درجت العادة دائماً على انتقال السيولة من العقار إلى الاستثمار في سوق الأسهم أو العكس، على اعتبار أنهما القطاعان الأكثر جذباً لأصحاب رؤوس الأموال، لاسيما أنهم يجنون منها الأرباح السريعة، في ظل شح القنوات الاستثمارية الأخرى، فهل يمكن أن تنتقل سيولة العقار إلى سوق الكويت للأوراق المالية في ظل وجود مخاوف كبيرة من إمكانية حدوث حالة من الركود والجمود والترقب لدى جميع المستثمرين داخل القطاع العقاري وانخفاض قيمة التداول في الفترة الحالية، وعدم توقع اتجاه الأسعار خلال الفترة المقبلة.تقول مصادر السوق لـ"الجريدة"، إن من الصعوبة بمكان انتقال سيولة الأفراد من القطاع العقاري إلى سوق الكويت للأوراق المالية، في حين أن المؤشر القوي الذي يظهر تأثر العقار سلباً، هو انخفاض القيمة الإيجارية، والتي مازالت متماسكة إلى الآن بشكل أو بآخر، لكن هذه السيولة ربما تلجأ إلى البحث عن فرص خارج السوقين من أجل تحقيق العوائد والإيرادات.
فقدان الثقة
وأوضحت المصادر، أن هناك انهياراً كبيراً بالثقة في سوق الكويت للأوراق المالية وشركاته بسبب ما تعرضت له الشركات من هزات عنيفة طوال الفترة الماضية وانخراطها في عمليات الهيكلة، التي استمرت 8 سنوات الماضية، وباعت فيها أغلب الشركات كل غالٍ ونفيس من أجل الخروج من عنق الزجاجة، بالإضافة إلى توقف أنشطة الشركات القوية عن التوسعات حتى انكشاف واتضاح الصورة وانقشاع غبار الأزمة.انحسار الأدوات
وذكرت المصادر، أن دخول وانتقال السيولة إلى سوق الأسهم يحتاج إلى أدوات مالية جديدة من أجل سحب فتح قنوات جديدة تستطيع سحب هذه السيولة من خلال العمل على رفع الثقة بالسوق وسيولته مثل العمل بنظام صانع السوق، واتخاذ إجراءات إصلاحية من شأنها معالجة الأوضاع الحالية وخروج مسؤولي الشركات بتصريحات جديدة توضح وضعية شركاتهم والخطط المستقبلية لها من أجل إعادة الثقة من جديد إليها.وأشار إلى أن هناك عوامل كبيرة فقدها السوق خلال الفترة الماضية مثل التخارجات العملاقة، التي كانت تدر عوائد وتدفقات عالية على السوق، فالسوق ينتظر منذ أشهر إتمام صفقة "أمريكانا"، والى الآن لم يطرأ جديد عليها سوى التأكيد على أن الصفقة ماضية قدماً لكن ماذ يجري في كواليس الإدراجات فهو مبهم حتى الآن.وأفادت بأن الوضع الاقتصادي متردٍ وهناك حالة من الضبابية منتشرة، في ظل تراجع أسعار النفط وخطة الحكومة التقشفية، التي أعلنت عنها وبدأت بتطبيقها تدريجياً، منوهة بأن هناك حاجة إلى خطة إصلاح حقيقة تعتمد على زيادة التدفقات النقدية للدولة، من خلال دعم وفتح قنوات استثمارية بدلاً من اقتصار عملية المعالجة على خفض أو ترشيد الدعم، بل الوضع بات ملحاً بضرورة خلق فرص جديدة لتحصيل العوائد بدلاً من الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل .مؤشرات سلبية
مصدر مالي يقول، إن سوق الكويت للأوراق المالية لا يزال يعتمد على دعم المحافظ الحكومية واستثماراتها ويعول عليها كثيراً إذا ما تعرض السوق إلى أي هزات أو حركات تصحيحية، فالجميع ينظر إلى المحفظة الوطنية واستثمارات الجهات الحكومية في السوق على أنها مصدر الثقة في السوق، مشيرة إلى أن الدور المحدود لهذه المؤسسات في السوق المحلي وتفضيلها للاستثمار في الخارج في أسواق أخرى يعد مؤشراً كبيراً على اضمحلال الثقة الموجودة في السوق وترديها إلى الحضيض.وذكر أن الانخفاض والتراجع في أرباح الشركات الذي وصل إلى 40 في المئة في بعض القطاعات عن واقع أداء الأشهر التسعة الماضية هو مؤشر كبير على أن الأوضاع متردية، وأن هذه الشركات لا تزال تعاني مشكلات داخلية أو أن هناك صعوبة في توسعها وخلق فرص استثمارية جديدة تحقق منها عوائد نقدية منها ولمساهميها وانحصار مستويات السيولة لديها.انسحاب الشركات
وبين المصدر، أن استمرار حالة انسحاب الشركات وارتفاع عددها خلال الفترة الماضية، حيث بلغ عددها حتى الآن نحو 40 شركة منسحبة أو على وشك الانسحاب، يؤكد أن السوق يفتقد الكثير من عوامل الجذب، فكيف انقلب الحال هكذا مرة واحدة؟ فالشركات كانت تتسابق على الإدراج في سوق الكويت للأوراق المالية من أجل الحصول على مزايا الإدراج، والآن تتسابق للخروج منه، بالتالي هناك حلقة مفقودة يجب البحث عنها لاعادة الثقة من جديد لهذه الشركات.زيادة الوعي
مدير استثمار في إحدى الشركات الاستثمارية يرى أن ارتفاع وعي وثقافة المستثمر العادي جعلته قادراً على التحكم في قراراته الاستثمارية إلى حد ما، لاسيما أن استمرار تعرض أمواله إلى الخسائر طوال الفترة الماضية سواء في ظل تراجع أسعار الأسهم أو تجميد أمواله في شركات منسحبة أو مشطوبة جعلته أكثر حرصاً من الماضي من المغامرة بأمواله. لكن الأدهى من ذلك أن هذا المستثمر بات يبحث عن فرص للاستثمار في الخارج، وينظر إلى تطور وسهولة وسائل التواصل بالبورصات الأخرى، لاسيما أن البورصات الأخرى تمتلك ضمانات عالية تحمي حقوق المساهمين من التلاعب، فضلاً عن فروقات العملة الكويتية بمقارنتها بالعملات الأخرى حفزته على البحث عن الأسواق، التي يمكن من خلالها تحقيق العوائق بأقل مستوى من السيولة.الودائع أو الخارج
وأشارت المصادر إلى أن الوضع السيئ بالمنطقة والدول المجاورة جعلت المستثمر حريصاً على أمواله وزادت المخاوف وبات الملاذ الأمن حالياً يتمثل في شكل الودائع على اعتبار أنها مضمونة من الدولة ولا مخاوف عليها، "فقليل دائم خير من كثير منقطع"، مبينة أن الكويتيين قاموا بتحويل ملايين الدنانير من أجل استثمارها بالخارج، حيث لاحت أمامهم فرص جديدة للاستثمار وشراء العقارات في أسواق مثل تركيا ودول الخليج وبريطانيا والبوسنة وغيرها.