حرب أسعار الاتصالات المستعرة في الهند، والتي هوت بسعر دقيقة المكالمات الى أقل من السنت في بعض الحالات باتت تهدد قدرة شركات خدمات النقل اللاسلكي. فهناك جبال من الديون قد تحد من حجم عروض هذه الشركات التي يمكن أن تقدمها لشراء موجات اتصال في مزاد علني هذا الشهر. وقد يفضي ذلك إلى فجوة تقدر بنحو 74 مليار دولار في ايرادات الحكومة. وسبق لإحدى الشركات أن أعلنت أنها سوف تقاطع ذلك المزاد الذي سينطلق في 29 سبتمبر الجاري، كما يحتمل أن تمتنع بعض الشركات من الانفاق التنافسي على موجات اتصال جديدة. وتخطط الهند لأكبر عملية تسويق في هذا الإطار، بما يمكن من خفض زمن تحميل الفيديوهات وتسريع قدرة التحميل لأكثر من مليار مستخدم في ثاني أكبر سوق للهواتف الذكية في العالم. وتسعى الحكومة إلى جمع نحو 5.6 تريليونات روبية ( أي 83 مليار دولار)، ومع ذلك فإن الشركات قد توفر جزءا بسيطاً فقط من ذلك المبلغ لأنها اشترت موجات كثيرة في العامين الماضيين وباتت بحاجة الى المال لتفادي أحدث مشاريع الملياردير موكش أمباني.
المزاد سيفشل
ويقول كريس لين، وهو محلل لدى سانفورد سي بيرنستين في هونغ كونغ: "نحن نعتقد أن المزاد العلني سوف يفشل ولا نرى أن الشركات سوف تقدم عروضاً كما حدث في السنوات السابقة". وعلى عاتق شركات خدمات الاتصال اللاسلكي الـ 12 في الهند هناك أكثر من 61 مليار دولار من الديون، بينما يتراجع متوسط ما تحققه من عوائد من كل مستخدم، مع قيام عملائها بإجراء المكالمات الصوتية عبر تطبيقات مجانية. وقد ازداد إجمالي الديون 41 في المئة منذ شهر مارس من عام 2014 بحسب وكالة التصنيف الائتماني آي.سي.آر.إيه.ويقول لين إن أسعار المكالمات الهاتفية في الهند هي الأرخص بين اقتصادات العالم الرئيسية وتبلغ الآن بشكل وسطي نحو 2 سنت في الدقيقة، بعد أن هبطت قبل زمن الى أقل من سنت واحد. ويحتمل تحقق مزيد من خفض الأسعار مع استعداد شركة ريلاينس جيلو انفوكوم ليمتد لبدء عملياتها التجارية، وهي تهدف الى تقديم خدمة جيل رابع أو 4 جي. وقد أنفق جيلو ما لايقل عن 1.5 تريليون روبية من أجل الوصول الى شتى أنحاء البلاد.ومن قبيل التحسب عمدت الشركات بما فيها بهارتي ايرتل ليمتد Bharti Airtel Ltd. وهي أكبر شركة اتصالات في البلاد، وآيديا سيليولار ليمتد Idea Cellular Ltd. إلى تقليص رسوم المعلومات، كما استفاد البعض من قيام الحكومة بتخفيف القوانين التي أصبحت تسمح بتشاطر أو تداول الموجات. ويقول سونيل باشيسيا وهو نائب رئيس شركة السمسرة براتيبهوتي فينييوغ ليمتد Pratibhuti Viniyog Ltd. في مومباي: "لقد دخلت الشركات منطقة حرجة، ومع دخول شركة أخرى قد تصبح حرب الأسعار أشد ضراوة، وقد لا ترغب الشركات بضخ مزيد من الأموال على نطاقات الموجات، بل على ضمان بقائها". ونتيجة لذلك قد تنفق الشركات 650 مليار روبية فقط –أو 9.7 مليارات دولار– في المزاد المقبل، بحسب تقديرات آي.سي.آر.أيه.عجز الميزانية
لن يكون الأمر جيدا بالنسبة الى الحكومة التي تحتاج الى المال من أجل دفع زيادات الرواتب التي تبدأ هذا الشهر. وسوف يتم دفع نحو 849 مليار روبية الى 10 ملايين عامل ومتقاعد، وتتوقع ادارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورود نحو 31 في المئة من عوائد غير ضريبية عبر خدمات الاتصالات في السنة المالية المنتهية في شهر مارس المقبل.وسوف تفضي ايرادات المزاد العلني التي تقل عن التوقعات الى زيادة الضغط على الميزانية التي تشهد أكبر عجز موازنة في آسيا – بحسب معلومات جمعتها وكالة بلومبرغ.وكان مزاد السنة الماضية قد حقق 18 مليار دولار، كما جمع مزاد جرى في سنة 2014 نحو 9.8 مليارات دولار.7 موجات
