الكاتب اللبناني شكري أنيس فاخوري: «زفاف يان» تحيّة إلى الشعب الأرمني

نشر في 06-09-2016
آخر تحديث 06-09-2016 | 00:05
شكري  فاخوري
شكري فاخوري
بعد سلسلة نجاحات تلفزيونية درامية معاً، يتوّج كل من الكاتب اللبناني شكري أنيس فاخوري والمخرجة كارولين ميلان نجاحهما في عالم السينما بفيلم كوميدي بعنوان «زفاف يان»، وهو بمثابة تحيّة إلى الشعب الأرمني عبر تسليط الضوء على طريقة عيشه واهتماماته وثقافته.
عن الفيلم وأعمال أخرى، تحدث الكاتب شكري أنيس فاخوري إلى «الجريدة».
عمّا يتمحور فيلم «زفاف يان»؟

يتناول الفيلم قصة حبّ تجمع شاباً لبنانياً وفتاة أرمنية بقالب فكاهي يرتكز على رفض والدها زواجها من «ابن عرب».

لم يتناول أحد سابقاً المجتمع الأرمني في هذا الإطار؟

عندما يتناولون المجتمع الأرمني في الأعمال التلفزيونية والسينمائية يتحدثون دائماً عن معاناته من الأتراك والمجازر التي لحقت به ومأساته التي أدت إلى لجوئه إلى لبنان. نحن ندعم هذا المجتمع ونقف إجلالاً لقوته، ولكن ثمة جانب آخر لم يتطرق أحد إليه وهو النشاط الاجتماعي للأرمن على صعد الفنّ والتجارة والصناعة ومشاركتهم المجتمع اللبناني بالتفاصيل اليومية. لذا أردت من خلال الفيلم توجيه تحية إلى مجتمعهم المغيّب عن الدراما.

على أي أساس جاء اختيار بطلي العمل، كارلوس عازار وإيميه صيّاح؟

اخترنا كارلوس عازار كونه نجماً لبنانياً شاباً معروفاً. إنما للأسف لم نجد ممثلة أرمنية شابة للبطولة، لذا اجتمعنا مع أكثر من سبعين فتاة أرمنية من دون أن نجد أي واحدة مؤهلة لهذه المسؤولية، لأن الدور يتطلّب، إضافة إلى إتقان اللغتين اللبنانية والأرمنية، أداءً تمثيلياً جيّداً، ما يستغرق سنوات من التحضير. صراحة، حاولنا كثيراً ولكن عبثاً، لم نجد الشخص المناسب فوقع اختيارنا على النجمة اللبنانية إيميه صيّاح المشكورة سلفاً على مشاركتها، والتي أعتبرها مكسباً للعمل، كونها جميلة وناعمة ولطيفة وبراءتها لافتة.

اعتدنا أن يغلب الطابع التراجيدي على أعمالك الفنية، فلماذا اخترت قالباً فكاهياً للسينما؟

أردت الإضاءة على أجزاء من ثقافة الأرمن وكتّابهم بتركيبة خفيفة قريبة من القلب، مبتعداً عن الجوّ الدرامي المأساوي.

لا يزال الإنتاج السينمائي اللبناني متواضعاً مادياً نسبياً، فهل توافر كل ما يلزم لتنفيذ هذا العمل؟

السينما لغة في النص والإخراج وطريقة المعالجة قبل أن تكون عملية إنتاجية صرف. ومثال ذلك الفيلم الأميركي «الحياة السرية للنحل» الذي رغم إنتاجه البسيط حقق نجاحاً كبيراً بفضل قصّته والأداء وطريقة الإخراج، كذلك الفيلم الهندي love story.

كيف تجري الاستعدادات للفيلم؟

التحضيرات جارية على قدم وساق. يضمّ الفيلم مجموعة كبيرة من الممثلين اللبنانيين والأرمن: بيار شماسيان، ميراي بانوسيان، مارينال سركيس، جهاد الأندري، جناح فاخوري، عاطف العلم وغيرهم.

