تحول الخلاف حول من سيدفع كلفة بناء الجدار، الذي يهدد المرشح الجمهوري دونالد ترامب ببنائه على الحدود مع المكسيك، إلى مادة سجال جديدة تضاف إلى القضايا التي تدور حولها الخلافات، سواء مع منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، أو مع الطبقة السياسية المنغمسة حتى أذنيها في هذه المعركة.

وما اعتبره معظم المراقبين أنه إنجاز حققه ترامب، أمس الأول، خلال وقوفه جنباً إلى جنب مع الرئيس المكسيكي إنريكي بينا نييتو، مثبتاً أهليته ولو بالشكل لكي يكون رئيساً لأميركا، سرعان ما بدده ترامب حين نفى أمام مضيفه أن يكون بحث معه فيمن سيدفع كلفة بناء الجدار.

Ad

نفي اضطر الرئيس المكسكي إلى الرد عليه بتغريدة على «تويتر» قائلاً إنه أبلغ ترامب بشكل واضح خلال بداية لقائهما أن بلاده لن تدفع كلفة بناء الجدار.

وعلى الفور، انطلقت عاصفة من التعليقات، واعتبرت ما جرى نتيجة طبيعية لخرق ترامب البروتوكول في المؤتمر الصحافي المشترك، ما أحرج مضيفه، خصوصاً أمام شعبه، الذي يتعرض لهجوم غير مسبوق من أحد أبرز المرشحين الرئاسيين لحكم أميركا.

ترامب الذي تقوم حملته في جزء كبير منها على محاولة إلصاق تهمة الكذب بمنافسته كلينتون، لإضعاف ثقة الناخب الأميركي بها، ما مكنه من تحقيق تقدم في استطلاعات الرأي في مواجهتها هذا الأسبوع، واجه على الفور التهمة نفسها، وبلسانه هذه المرة، في قضية اعتبرت حجر الزاوية في حملته الانتخابية التي انطلقت قبل أكثر من 15 شهراً.

لم يجرؤ على القول أمام مضيفه إنه بحث معه كلفة بناء الجدار، رغم تشدقه بأنه سيطلب من رئيس المكسيك هذا الأمر. اتهامه للمهاجرين غير الشرعيين القادمين في معظمهم من المكسيك بأنهم وراء أغلبية المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة، ووعده بترحيل أكثر من 11 مليون مهاجر يعيشون بطريقة غير شرعية، شكّل الرافعة التي استقطب عليها رضا الناقمين وهم في معظمهم من البيض.

وبعد ساعات على عودته من المكسيك، ورغم إحجامه عن الرد على ما قاله الرئيس المكسيكي، ألقى ترامب في ولاية أريزونا خطاباً اعتبره البعض من أهم خطاباته في حملته الانتخابية، فقد طرح فيه برنامجاً متشدداً من 10 نقاط عن المهاجرين والهجرة غير الشرعية، محاولاً شد عصب جمهوره آملا أن ينجح أيضاً في استقطاب شريحة واسعة من الجامعيين البيض. وهي شريحة اعتبرها المحللون رئيسية لتمكينه من الفوز بكرسي البيت الأبيض.

وبدلاً من أن تشكل زيارته للمكسيك خطوة تقربه من جمهور الناخبين من أصول لاتينية ومن باقي الأقليات، وكذلك من السود، جاء خطابه المتشدد في أعقابها ليضيف صعوبات على حملته، في الوقت الذي سجلت فيه حركة استقطاب والتفاف من تلك الأقليات حول المرشحين لانتخابات مجلسي الشيوخ والنواب من أصول لاتينية.

هكذا فاز ماركو روبيو في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين في ولاية فلوريدا، إضافة إلى المرشحين الجمهوريين الذين لا يناصبون تلك الأقليات العداء كجون ماكين، الذي فاز أيضاً في ولاية أريزونا.

في المقابل، سجلت حملة كلينتون أسبوعاً سيئاً، حيث تعرضت لتراجع في استطلاعات التفضيل، فقد ارتفعت نسبة من لا يفضلونها كرئيسة للولايات المتحدة إلى 59 في المئة، بعدما كانت 51 في المئة، في حين تحسنت نسبة رفض ترامب من 63 إلى 60 في المئة ليقترب من كلينتون في هذا المجال.

نجاح حملة ترامب والجمهوريين عموماً في الإبقاء على حرارة قضية بريد كلينتون الإلكتروني مرتفعة، وعلى كيل الاتهامات لها باستغلال منصبها كوزيرة للخارجية لخدمة مؤسسة زوجها، فضلاً عن فضائح لحقت بأعضاء في فريق عملها، مكنت ترامب من تقليص هامش تقدمها عليه، رغم إصرار القيمين على حملتها بأن الأمور متغيرة ولايزال هناك 66 يوماً على موعد الانتخابات.