أصدر رئيس السلطة القضائية في إيران صادق لاريجاني أمراً للمدعي العام بملاحقة مديري الصحف والمؤسسات الإعلامية والصحافيين والإعلاميين الذين «يقومون بتشويش أفكار الرأي العام ضد النظام».

وأصدر لاريجاني أمره خلال جلسة ضمت كبار القضاة في إيران أمس الأول. وجاء ذلك، بعدما كشفت صحف إصلاحية معلومات عن بيع أراض وأملاك تابعة لبلدية طهران في مناطق راقية من المدينة لأعضاء مجلس البلدية وبعض كبار المديرين فيها بأقل من 25 في المئة من أسعارها الواقعية، وعلى شكل تقسيط طويل الأمد.

Ad

وبحسب المعلومات، التي سربتها الصحف الإصلاحية، فإن القرار ببيع هذه الممتلكات تم بموافقة رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، الذي يعد من الشخصيات المحافظة الأوفر حظاً لتمثيل التيار الأصولي في المنافسة الانتخابية المقبلة لرئاسة الجمهورية أمام حسن روحاني الرئيس الحالي.

وكانت فرصة قاليباف كبيرة جداً للوصول إلى الرئاسة في الانتخابات السابقة، لولا سحب الإصلاحيين مرشحهم محمد رضا عارف من المعركة الانتخابية في اللحظات الأخيرة، ودعمهم روحاني، ما وحد أصوات المعتدلين والوسطيين والإصلاحيين مقابل أصوات المحافظين التي كانت مشتتة بين أربعة مرشحين.

ومنذ نحو ثلاثة أشهر نشرت بعض الصحف الموالية للمحافظين إيصالات وجداول رواتب لعدد من كبار مديري الإصلاحيين المقربين من روحاني، تسببت في فضيحة كبيرة للحكومة مازالت تعانيها، إذ إن بعض هذه الرواتب فاق ما يعادل 150 ألف دولار شهرياً.

في ذلك الحين، طالبت الحكومة السلطة القضائية، التي تعتبر موالية للمحافظين، بالتدخل لمنع الصحف من التوسع في نشر هذه المعلومات، لكن رئيس القضاء نفسه هاجم الحكومة، معتبراً أن «قبض هذه الرواتب لا يليق بمديري نظام إسلامي، وعليه يجب تشجيع الإعلاميين وإعطاؤهم أوسمة على كشفهم هذه المعلومات».

وفي حينها، أصدر رئيس السلطة القضائية أوامر إلى رئيس محكمة موظفي الدولة للتدقيق في رواتب كبار المديرين، ومعاقبتهم إذا كانوا تخطوا القانون. واضطر روحاني إلى طرد عدد من كبار المديرين المقربين منه، والوعد بإعادة فروقات رواتبهم إلى الخزينة إذا كانوا تخطوا القانون.

وبحسب القوانين الإيرانية، فإن بلدية طهران وباقي بلديات البلاد مستقلة تماماً، وخارجة عن نطاق التدقيق الحكومي، وهي تحت إشراف المجلس البلدي الذي يُنتخب مباشرة من خلال أبناء كل مدينة، لكن إذا تم الكشف عن مخالفة أعضاء مجلس البلدية أو رئيسها للقانون، فمن حق وزارة الداخلية تولي زمام أمور البلدية، وإحالة رئيسها وأعضاء المجلس البلدي للقضاء، ليبت في الاتهامات الموجهة لهم، وإذا أصدر قرار ببراءتهم فيمكنهم الرجوع إلى مزاولة عملهم.

وبما أن ميزانية بلدية طهران تزيد على ما يوازي 30 مليار دولار سنوياً، وكلها تحت اختيار رئيس البلدية، فإن الأخير يعد عادة من أقوى الشخصيات السياسية في البلاد، حيث إن محمد خاتمي (زعيم الإصلاحيين) استطاع أن يصبح رئيساً للجمهورية بفضل دعم محمد مهدي كرباستشي، رئيس بلدية طهران حينذاك، والذي تم سجنه وتنحيته عن الأعمال الحكومية من قبل السلطة القضائية الموالية للمحافظين لهذا السبب، كما أصبح أحمدي نجاد أيضاً رئيساً للجمهورية، بفضل الإمكانات المالية التي كانت لديه عندما كان رئيساً لبلدية طهران، ودخل محمد باقر قاليباف (عميد سابق في الحرس الثوري وقائد الشرطة قبل أن يصبح رئيس البلدية) صراعين انتخابيين لرئاسة الجمهورية بمصاريف هائلة، بفضل إمكاناته المالية كرئيس لبلدية طهران.