يقال إن العالم الألماني أوغست كيكولة اكتشف جزيء البنزين في منامه، فبعد جهد جهيد في البحث عن ترابط الذرات نام مولانا كيكولة تعباً فحلم بأفعى تأكل ذيلها، وهنا اكتشف الترابط الحلقي للبنزين، مولانا كيكولة جرماني بالتأكيد، ولكن لا بد أن تكون له جذور كويتية ما ترقد هنا أو هناك داخل جيناته الوراثية، فأنا ومن واقع تجربة لا أصدق أن هناك شعباً آخر يستطيع رؤية البنزين في منامه غير الشعب الكويتي.

وحدوتة البنزين الأخيرة تثيت بلا أدنى شك صحة كلامي، فردات الأفعال الشعبية حول زيادة أسعاره تثبت أن هذا الشعب لا يرى البنزين إلا في منامه تماماً مثل أوغست كيكولة.

Ad

بالمنطق لو كان هذا الشعب صاحياً لما هاج وماج لزيادة لا تتجاوز دراهم معدوات في مصروفاته، في حين تعبر فوق جسد حاضره مسيرة كاملة تدق طبول تراجع كامل في شتى المجالات. لو كان صاحياً لما أزبد وأرعد على "كم فلس زيادة" في حين يتخذ وضعية الصامت أمام تعليم غير مثمر وخدمات صحية تخنقها عبرة الإدارة السيئة، وإسكان ماراثوني، وغلاء يمشي على حل "سعره" وسياسة تلعب بذيلها في بلاط وحدته الوطنية ومصالح تجارية تلعب معه لعبة "هات وهات".

لو كان صاحياً لما طار عقله أمام كل "سالفة طائفية" وهو يرى محيط الإقليم من حولنا يمور موراً ويقذف حممه قريبا من شواطئ أمننا القومي، ولو كان صاحياً لما اختار في يوم واحد مجالس أمة "لا تهش ولا تنش"، ثم جلس 1455 يوماً يندب عملها متحلطماً حتى الثمالة، وكأن الصوت لم يكن صوته، وكأن الصندوق لم يحمل خياره هو لا سواه!

لو كان صاحياً وعيونه مفتحة في لبن دستوره لكان ذاك الشعب مصدر السلطات جميعا، لا ذاك السوق الرائج الذي يتاجر فيه وبمستقبله ومستقبل أولاده كل متردية سياسة وكل نطيحة إعلام وكل موقوذة طائفة.

أخيراً "جعله نوم العوافي" يا شعبنا وأحلام "بنزين" سعيدة، وعذراً كيكولة فنحن لا نشبهك يا أخا جرمانيا، حتى إن كنا نرى البنزين مثلك في أحلامنا فأنت رأيت الأفاعي تنهش ذيلها فاكتشفت البنزين، في حين نحن رأيناها تنهش آخر ذيول خيبتنا فاكتشفنا محطات الوقود.