تحديات كبرى تواجه النمو الاقتصادي الصيني

نشر في 03-09-2016
آخر تحديث 03-09-2016 | 00:00
لا تستبعد حكومة بكين فكرة الإصلاح الاقتصادي، وقد مضت إلى نظام صرف عملات أكثر مرونة، كما عززت الاستهلاك، وخفضت اعتماد البلاد على الصادرات، وحسنت النظام المالي من خلال جعل ضريبة القيمة المضافة أكثر شمولاً، وجعل ميزانيات الحكومات المحلية أكثر شفافية.
 بلومبرغ • يعتبر الأسلوب الأبسط الطريقة الأفضل لوصف المأزق الاقتصادي في الصين: فهي تستطيع العمل من أجل تحقيق الحد الأقصى من النمو في الوقت الراهن أو في ما بعد، ولكن ليس في الوقتين معاً.

وتعلم الحكومة الصينية جيداً أن تحسين النمو في أكبر اقتصاد في العالم في الأجل الطويل ينطوي على تغييرات هيكلية من شأنها إبطاء الاقتصاد في الأجل القصير، كما أن نجاحها في تحقيق توازن كان مفاجأة بالنسبة الى العديد من المحللين، وفي مناطق متعددة تقدمت الصين عبر إصلاحات طموحة فيما تركت النمو معتدلاً بوتيرة أقل وفقاً للمعايير الصينية عند أقل من 7 في المئة في السنة، حتى مع ذلك الوضع استمرت المحنة وأصبح حلها أكثر إلحاحاً.

ويمثل التوسع في الائتمان بصورة مستمرة وخارجة عن السيطرة أكبر تهديد لازدهار الصين الصاعد إضافة إلى أن تقديم قروض إلى مشاريع فاشلة يؤثر بصورة سلبية في الإنتاجية الإجمالية لاقتصاد البلاد. وتعمل بكين على عدم تشجيع دخول موردين جدد من النوعية الأفضل، كما أنها تضاعف الأخطار المالية وخصوصا أن الكثير من الإقراض يتم من خلال ما يدعى ائتمان الظل الذي لا يقاس أو يراقب بشكل لائق.

مشكلة الديون

وتتفاقم مشكلة الديون مع استمرار دور المشاريع المملوكة للدولة، وهي أقل فعالية وكفاءة وربحية من مشاريع القطاع الخاص، كما أنها تعتمد بقدر أكبر على الائتمان الذي يسهل عليها تأمينه نتيجة الضمانات الحكومية، وتظهر الأدلة أن خسائر ما يدعى شبه التخلف عن السداد في ازدياد.

وفي أحدث تقييم لهم لاقتصاد الصين ركز الاقتصاديون في صندوق النقد الدولي على إعادة هيكلة المشاريع الضعيفة المملوكة للدولة، وشددوا على ضرورة إصلاحها، وقد أعلنت الحكومة الصينية بعض المبادرات في هذا الميدان، مثل خفض حجم مصانع إنتاج الصلب والفحم، ولكن صندوق النقد الدولي، يقول إن التقدم في هذا المسار كان بطيئاً.

وتستمر حكومة بكين في توجيه رسائل مختلطة، وتؤكد الحاجة إلى إعادة هيكلة المشاريع الفاشلة وتشجيع الملكية الخاصة من جهة، ومن جهة أخرى تقول إن المشاريع المملوكة للدولة يجب أن تكون أكبر وأكثر قوة من أجل تمكينها من تقديم خدمة أفضل الى "الاستراتيجيات الوطنية".

ولكن ما تدعو الحاجة اليه هو استراتيجية أوسع وأكثر وضوحاً، لا تركز على المشاريع المملوكة للدولة فقط، بل على توسع الديون المؤسساتية أيضاً، ويتعين الاعتراف بالخسائر ومن ثم تشاطرها مع الشركات والدائنين والحكومة. كما أن الضمانات يجب أن تخفض أيضاً، ويتعين إغلاق أو إعادة هيكلة المشاريع مع تقديم مساعدة الى العمال للحصول على فرص عمل جديدة، ويشكل تدبير مثل هذه السياسة وإدارتها تحديات كبيرة، ولا يمكن القيام بها على الفور، ومن المنطقي المضي قدماً بوتيرة سريعة في مناطق تؤدي عملاً جيداً بشكل نسبي ومن شأن ذلك أن يجعل حصول العمال على وظائف جديدة عملية أكثر سهولة، وعلى أي حال فإن المزيد من المداولات يوفر الفرصة الأفضل للنجاح.

الإصلاح الاقتصادي

لا تستبعد حكومة بكين فكرة الإصلاح الاقتصادي، وقد مضت إلى نظام صرف عملات أكثر مرونة، كما عززت الاستهلاك، وخفضت اعتماد البلاد على الصادرات، وحسنت النظام المالي من خلال جعل ضريبة القيمة المضافة أكثر شمولاً، وجعل ميزانيات الحكومات المحلية أكثر شفافية، وشجعت التنمية الحضرية، وفي استعراضه لهذه الابتكارات قال رئيس فريق صندوق النقد الدولي "إن مواكبة مصاعب الإصلاح على أساس شبه يومي يشكل تحدياً بالنسبة إلينا".

ولكن على الرغم من ذلك كله يوجد الكثير مما يتعين القيام به، وتحتل ديون الشركات مركز الصدارة على القائمة، ويشكل الوضع الصحي والسليم للاقتصاد الصيني في الأجل الطويل أولوية ليس فقط بالنسبة الى الشعب الصيني بل الى العالم بشكل متزايد.

التوسع في الائتمان بصورة مستمرة وخارجة عن السيطرة يمثل أكبر تهديد لازدهار الصين الصاعد

الوضع الصحي والسليم للاقتصاد الصيني في الأجل الطويل يشكل أولوية بالنسبة إلى الشعب الصيني والعالم بشكل متزايد
back to top