بدأ زعماء الدول العشرين الكبرى قمتهم السنوية التي عقدت هذا العام في مدينة هانغتشو الصينية، وسط توقعات بأن تنتهي القمة من دون نتائج أو اخترقات كبيرة، سواء في ما يخص القضايا السياسية والأزمات الدولية أو مساعي انعاش الاقتصاد العالمي المتباطئ.

وهيمنت قضية الحرب الأهلية في سورية، وأزمة اللاجئين، والأوضاع الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط والنزعة الحمائية والقومية والشعبوية المزدهرة في أوروبا والولايات المتحدة على القمة، في حين اعتبر المراقبون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان نجم اللقاءات التي عقدت على هامش القمة.

Ad

ودعا رئيس الصين شي جينبينغ الذي يستضيف قمة مجموعة العشرين، الزعماء الى تحقيق نتائج فعلية وتجنب "الكلام غير المجدي". ورحب برؤساء الدول والحكومات في القمة، حيث صافحهم واحدا واحدا، وشد بشكل خاص على يد الرئيس الأميركي باراك أوباما وسط ابتسامات الزعيمين رغم الحادث البروتوكولي في بداية زيارة أوباما.

وتأمل الصين في نجاح المؤتمر لتبرز كدولة واثقة وقوية مستعدة للاضطلاع بدورها على الساحة الدولية بما يناسب مكانتها كثاني أكبر اقتصاد في العالم. وسبق القمة موجة من النشاطات الدبلوماسية في الصين حول قضايا من بينها التغير المناخي والحرب في سورية والتجارة الدولية.

وصادقت الصين والولايات المتحدة السبت على اتفاقية باريس للمناخ، في خطوة مهمة للغاية في اتجاه تطبيق الاتفاقية التي تهدف الى الحد من التغير المناخي.

وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أمس، بكل من شيء وأوباما بعد حصوله شخصيا على وثائق المصادقة منهما، وقال انهما اتخذا "خطوة تاريخية"، ودعا زعماء مجموعة العشرين الآخرين أن يفعلوا مثلهما.

وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، إن قادة مجموعة العشرين المجتمعين في الصين قد اتفقوا على ضرورة العمل معا لزيادة النمو الاقتصادي العالمي. ورحبت بتركيز الصين على الإصلاح الهيكلي خلال فترة رئاستها للمجموعة التي قالت إنها تنوي تشكيل فريق عمل بشأن الابتكار.

وأعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن قدرة الاتحاد الاوروبي على استقبال اللاجئين "اقتربت من بلوغ حدودها"، داعيا الأسرة الدولية الى تحمل حصتها من المسؤولية.

وقال توسك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ان "قدرات أوروبا على استقبال موجات جديدة من المهاجرين، فضلا عن المهاجرين الاقتصاديين غير الشرعيين اقتربت من بلوغ حدودها". وقال: "وحده مجهود على الصعيد العالمي سيكون قادرا على تحقيق نتائج"، داعيا أعضاء مجموعة العشرين، بمن فيهم الصين، الى تحمل حصتهم من المسؤولية.

وبشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي أعرب يونكر عن معارضته إجراء أي مفاوضات تجارية بين بريطانيا وغيرها من الدول قبل خروجها من الاتحاد الأوروبي، فيما تستعد استراليا الى إجراء محادثات تجارية مع لندن.

محمد بن سلمان

من ناحيته، قال ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد لقائهما أمس على هامش القمة، إن التعاون بين روسيا والسعودية سيعود بالنفع على سوق النفط العالمية. في المقابل، قال بوتين إنه لا يمكن حل قضية في المنطقة من دون السعودية.

ميركل وإردوغان

وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ناقشت العلاقات الثنائية مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قبل بداية قمة العشرين، في أول اجتماع منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو الماضي. وقال المتحدث: "ناقشت ميركل مع إردوغان العلاقات الألمانية - التركية وتعزيز تطبيق اتفاق المهاجرين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، وبواعث القلق المشتركة بشأن الحرب الأهلية السورية". ولم يذكر المتحدث ما إذا كانت ميركل وإردوغان تحدثا بشأن رفض تركيا السماح للمشرعين الألمان بزيارة القوات الألمانية في قاعدة إنجرليك الجوية.

