حتى «البيت الكردي» يتداعى في برلمان العراق
المساءلة تشمل العبادي بعد الجعفري والانقسامات تهدد «الموصل»
كشفت استجوابات البرلمان العراقي عن مستوى أكثر عمقاً للانقسامات داخل الكتل النيابية، التي تتشكل في العادة على أساس تجمع قومي، أو تحالف نواب من طائفة واحدة، لكن المشكلة أن الانقسام، الذي يذهب إلى نحو غير مسبوق، يتزامن مع اقتراب معركة الموصل، أكبر العمليات التي يشهدها العراق في حربه ضد «داعش».وإذا أمكن للمراقبين أن يتخيلوا كل هذه الفوضى داخل «البيت السني»، أو نظيره الشيعي، فإنهم يستغربون ما يحصل مع الكتلة الكردية، المعروفة بأنها تعمل بانتظام صارم، وتترك خلافاتها الكبيرة والصغيرة بين جبال كردستان، حين تأتي إلى بغداد، لتظهر بشكل موحد أمام الخصوم أو الشركاء العرب.حصل هذا خلال استجواب نيابي تعرض له وزير المالية الكردي هوشيار زيباري، وهو سياسي بارز، وخال رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، وأصبح هدفاً منذ فترة لفريق رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
ويعد زيباري، المقرب من العواصم الغربية، والمعروف بأنه كاتم أسرار الأحزاب الكبرى في البلاد، شخصية تتمتع بحصانة داخل الخلاف الكردي طوال سنوات، لكن الحزب الكردي المنافس، وهو الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، صوّت ضد شريكه زيباري، وضد «حمائم الشيعة» وحكومة العبادي، متحالفاً في هذه النقطة مع فريق المالكي، الذي يقوم بدور خطير هذه الأيام، استباقاً لمعركة نينوى وطموحات طهران بشأنها، وانتخابات الحكومات المحلية المقررة بعد نحو 6 أشهر. لكن الأخطر من التصويت ضد زيباري، هو الجدال حول نفط كركوك، الذي أصبح عملياً تحت تصرف بيشمركة كردستان التابعين للاتحاد الوطني «الطالباني»، لكن يجري تصديره عبر أنبوب نفط يمر من مناطق الحزب الكردي الخصم بزعامة بارزاني وخاله وزير المال (زيباري)، ما يجعل الطالبانيين يشعرون بأن نفطهم في أيدي خصومهم.وهنا دخلت بغداد على الخط بمقترح غريب من نوعه، بتصدير نفط كركوك بواسطة صهاريج عبر إيران، ما أثار استهجاناً شديداً في أربيل، ودفع رئيس حكومة الإقليم الكردي إلى السفر سريعاً، ولقاء حيدر العبادي في بغداد، استئنافاً للحوار المجمد بشأن تقاسم عوائد النفط.وسيعني هذا الانقسام الكردي أن التنسيق مع بغداد بشأن معركة الموصل، المتوقع انطلاق مرحلتها الحاسمة الخريف المقبل، سيكون صعباً، بينما يحتاج الجيش الحكومي إلى تفاهم وإسناد من قبل البيشمركة وتحت مظلة التحالف الدولي. وكذلك، فإن الشرخ المؤلم داخل البيت السني، بسبب الأزمة بين وزير الدفاع المقال ورئيس البرلمان سليم الجبوري، يعني أن القوى السنية ستذهب مع كتلها الكبرى سياسياً وعسكرياً، وهي منقسمة أشد الانقسام، ما سيصعب موقفها التفاوضي سواء مع الشيعة الحاكمين، أو الأكراد المجاورين، أو التحالف الدولي بزعامة واشنطن.وكل هذا يعني أن الاتصالات السياسية ستنشط سريعاً، في ظل بحث أميركي لتخفيف حدة التوتر بين هذه الأطراف، وتأجيل تصفية الحسابات إلى ما بعد معركة الموصل، ووسط خشية من أن مسؤولين آخرين، مثل وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، قد يخضع للمساءلة، فضلاً عن رئيس الحكومة نفسه، الذي هدده نواب باستجواب ومحاولة سحب الثقة، بجهود فريق المالكي الطامح للعودة إلى السلطة بأي ثمن.