الأم تيريزا.. نجمة عشقها كثيرون ولم يفهمها آخرون

نشر في 04-09-2016 | 13:03
آخر تحديث 04-09-2016 | 13:03
No Image Caption
الأم تيريزا التي أعلن البابا فرنسيس قداستها الأحد أمضت حياتها لتخفف وطأة البؤس المدقع، فعشقتها الجموع وكرهها البعض ولم يفهمها كثيرون.

لقد لامست يداها أشخاصاً كان ينبذهم الجميع، منازعين تنهش أجسادهم الديدان في كالكوتا، وطلائع مرضى الايدز في نيويورك، هذا الالتزام المطلق جعلها من أبرز شخصيات الكنيسة الكاثوليكية في القرن العشرين.

إلا أن الأم تيريزا وهي تجسيد للتفاني في خدمة الفقراء، لم تسع يوماً إلى معالجة جذور الفقر بل أمضت هذه الراهبة المدافعة الشرسة عن أخلاقيات الكنيسة عقوداً من حياتها في النضال ضد وسائل منع الحمل والاجهاض، فيما الشك ينهش ايمانها.

ولدت الأم تيريزا في 26 أغسطس 1910 في عائلة ألبانية متدينة جداً من كوسوفو، في سكوبيي التي كانت خاضعة يومها للسلطنة العثمانية وباتت الآن عاصمة لمقدونيا.

في سن الثامنة عشرة دخلت إلى دير راهبات سيدة لوريت في دبلن حيث اختارت اسمها تيمناً بالقديسة تيريز دو ليزيو.

وإرسلت إلى كالكوتا حيث درست الجغرافيا على مدى 20 عاماً في مدرسة فتيات ينتمين إلى طبقات ميسورة قبل أن تحصل على إذن بأن تبذل ذاتها في خدمة الرب من أجل أفقر الفقراء.

في سن السابعة والثلاثين ارتدت رداء ساري بسيطاً مصنوعاً من القطن الأبيض ومطرزاً باللون الأزرق وانتقلت للإقامة في مدينة صفيح في كالكوتا حيث راحت تدرس وتوفر خدمات عناية أساسية، وأسست بمساعدة تلميذات سابقات أصبحن مبتدئات العام 1950، جمعية «مرسلات المحبة».

وفي العام 1952، دفعها لقاء مع امرأة منازعة على رصيف شارع في كالكوتا إلى الضغط على سلطات المدينة للحصول على مبنى قديم لتستقبل فيه من هم على فراش الموت وترفض المستشفيات استقبالهم.

ومن بعد افتتحت دور أيتام ومراكز للمصابين بالجذام والمصابين بأمراض عقلية والأمهات العازبات ومرضى الايدز، وبدأت نشاطها في الهند إلا أن اسمها بدأ يعم العالم اعتباراً من الستينات.

نوبل

كانت الأم تيريزا مفعمة طاقة وعزماً وتتمتع بحس عملاني في كل الأوقات إلى حد أنها لم تكن تدقق بمصادر الأموال التي تردها، وقد نالت العام 1979 جائزة نوبل للسلام.

وقد صدمت الراهبة النحيلة البنية البالغ طولها 1,54 متراً في كلمتها لدى تسلمها الجائزة، الحضور بتنديدها بالاجهاض «على أنه أكبر قوة مدمرة للسلام اليوم، جريمة قتل مباشرة من الأم نفسها».

وسعت إلى توضيح ما تقوم به بقولها «نحن لسنا عاملين اجتماعيين، قد نقوم بنظر الناس بعمل اجتماعي إلا أننا في الواقع نتأمل في قلب العالم».

وتروي ماري جونسون وهي أميركية كانت ضمن جمعية «مرسلات المحبة» لمدة عشرين عاماً، لوكالة فرانس برس «في كل مرة كانت ترى فيها فقيراً يُعاني كانت ترى يسوع المتروك في هذا الشخص، وكانت تنسى أحياناً الشخص الموجود فعلاً أمامها».

ورغم بعض الانتقادات، كانت الأم تيريزا تعتبر أنه ينبغي تخفيف معاناة الفقراء لكن يجب أيضاً عيشها من خلال حياة تقشف وصولاً إلى إماتة الجسد يومياً.

وتؤكد مارتين دي بوريس وهي من «مرسلات المحبة» منذ أكثر من 50 عاماً «من دون عذاب ومعاناة لا محبة ولا فرح».

والمعاناة عند الأم تيريزا كانت روحية أيضاً، فعلى مدى عقود شعرت بفراغ في الصلاة إلى حد أنها شككت بوجود الله كما كشفت نصوص تمنت لو كانت أحرقتها.

وكتبت في احداها العام 1957 إلى أسقف كالكوتا تقول «لا معنى للجنة بالنسبة لي، تبدو لي فارغة، إلا أن الرغبة بلقاء الرب تعذبني، أرجوك أن تصلي من أجلي لكي استمر بالابتسام له رغم كل شيء».

وهذه الابتسامة لم تفارقها البتة، وتروي الأخت مارتين دي بوريس «لم أر على وجهها إلا الفرح والصفاء والسلام، كانت تتمتع بحس الفكاهة أيضاً».

توفيت الأم تيريزا في الخامس من سبتمبر 1997 في مقر جمعيتها في كالكوتا حيث ترقد في قبر تزينه الراهبات يومياً بالورود.

back to top