين والأيتام ومع ذلك هناك دوماً تحفظ على تطوع النساء حتى من قبل المؤسسات الإنسانية أو حتى المستشفيات في الكويت تحت ظن أن المراة لا تحتمل التطوع وأنها قد لاتأخذه على محمل الجد وبهذا اجحاف وحكم مسبق لا تستحقه المرأة الكويتية التي عرفت بالجرأة والشجاعة.

من ناحيتها، قالت المصورة المحترفة والمتطوعة عذوب الشعيبي إنها طلبت التطوع مع بعض الجهات الخيرية للعمل مصورة في رحلات خارجية لكن طلب منها أن يتم سفرها على حسابها الشخصي وقامت بذلك أكثر من مرة دون اعتراض حتى بات ذلك يشكل عبئاً مادياً عليها داعية تلك الجهات إلى تخصيص ميزانية للإعلام والمصورين كما تفعل مع "مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي".

وشددت على ضرورة تحري الدقة عند اختيار التطوع لدى الهيئات الخيرية والإنسانية لتجنب تلك التي تعمل وفق أجندات خاصة لا تتماشى مع مضامين العمل الإنساني القائمة على عدم التفريق أو التمييز على أساس اللون أو العرق أو الدين أو ماشابه ذلك.

ومن ناحيتها، قالت المتطوعة في الفهد إن بدايتها مع التطوع داخل البلاد كانت في المرحلة الابتدائية ثم انتقلت إلى العمل التطوعي الخارجي بعد التحاقها مع فريق انساني عن طريق إحدى وسائل التواصل الاجتماعي لمساعدة اللاجئين السوريين في الأردن.

وأشارت الفهد إلى صعوبات واجهتها في اقناع ذويها للقيام بهذا العمل وذلك لخشيتهم على سلامتها، مبينة أن اصرارها على تحقيق حلمها في التطوع لخدمة اللاجئين مكنها من اقناعهم بالسماح لها بالسفر.

وذكرت أنها بعد أن قامت برحلتها مع الفريق الانساني أحست بأنها وجدت ضالتها في هذا المجال ثم التحقت بعد ذلك بفريق (تراحم) التطوعي الذي قامت معه بأكثر من رحلة حيث امتد نشاطها إلى تصوير هذه الرحلات لنقل معاناة اللاجئين للمتابعين في الكويت.

من جهته، أبدى عبدالله الشمري رغبته في الالتحاق بالعمل التطوعي لكن خشيته من امتلاك بعض الجمعيات العاملة في هذا المجال لأجندات مشبوهة وفي ظل تهم طاولت بعضها بالتستر بالعمل الخيري لدعم الإرهاب حد من هذه الرغبة.

وأشار الشمري أيضاً إلى عدم ترحيب بعض الجمعيات بالمتطوعين الجدد "إلا إذا كان يملك تبرعاً كبيراً والمفترض في العمل التطوعي هو التطوع بالوقت والمجهود وليس بالضرورة المال".

بدوره قال جراح الجسار (وهو حديث التخرج ولا يعمل ويرغب بالتطوع) إنه يرغب في استغلال وقت الفراغ بالتطوع في إحدى جهات العمل التطوعي لكنه يجهل "إلى من وأين يتجه"، مشيراً إلى أن الجهات التطوعية ضعيفة إعلامياً.

من جانبه، أكد نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الهلال الاحمر الكويتي أنور الحساوي لـ (كونا) أن الجمعية تستقبل الراغبين في التطوع من سن 16 سنة فما فوق ومن الجنسين.

وأشار الحساوي إلى وجود العديد من النشاطات التطوعية التي يمكن لهؤلاء المشاركة بها في البلاد منها زيارة دور الرعاية والمستشفيات والاحتفالات الوطنية والمناسبات الدينية.

وأوضح أن المتطوع في الجمعية يأخذ دورة في القانون الإنساني ودورة في الإسعافات الأولية ليصبح مؤهلاً للتطوع داخل البلاد أو خارجها، مبيناً أن الجمعية أرسلت متطوعين ومتطوعات في رحلات إلى مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان مع اشتراطه أن تكون مشاركة المتطوعات كمجموعة.

وذكر أن الجمعية تستقبل المتطوعون من المقيمين أيضاً ومن جميع الجنسيات انطلاقاً من حرصها على تحقيق هدفها في غرس حب التطوع عند جميع فئات المجتمع.

وأشار إلى إنشاء الجمعية أخيراً نادي (المتطوع الصغير) الذي يهدف إلى تنمية قدرات الأطفال وإكسابهم المهارات التي ستفيدهم في أعمالهم التطوعية وفي حياتهم.