ماي وبوتين

وقالت بريطانيا وروسيا إنهما تتطلعان إلى تحسين العلاقات عبر الحوار في أعقاب أول اجتماع بين رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة تيريزا ماي والرئيس الروسي.

وتوترت العلاقات بين لندن وموسكو بسبب الخلافات بشأن أوكرانيا وسورية، فضلا عن شكوى بريطانية من زيادة الطلعات الجوية للقاذفات الروسية بعيدة المدى التي تقترب من المجال الجوي البريطاني.

موسكو وأنقرة

كما قال وزير الاقتصاد الروسي أليكسي أوليوكاييف، أمس، إن بوتين وإردوغان تفقا على إقامة صندوق استثمار مشترك لبلديهما.

5 حقائق عن «قمة العشرين»
افتتحت قمة مجموعة العشرين أمس في مدينة هانغتشو التي تشتهر بمناظرها الجميلة، ما يمنح قادة الصين فرصة لاظهار بروز بلادهم كقوة كبرى على الساحة العالمية. وفيما يلي خمس حقائق عن القمة:

ثلثا سكان العالم

تتألف مجموعة العشرين من 19 من أكبر الاقتصادات في العالم والاتحاد الاوروبي ما يمثل 85% من اجمالي الناتج المحلي وثلثي سكان العالم.

ولدت المجموعة في 1999 بعد أن اظهرت صدمة الأزمة المالية في آسيا ضرورة تحسين التنسيق الاقتصادي العالمي، ومنع انهيار النظام المالي العالمي.

منبر مهم

وتبحث القمة السنوية بشكل أساسي السياسات المالية والاقتصادية، ولكنها كذلك فرصة لاجتماع قادة العالم ومعالجة القضايا الراهنة سواء الازمات الجيوسياسية أو التغير المناخي.

ويقول بعض الخبراء إن مجموعة العشرين منبر مهم لتنسيق السياسات الاقتصادية. ويعتقد آخرون انها جلسة غير رسمية للنقاش.

وعود

وأثمرت القمم التي عقدت قائمة طويلة من الوعود. ففي اجتماع العام الماضي في تركيا على سبيل المثال اطلق القادة 113 التزاما حول قضايا من بينها خفض المساعدات المالية للوقود الاحفوري وزيادة المساعدات للاجئين، الا ان فشل المجموعة في تحقيق وعودها زاد من التساؤلات حول مصداقية وعودها المستقبلية.

ولم يتجاوز الالتزام بالوعود الـ113 التي قطعتها المجموعة في 2015 نسبة 63%، بحسب محللين في جامعة تورونتو.

المشاعر المعادية للعولمة

يقول محللون إنه من غير المرجح ان تثمر قمة هذا العام بشكل خاص أي نتائج جدية. فبدون وجود أزمة حادة تحفز على التغيير، فإن المشاعر المتزايدة المعادية للعولمة تجعل من الصعب على العديد من القادة اطلاق أي التزامات مهمة.

وحذرت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد هذا الاسبوع من أن العالم يواجه خليطا ساما من النمو البطيء الطويل المدى وتزايد انعدام المساواة ما يخلق توجهات سياسية تميل الى الشعبوية وزيادة العوائق التجارية.

أرفع قمة

وعلى صعيد آخر، منذ تحول انظار العالم الى الصين لمساعدته في الخروج من الازمة المالية في 2008، شعرت بكين انها تستحق ان تلعب دورا اهم يناسب مكانتها كأكبر ثاني قوة اقتصادية في العالم. وقمة مجموعة العشرين هي اكبر قمة وأرفعها مستوى تستضيفها الصين في تاريخها.

وقد لا تكون احتفال تتويج، الا ان الرئيس الصيني شي جينبينغ يعتزم ان يظهر للعالم ولمنافسيه السياسيين داخل البلاد، ان الصين دولة قوية وقادرة ومستعدة للعب دورها في قيادة الاقتصاد العالمي.