تزامناً مع تمكن نظام الرئيس بشار الأسد من توسيع نطاق سيطرته في منطقة الكليات العسكرية بحلب، أعلنت واشنطن أمس أنها لم تتوصل إلى الاتفاق المرجو مع روسيا بشأن وقف العنف في سورية، ملقية اللوم على موسكو التي قالت عنها إنها "تراجعت" بشأن بعض القضايا.وأوضح مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية أن "الروس تراجعوا عن بعض قضايا اعتقدنا أننا اتفقنا عليها، ولذلك سنعود إلى عواصمنا للتشاور"، مبينا أن كيري ولافروف سيلتقيان مجددا اليوم على هامش قمة العشرين.
وفي وقت سابق، أكد الرئيس باراك أوباما، الذي سليتقي نظيره الروسي اليوم على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو الصينية، أن واشنطن تتفاوض مع روسيا حول وقف العنف في الحرب المدمرة في سورية، مؤكدا أن الجانبين "يعملان على مدار الساعة في هذه المسألة المعقدة للغاية".
محاولة أميركية
وعقب لقائه رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي قبل قمة هانغتشو، قال أوباما: "إن محاولة جمع كل هذه القوى المختلفة في هيكل متماسك للتفاوض أمر صعب، ولكن محادثاتنا مع الروس مهمة"، مضيفا: "لديكم نظام الاسد الذي يقتل مواطنيه دون أن يحاسب، يدعمه الروس والإيرانيون"، بينما فصائل المعارضة "تفتقر إلى السلاح في أغلب الأحيان".وخلال لقائه مع ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على هامش القمة ذاتها، اعتبر بوتين أن عملية القوات الجوية الروسية في سورية سمحت بالحفاظ على هيكلية الدولة السورية.وبعده، ذكرت وزارة الخارجية أن الاتفاق أصبح وشيكا ويمكن أن يعلنه وزير الخارجية جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف قريباً، إلا أنها أقرت بعد ساعات بأنه لم يتم التوصل إلى اتفاق.منطقة منزوعة السلاح
ودون الكشف عن تفاصيل قال كيري، للصحافيين: "سنراجع بعض الأفكار، ومن بينها مسألتان صعبتان يجب معالجتهما، وسنعود ونرى أين وصلنا، ولن نتسرع"، مؤكدا أهمية التوصل إلى اتفاق "لإنهاء هذه المهمة".في رسالة إلى المعارضة السورية نشرتها "رويترز"، قال المبعوث الأميركي مايكل راتني إن الاتفاق المفترض يتضمن انسحاب قوات النظام من طريق الإمداد شمالي حلب وإعلان المنطقة منزوعة السلاح، مبينا أنه كان سيلزم روسيا بمنع طائرت النظام من قصف المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة المعتدلة.ومع نهاية اجتماعات بدأتها في الرياض يوم الجمعة، أقرت الهيئة العليا للمفاوضات الإطار التنفيذي للحل السياسي، معتبرة أنه الخيار الاستراتيجي الأول الذي تعتمده لتحقيق تطلعات الشعب وفق بيان جنيف1 والقرارات 2118 و2254، القاضية بإنشاء هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية، لا وجود ولا دور لبشار الأسد ومن تلوثت أيديهم بالدماء بدءا من المرحلة الانتقالية.تقدم النظام
وعلى الأرض، حققت قوات الأسد تقدما في جنوب مدينة حلب باستعادتها كلية التسليح من الفصائل المقاتلة لتقترب أكثر من حصار الأحياء الشرقية مجددا. وأوضح مصدر أمني سوري أن الجيش تمكن من إحكام السيطرة على كلية التسليح بعد استعادته سابقا المدرسة الفنية الجوية إلى الشمال منها.ولاحقا، أوضح المصدر أن النظام سيطر أيضا على كلية المدفعية الواقعة بين كلية التسليح والمدرسة الفنية، مؤكدا أنه نتيجة هذا التقدم "بات الإرهابيون محاصرين في الأحياء الشرقية ومنطقة الراموسة المحاذية".وبحسب مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن فإنه "إذا تمكنت قوات النظام من السيطرة على منطقة الكليات، فستصبح العملية شبه منتهية لتتقدم قوات النظام وتغلق طريق الراموسة".لكن مصدر إعلامي مقرب من "جيش الفتح"، نفى سيطرة النظام على كل منطقة الكليات العسكرية، مشيرا إلى معارك كر وفر استخدمت فيها القوات الحكومية كثافة نارية شديدة جدا من سلاح المدفعية والطيران.وردا على محاولة النظام إعادة الحصار باستهدافه المستمر لطريق الراموسة، أعلنت "غرفة عمليات فتح حلب" مساء أمس الأول طريق الكاستيلو منطقة عسكرية، وأعطت مهلة 72 ساعة للمدنيين للخروج من مناطق سيطرة النظام قبل حصارها، مؤكدة أنه سيتم استهدافه بكل الأسلحة المتوافرة.«درع الفرات»
وفي إطار عملية "درع الفرات"، سجل "الجيش الحر"، أمس، تقدما إضافيا بدعم الجيش التركي بسيطرته على قرية طويران على بعد 2 كلم من بلدة الراعي الحدودية، في حين أفاد المرصد بمقتل 11 من عناصره وثلاثة مدنيين من جراء تفجير عنصر من تنظيم "داعش" نفسه بدراجة نارية، قرب حاجز للفصائل في منطقة الخلفتلي.كما طردت القوات التركية وفصائل الجيش الحر "داعش" من آخر معاقله على الحدود التركية السورية، وفقاً للمرصد، الذي أوضح أن التنظيم خسر "ما تبقى من القرى الحدودية الواقعة بين نهر وبحيرة الساجور بريف جرابلس الغربي وبلدة الراعي الاستراتيجية بريف حلب الشمالي الشرقي".معركة حماة
وفي خطوة كبيرة باتجاه تحرير بلدة قمحانة الاستراتيجية الواقعة تحت سيطرة ميليشيات "حزب الله"، أعلنت فصائل ريف حماة بقيادة "جيش العزة" سيطرتها مساء أمس الأول على "النقطة 50" أحد أهم مواقع تجمع قوات النظام، والتي تكمن أهميتها في وقوعها على هضبة استراتيجية مطلة على مناطق واسعة من خطاب وخربة الحجامة غربا إلى منطق الزوار وطيبة الامام شمالا وقمحانة جنوبا.وفي تطور نوعي، بات مطار حماة العسكري في مرمى نيران الفصائل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أكد مقتل ضابط طيار برتبة عقيد من جراء قصف بصواريخ غراد أمس الأول، ما أدى إلى مقتل ضابط وعدة عناصر.يلدريم: لن نسمح بدولة مصطنعة شمال سورية
أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أمس، أن بلاده "لن تسمح لأي محاولة للتمييز العنصري بين مواطنيها، ولن تتسامح مع من يحاول الإضرار بوحدتها وتماسك شعبها".وخلال زيارته لمدينة ديار بكر، أوضح يلدريم أن "عملية درع الفرات بدأت في شمال سورية لحماية أمننا وحدودنا"، معتبرا أن "وجودنا هناك مهم جدا لوحدة الأراضي السورية".ورأى أن "سماسرة الإرهاب الدوليين يسعون لإنشاء دولة مصطنعة شمال سورية، لكننا لن نسمح بذلك أبداً"، مؤكداً أن "معركتنا في سورية ضد الإرهاب والإرهابيين لا ضد الأكراد أو أي طرف آخر".