ويقول هارش جاغناني، وهو نائب رئيس تصنيف شركات لدى غوراغون لشركة آي.سي.آر.أيه في الهند: "لقد راكمت الشركات في الأساس ديوناً من خلال تقديم عروض سخية في مزادات سابقة. وإذا تقدمت بعروض للحصول على مزيد من نطاق الموجات فإن ذلك سوف يضاعف مديونيتها وسوف يقيد قدرتها على الانفاق".وسوف يغطي مزاد هذه السنة 7 موجات – من 700 ميغاهيرتز الى 2500 ميغاهيرتز – ويمكن أن يزيد النطاق المتوافر بنحو 55 في المئة. ويحسن التردد الأدنى مدى التغطية والانتشار فيما يتمتع التردد الأعلى مثل 2300 ميغاهيرتز و2500 ميغاهيرتز بسعة أكبر لنقل المعلومات وجعلها صالحة لتطبيقات أكثر كثافة ولأشرطة الفيديو. ونصف الأموال التي تريد الحكومة جمعها تتحقق عبر مبيعات 700 نطاق ميغاهيرتز الداعم للمكالمات الصوتية على شبكات LTE. وعلى الرغم من ذلك قد لا يوجد مشترون لأن الحكومة حددت أسعاراً عالية جداً، بحسب لين. وسعر الحكومة لتلك الموجة يبلغ أربعة أمثال سعر تردد 1800 ميغاهيرتز، مما يجعلها غير مغرية بالنسبة الى شركات مثقلة بالديون.وتتوخى آيديا سيليولار وهي ثالث أكبر شركة الحذر إزاء تقديم عروض بعد أن ردت على تحدي أمباني من خلال عرض ما يصل الى 54 في المئة أكثر من المعلومات في مقابل السعر نفسه. وتنظر الشركة الى المزاد العلني على أنه طريقة لتحديث تغطيتها واضافة عملاء.منافس كبير
وقال رئيس شركة آيديا الملياردير كومار مانغالام بيرلا في مقابلة في 11 أغسطس الماضي: "يوجد منافس كبير يملك الكثير من المال ومن شأن ذلك أن يهز الصناعة. ونحن نأمل في أن نسد الفجوة الموجودة في نطاقنا، ولكن على المرء الانتظار لرؤية نوعية أسعار المزاد العلني". ولن تشارك تيلينور أيه. أس. أيه Telenor ASA التي تحتل المركز الثامن بين الشركات في المزاد لأن أسعار النطاق المقترحة "لا تعطي مستويات مقبولة من العوائد، بحسب قول الشركة التي تتخذ من أوسلو مقراً لها في تقريرها عن الأرباح في الربع الثاني في 19 يوليو الماضي".ويعتبر تحسين التغطية مهماً نظراً لأن المزيد من الهنود يستخدمون الرسائل النصية ويشاهدون مقاطع الفيديو ويتسوقون ويجرون معاملات مصرفية عبر هواتفهم الجوالة. وسوف يكون لدى الهند قاعدة من 600 مليون هاتف ذكي بحلول سنة 2020، وذلك بحسب تقديرات انترناشنال داتا كورب. وقد ازدادت شحنات الهواتف الذكية في الهند بنسبة 15 في المئة في الربع الثاني عن سنة خلت، مقارنة مع 3 في المئة على صعيد عالمي، بحسب كاونتربوينت ريسيرتش.وزادت بعض الشركات من نطاق موجاتها قبل المزاد. وفي شهر مارس الماضي أعلنت شركة بهارتي ايرتل أنها حصلت على موجات من وحدة فيديوكون اندستريز ليمتد في ست مناطق، وبعد شهر أعقبت ذلك باتفاق مع ايرسل ليمتد Aircel Ltd لنطاق في 8 مناطق.حالة تخمة
وقال الرئيس التنفيذي لشركة آيديا سيليولار هيمانشو كابانيا في مؤتمر صحافي في التاسع من شهر أغسطس الماضي: "لقد انتقلنا من حالة نقص في النطاق إلى تخمة فيه". ولكن لم تقرر كل الشركات عدم المشاركة. وقد تكون فودافون وهي ثاني أكبر شركة في الهند الأكثر انفاقاً في المزاد. وهذه الشركة التي تستعد لتصبح شركة مساهمة عامة قد تنفق ما يصل الى 163 مليار روبية، بحسب تقديرات بيرنستين، من أجل تحسين خدمة 4G الضعيفة.