إمبولو مبو... أكثر من حلم!
لم تَصْدر أول رواية لإمبولو مبو بعد، لكن بدأ كثيرون يعتبرون هذه الكاتبة الكاميرونية نجمة قادمة بقوة!
تعيش إمبولو مبو (33 عاماً) حلماً حقيقياً قبل أسابيع من صدور كتابها لكنه حلم واقعي جداً. تقول هذه الشابة المتحفّظة والبشوشة إن شهرتها «مبو» تعني المطر بلغتها الأم.جاءت من نيويورك إلى فرنسا لتسويق روايتها الأولىBehold the Dreamers (ها قد أتى الحالمون). اشترت دار النشر الأميركية «راندوم هاوس» نصّها مقابل مليون دولار عام 2014 ثم اشتراه 12 بلداً آخر، وسبق وبيعت الحقوق السينمائية أيضاً.تأثرت سوزان غولومب، مديرة أعمال الكاتب الشهير جوناثان فرانزن، بقصة الكاميروني جاند جونغا الذي أتى ليجرّب حظه في الولايات المتحدة بعدما توظّف كسائق لمسؤول ثري في بنك «ليمان براذرز»، كما أعجبها محور الرواية التي تسرد طريقة تعامل العائلات مع الأزمة المالية بدءاً من عام 2007: «إنها أول كاتبة أتعامل معها تتحدّر من أصل إفريقي وتأتي من بلدٍ لا يعرف عنه الأميركيون معلومات كثيرة. في نصّها تأثرتُ بالشخصيات والحب الذي تستعمله لوصفها. طلبتُ من إمبولو أن تعيد صياغة النص لطرح الرواية من وجهة نظر إفريقية». لكن هل يرتبط التحدي المادي أيضاً بخوف من تجاهل نسخة جديدة من شيماماندا نغوزي أديشي، التي تُعتبر إحدى أفضل الكاتبات الإفريقيات اللواتي أقمن في الولايات المتحدة ونجحن في ترك بصمتهنّ في الأدب الأميركي خلال السنوات الأخيرة؟ لا تهتم إمبولو مبو بهذا الجانب بل تترك مسألة التسويق بيد المختصين بهذه المسألة.
نشأة صعبة
وُلدت إمبولو مبو في إحدى بلدات الساحل الجنوبي الغربي في الكاميرون، ونشأت «من دون ماء أو كهرباء. مع ذلك، كانت الحياة هناك مدهشة».استقرت العائلة في منطقة «ليمب» الناطقة باللغة الإنكليزية. وفي بلدٍ يقسمه التاريخ الاستعماري، تكون اللغة كفيلة بتوسيع الهوة بين الناس. مثل أبطالها الأفارقة، اختبرت الكاتبة نمط الحياة في «هارلم» وعاشت الفقر في الولايات المتحدة وواجهت الصراع القائم بين البلد الأم والبلد المضيف، لكن يعجّ كتابها أيضاً بقصص سردها لها المهاجرون وتحرص مبو على شكرهم.حين تسمع أن روايتها تبدو متكاملة كونها تتناول مواضيع الهوية الأصلية والطبقة الاجتماعية ولون البشرة والدين والمال والنوع الاجتماعي، تجيب قائلة: «هل يجب أن أعتبر الأمر إطراءً؟ في النهاية أنا لم أخترع أي كائنات فضائية! هكذا هي حياتي. أردتُ أن يفهم الناس حقيقة الولايات المتحدة التي نحلم بها والخيبات التي نعيشها. علّمتني الهجرة معنى أن أكون فقيرة وغريبة وسوداء وإفريقية لها لكنة غريبة».ثمار المبادرة
سرعان ما أعطت مثابرة الثنائي جاند ونيني (بطلا قصّتها) ثمارها. تدرك إمبولو مبو أهمية التربية الصالحة التي تلقّتها. لكن لا أثر لدور الأب في حياتها. أرسلتها والدتها إلى خالتها في عمر الثامنة لدخول مدرسة أفضل من مدارس القرية التي نشأت فيها، ثم وصلت إلى «ليمب». وبمساعدة العائلة التي كانت قد استقرت في الولايات المتحدة، حصلت على منحة مدرسية وانطلقت لمتابعة تحصيلها العلمي عام 1998.كانت إمبولو مبو انغمست حينها في عالم الكتب، لكن انقلب كيانها بالكامل عام 2002 حين قرأت رواية Song of Solomon (أغنية سليمان) للكاتب طوني موريسون في الولايات المتحدة واعتبرتها مصدر إلهام لها: «بدأتُ حينها أكتب بلا هدف، من باب المتعة». ثم تابعت دراسة التجارة وعملت في شركة كبرى وبدأت تستعد لنيل شهادة الماجستير كي تصبح أستاذة. لكن جعلتها أزمة الرهن العقاري التي ترويها في كتابها تقع ضحية البطالة: «رحتُ أبيع الملابس وعملتُ لدى طبيب أسنان وشاركتُ في جميع أنواع المهن كي أعيل نفسي لكني أوقفتُ البحث في مرحلة معينة. كنت أمام خيارين: إما أن أعود إلى الكاميرون أو أحقق نتيجة إيجابية من كتاباتي».بدءاً من عام 2011، بدأت الشابة مبو تكتب رواية مبنية على المراقبة بكل بساطة: «حين كنت أشاهد المسؤولين في «وول ستريت» وهم ينزلون من سياراتهم مع سائق، رحت أتساءل عن هذا التعايش بين طرفين مختلفين ضمن تلك المساحة المغلقة». هكذا نشأت شخصيتا جاند وكلارك، السائق ورب العمل.في كل مساء، تجلس إمبولو مبو على الطاولة في غرفة الطعام وتكتب وتتعاطف بشدة مع شخصياتها التي تطمح إلى تحسين حياتها على طريقتها الخاصة. تقول مبتسمة: «قد تجعلنا بلدان كثيرة نحلم لكن تجيد الولايات المتحدة تحديداً تقديم حزمة شاملة».يتوقّع لها فرانزن أن تصبح «روائية مدهشة في كل مكان وفي جميع اللغات»، ويعتبر أن «تحوّلها مع قصصها إلى جزء من المجتمع الأميركي فرصة عظيمة!».