هل يحول اتفاق ليموا بين الهند وواشنطن الصراع الاقتصادي مع الصين إلى مواجهة لوجستية؟
وقعت الولايات المتحدة والهند في الثلاثين من أغسطس الماضي معاهدة تجعلهما تبدوان ضمن أمور أخرى أشبه بشريكين لوجستيين في مواجهة الصين القوة الاقتصادية الهائلة التي تعزز قبضتها في الوقت الراهن في بحر الصين الجنوبي. هذه الاتفاقية التي تدعى اتفاقية مذكرة التعاون اللوجستي "ليموا" تمكن كلا من الدولتين من استخدام امكانات الدولة الاخرى على صعيد عالمي فيما يتعلق بالامدادات وقطع الغيار والخدمات والتزود بالوقود. وبصورة فعالة تستطيع القوات الأميركية أن تعمل من قواعد هندية والعكس بالعكس.وبالنسبة الى الولايات المتحدة، تعتبر هذه الاتفاقية أحد أجزاء "محور" المواجهة الأكبر في آسيا، والذي يهدف الى مواجهة الصين الصاعدة اقتصاديا. وتخطط واشنطن لنشر 60 في المئة من سفنها في المحيط الهندي- الباسيفيكي في المستقبل القريب. وبدلاً من الاضطرار الى بناء منشآت من الأساس – كما كان الحال في أفغانستان والعراق - فإن في وسع الولايات المتحدة الاستفادة من ترتيبات في المنشآت الهندية الضخمة.وبالنسبة الى رئيس الوزراء الهندي مودي، تشكل هذه الاتفاقية خطوة اخرى وهي جزء من تحرك أوسع كثيراً يهدف الى ابتعاد الهند عن تحالفها في الحرب الباردة مع روسيا، والتوجه نحو تحالف جديد مع الولايات المتحدة (واليابان وأستراليا) من أجل حماية المحيط الهندي والبحار المقابلة لجنوب شرق آسيا، وخاصة من جانب الصين. وتظل الهند في ظروف عدائية مع الصين ناجمة عن نزاعات حدودية تعود الى الحرب التي اندلعت في ستينيات القرن الماضي. فضلا عن التنافس الاقتصادي الحاد الذي يسم العلاقة بين البلدين.
وبالنسبة الى الولايات المتحدة والهند، تستجيب هذه الاتفاقية الى التحدي القوي من جانب الرئيس الصيني زي جنبنغ والمتمثل في الجزر الاصطناعية – ذات القواعد الجوية – في بحر الصين الجنوبي. وقد تساهم أيضاً في مواجهة العدو المشترك للولايات المتحدة والهند أي الجهاديين الراديكاليين. وعلى سبيل المثال، فإن تنظيم داعش الارهابي قام في الآونة الأخيرة بتفجير ارهابي في بنغلادش. والسؤال هو: ماذا لو أن هذا التنظيم تمكن من تحقيق جهد جوهري على الأرض – ليس على غرار ما قام به في سورية والعراق – بل على مستوى جوهري كما فعل في سيناء وليبيا؟ ووجود اتفاقية "ليموا" يجعل من الأكثر بساطة بالنسبة الى البحرية وسلاح الجو الأميركيين اعادة التزود بالوقود وإعادة التموين وغير ذلك. وليس لدى الولايات المتحدة قواعد فعلية في الهند ولكنها تتمتع بثاني أفضل شيء وهو طريقة بسيطة لاستخدام القواعد الهندية. وتمثل اتفاقية "ليموا" الطريقة الرئيسية نحو اتفاقيات ستتحقق في مجال تشاطر التقنية اللوجستية ذات الأهمية الهائلة بالنسبة الى الهند لمساعدتها على مواجهة الصين. وإحدى الاتفاقيات المقبلة هي اتفاقية مذكرة الاتصالات وأمن المعلومات – والأخرى هي اتفاقية التبادل الأساسي والتعاون في المعلومات الجيوفضائية.ومن خلال اتفاقات سابقة عبر "ليموا" تستطيع الهند إما الشراء والاستخدام – من الولايات المتحدة أو الغير – أو التحول الى ذروة التقنية في سلاحها الجوي والبحري من أجل مواجهة الصين وخاصة في المحيط الهندي. ويتعين ألا ننسى باكستان التي تجعل من نفسها قاعدة لقوات بكين للعمل في المنطقة. لقد جعل مودي الهند مشترية ضخمة للأسلحة المتقدمة والولايات المتحدة هي أكبر بائع للأسلحة في العالم. وثمة اتفاقات وسياسات سابقة في هذا الصدد. وقد اعترفت الولايات المتحدة بالهند كشريك دفاعي رئيسي، وجلبتها الى نظام مراقبة تقنية الصواريخ. وبين الجوانب الأخرى، فإن الاتفاقات المتعددة تعجل بحصول الهند على مفاتيح المملكة وهي تراخيص أكبر مستويات التقنية الدفاعية الأميركية. وبكلمات اخرى يحصل المتعاقدون الأميركيون من خلال اتفاقية "ليموا" مع الاتفاقات السابقة الأكثر أهمية على منصة اطلاق أفضل كثيراً من أجل بيع ما يصل الى العديد من مليارات الدولارات من الأسلحة المتقدمة الى الهند.وتطلب الهند في أغلب الأحيان درجة من التعاون في الانتاج على صعيد محلي، ولذلك فإن اتفاقية "ليموا" والاتفاقات الاخرى الأكثر أهمية ستساعد الهند على التحول الى وكيل عملاق للأسلحة وبيعها الى بقية دول العالم.وتنطوي كل هذه الأسلحة على أهمية في العديد من نقاط الاحتكاك، ولنأخذ المنظمة الارهابية "جيش محمد" – التي يستخدمها ذراع الاستخبارات القوي في باكستان آي اس آي ضد الهند، ولكنها أيضاً ضمن مجموعة من المنظمات المدعومة من آي اس آي تعتبرها الولايات المتحدة عدوة لها أيضاً. وزعيم المنظمة هو مسعود أزهر وقد حاولت الهند من دون نجاح في الأمم المتحدة اعتباره ارهابياً. وكانت الصين وراء منع الهند من تحقيق هدفها هذا. وهكذا وفيما يبدو بحر الصين الجنوبي بعيداً جداً عن الهند فإن الصين تضغط على الهند بشدة.