تجمعك وكارولين ميلان نجاحات عدّة، فهل يطمئنك ذلك إلى كيفية تنفيذ الفيلم؟

صحيح أنّ لدي خبرة درامية وإنتاجية وإخراجية، لكنني لست مضطراً إلى أن أتحمل مسؤولية هذه الأمور كافة إضافة إلى كتابة العمل وقراءته مرات عدّة للتنقيح والتعديل. إلى ذلك نحن متفاهمان فكرياً وهي تعرف جيّداً ماذا أريد.

ما يعني أن هذا الفيلم تتويج لمسيرتكما معاً؟

طبعاً، فمنذ عام 2002 تعاونا في خمسة أعمال ناجحة: «الزاوية»، «كلها مالحة»، «قضية يوسف» وجزءا «العائدة». المطلوب برأيي لغة إخراجية سينمائية تتماشى مع تركيبة القصة السينمائية.

الفضائيات ورمضان

أثبتما في «العائدة» أن المسلسل اللبناني مؤهل للفضائيات العربية؟

من قال إن عرض المسلسل اللبناني فضائياً عربياً أمر غير ممكن؟ هدف بعض القيمين على الدراما السورية واللبنانية السوق الخليجية، تحديداً MBC

وOSN. برأيي، نحن عوّدنا العرب على استسهالنا وعدم النظر إلينا بعين الجديّة عندما صدّرنا أعمالاً لا تليق بتطلعاتهم وشاشاتهم، إذ ليس كل ما هو لبناني رائع. صحيح، أننا لا نشهّر بأنفسنا إنما قلة من الأعمال اللبنانية رائعة. فلو عوّدتنا تلك الشاشات العربية على أعمال محلية نوعيّة لكانت النظرة نحونا مغايرة. فقبل اندلاع الحرب اللبنانية وغزوة الفساد واستمراره، كانت مسلسلاتنا وحدها تغزو الشاشات العربية لأننا كنّا حينها بعصر ذهبي. عندما نقدّم عملاً لبنانياً متكاملاً جميلاً سيسوّق نفسه عربياً.

ما رأيك بخيارات المحطات التلفزيونية لشهر رمضان؟

تعتمد المؤسسة اللبنانية للإرسال منهجين خلال رمضان، عرض الأعمال اللبنانية الصرف مثل «مش أنا» و«وين كنتي» في تواقيت أساسية، ثمّ عرض الأعمال العربية المشتركة. فيما فضّلت المحطات الأخرى الأعمال المشتركة على المحلية، فكسبت المؤسسة اللبنانية للإرسال للسنة الثانية على التوالي الرهان لأن المشاهد اللبناني يفضّل العمل المحلي الذي يشبهه ويشبه بيئته أولاً. عموماً، يجب النظر إلى نسبة المشاهدة التي سجّلتها الأعمال العربية المشتركة عربياً لا محلياً لتحديد التراتبية الرمضانية للأعمال الدرامية.

ما رأيك بموقع الحضور اللبناني في هذه الأعمال؟

إذا اعتبرنا مسلسل «يا ريت» نموذجاً نرى أن بطلتي العمل الأساسيتين ماغي بو غصن وباميلا الكيك فيما يدور البطلان المصري والسوري في فلكهما. إلى ذلك جاء أداء الممثل وسام حنّا رائعاً فوقف في صفّ البطلين. من يتحكّم بأهمية الحضور اللبناني هو الكاتب أولاً كونه يقرّر موقع الممثل اللبناني ودوره، فضلاً عن موقع الممثل العربي ودوره حين يكتب العمل.

لماذا غبت هذا العام أيضاً عن رمضان؟

أفضّل عدم المشاركة في دراما رمضانية، لأن المشاهد لا يتذّكر تفاصيل الأعمال المعروضة يومياً تزامناً مع مسلسلات أخرى. فيما عرض مسلسل مرتين في الأسبوع طوال خمسة أشهر يجعله حياً في الذاكرة أكثر من عرضه يومياً تزامناً مع مسلسلات أخرى.

الدراما والمجتمع

ما تفاصيل مسلسل «غبطته» و«الشيخ»؟

تعود علاقتهما إلى عام 1934 حين شاءت المصادفة أن يستقر أنطون ابن القرية الفقير مع عبد الغني في شقة واحدة في بيروت لاستكمال دراستهما الجامعية معاً. فتجمعهما صداقة قويّة تستمرّ حتى يصبح الاثنان رجلي دين مسؤولين، وذلك قبيل اندلاع حرب 1975 في لبنان.

لماذا التأخير في إنتاجه؟

تسعى شركة الإنتاج إلى تسويقه في الخليج لتغطية تكاليفه ومصاريفه فيما أفضّل مصر التي لديها المفتي والبطريرك مثلنا. وبالتالي، تعنيها هذه القضية. راهناً، ثمة منتج مصري أُعجب بفكرة العمل وطلب قراءته عسى أن نصل إلى تعاون مشترك.

كيف حافظت على التوازن في معالجة موضوع طائفي؟

أولاً، أعتبر هذا العمل قضية بحد ذاتها. ثانياً، كتبت النصّ بطريقة واضحة لا تحمل التأويل ولا لبس فيها. تحدثت عن الخلافات ومن غذّاها لتصل إلى الحرب والاقتتال. صوّرت أن المفتي والبطريرك المفترضين في القصة حاولا جمع رمزين، الشيخ بيار الجميل والرئيس ياسر عرفات، على الغداء الذي اقتصر على «خبز وملح». وفي أثناء المأدبة، يصل خبر مقتل معروف سعد فيُفاجآن، ويغادر كل منهما في اتجاه. عندها يعود البطريرك والمفتي إلى عام 1934 لتذّكر قصتهما، وإلى الواقع الحالي حيث تجمع قصة حب معقّدة ابنة شقيق البطريرك وابن شقيقة المفتي. إلى ذلك، صوّرت اللقاءات المشتركة بين الطوائف اللبنانية الأساسية وجولاتها المشتركة في المناطق لتخفيف الاحتقان. لذا لم أؤلب طائفة على أخرى بل حافظت على التوازن بينها.

هل تؤدي الدراما العربية دور المصلح الاجتماعي أم تكتفي بطرح مواضيع سطحية؟

ثمة أعمال عربية ترتكز على الترفيه، وأعمال أخرى طابعها إصلاحي، فيما ثمة أعمال تجمع الاثنين معاً. برأيي، لا يمكن كتابة أي قصة تحمل رسائل اجتماعية من دون التطرّق إلى الحب. في «غبطته والشيخ» أربع قصص حب.

عندما تتناول قضايا الفساد والخيانة والطلاق... هل تكتب بشكل عام يتوافق مع المجتمعات العربية الأخرى أم ترتكز على خصوصية المجتمع اللبناني؟

وفق الموضوع المطروح. ثمة قضايا ذات خصوصية لبنانية مثل الفساد في الكهرباء والمياه، بينما في بلدان أخرى ثمة أنواع أخرى من الفساد مثل التهرّب من الضريبة.

اسألوا نديم مهنا عن «رفيق»

يعرض مسلسل «رفيق» حياة الرئيس الشهيد رفيق الحريري من الولادة إلى الاستشهاد. نسأل الكاتب شكري أنيس فاخوري عن مصير هذا العمل فيجيب: «أفضّل توجيه السؤال إلى المنتج والمخرج نديم مهنّا. لا أدري الأسباب الفعلية لتأجيل عرض المسلسل، ربما هي تقنية أو سياسية أو شخصية... وافق الأمن العام على النصّ من دون أي مشكلات. وهل يمكن تنفيذ هكذا عمل من دون موافقة عائلة الحريري؟ ربما ثمة رؤوس عدّة في العائلة أو ربما ثمة ضغوط سياسية! تُطرح تساؤلات عدّة حول أسباب توقيف المسلسل فجأة بعد الرهجة والاستعجال والحماسة».

ويؤكد فاخوري أن ذلك لن يمنعه من إعادة الكرّة وكتابة سيرة سياسي آخر، ويضيف: «بالنسبة إليّ، «كل الناس خير وبركة». لكن من حياته مزدحمة بالأحداث وتحمل العبر يكون أهلاً أكثر من سواه طبعاً. أما عن مشاريعه الأخرى فيقول إنه يكتب راهناً قصة فيلم جديد بعنوان «أغلى يوم».

لا يمكن كتابة أي قصة تحمل رسائل اجتماعية من دون التطرّق إلى الحب

أُفضل عدم المشاركة في دراما رمضانية لأن المشاهد لا يتذكر تفاصيل الأعمال المعروضة
back to top