كاد العراقيون ينسون شيئاً اسمه "التحالف الوطني"، وهو الكتلة الشيعية التي تحتل نحو نصف مقاعد البرلمان، فرغم أنها تجمع مؤثر في صعود الحكومات وسقوطها، فإنها أصبحت غائبة تماماً إثر خروج نوري المالكي من السلطة وتصدع حزب الدعوة الذي ينتمي إليه بشكل قارب الانشقاق، وجعل أنصار رئيس الوزراء السابق يصبحون أبرز معارضي رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي رغم أنه من حزبهم ذاته!

وفي تطور مفاجئ اتفقت أطراف "التحالف" أمس الأول على اختيار عمار الحكيم زعيماً لهذه الكتلة، حيث بات رئيس المجلس الأعلى خليفة لإبراهيم الجعفري المنشغل بسفر دائم منذ تسلمه حقيبة الخارجية قبل سنتين، وتبددت أحلام المالكي في الفوز بهذا المنصب.

Ad

وبدا أن أنصار المالكي يحاولون تقليل حجم خسارتهم، فكتب "ملتقى البشائر" المقرب إليه بنبرة من وافق على مضض، إنه "تم الاتفاق على تشكيل لجنة تنسيقية عليا للتحالف الوطني ورئاستها دورية، والبداية للسيد عمار الحكيم، ثم تعود لدولة القانون، وبهذا تعتبر رئاسة التحالف إدارية وليست زعامة، فالزعيم من يختاره الشعب ويحصل على أكثر الأصوات".

ثم تناقلت مصادر مقربة إلى المالكي أنه يخطط ليصبح زعيماً لـ"الحشد الشعبي" وهو تجمع الفصائل المسلحة الشيعية، الذي يستعد لخوض الانتخابات المحلية الربيع المقبل كما يفترض، وتقول المصادر إن "الحشد" حالياً أهم من "التحالف".

لكن الجميع يعرف أن الأمر يتجاوز مجرد اختيار رئيس للكتلة الشيعية، فهذه الخطوة الرمزية تعني الكثير داخل بغداد، فالمالكي نجح في توجيه ضربات موجعة لخصومه، حين استجوبت كتلته وزير الدفاع، وتخلصت منه، ثم استجوبت وزير المال هوشيار زيباري وأحرجت رئيس الحكومة، واستعرض عضلاته أمام الجمهور في ملفات أخرى، لكن هذه الخطوات جعلت خصومه ينتبهون إلى أن من الضروري إعادة بناء المحور القديم الذي نجح في تقييد المالكي ثم عزله، حيث تفكك هذا الخط العابر للطوائف أثناء الحرب ضد "داعش"، ووصل الأمر إلى حصول قطيعة بين الحكيم ومقتدى الصدر زعيم التيار الجماهيري، إثر خلاف حول مفهوم الاحتجاجات ودورها.

ويعتقد كثيرون أن وصول الحكيم إلى منصبه هذا سيؤهله لطرح مبررات تسوية جديدة تستهدف الوقوف بوجه المالكي وحلفائه، رغم صعوبة هذه المهمة.

وقد يرى العراقيون أنفسهم لأول مرة أمام محورين متنوعين طائفيا، خصوصا بعد تعمق خلافات البيت الكردي بشكل غير مسبوق طوال العقد الماضي، وربما ينجح المالكي في بناء تحالف يضم بعض السُّنة وفصيلا كرديا إضافة الى متطرفي "الحشد الشعبي"، بينما ينجح الحكيم في إعادة الاعتبار لعلاقاته مع أربيل والسُّنة المطرودين من بغداد، وحينها سيجد العبادي والصدر أنفسهما أمام خيار مقبول لدخول الانتخابات وسينخرطان مع الحكيم منطقيا.

أما الأوساط المقربة من حزب الحكيم فبدأت تدافع عن هذه الخطوة، نافية وجود خشية من أن يعجز زعيمها عن تحقيق شيء في ظل ظروف داخلية وخارجية معقدة، لاسيما ان الوقت المتبقي لعمر البرلمان ربما لا ينتج إنجازات.

وحاولت وسائل إعلام مقربة من المجلس أن تقول ان هذا المنصب مقترح على الحكيم منذ أكثر من سنتين "لكنه كان يرفض، لأنه لم ير جدية من بعض الأطراف لتقوية التحالف"، مشيرة الى ان الحكيم يهدف الى "مأسسة التحالف الوطني وفق سياقات ونظم محددة" ليتجاوز ضعفه الحالي وانقسامه.

هجوم على منزل وزيرة مسيحية

هاجم مسلحون مجهولون، أمس، منزل وزيرة عراقية مسيحية، هي وزيرة الإعمار والإسكان والبلديات العامة آن نافع أوسي في العاصمة بغداد، مطلقين أعيرة نارية، ما أدى إلى وقوع خسائر مادية، بعد نحو 20 يوماً على تسلمها للمنصب وتأديتها اليمين الدستورية في البرلمان.

وكان نواب في "الجبهة التركمانية" اعترضوا على تسمية أوسي وزيرة للإعمار والإسكان، وحاولوا عرقلة تأديتها اليمين الدستورية، بذريعة ان هذه الوزارة من حصة المكون التركماني.

وقالت وزارة الإعمار إن "الاعتداء يأتي لإيقاف عجلة الإصلاح الحكومي، باستهداف شخص الوزيرة أوسي"، وأكدت أن "هذه المحاولات الإرهابية الجبانة لن تثنيها عن مواصلة العطاء وتقديم الخدمات للمواطنين وتسخير كل الإمكانات الممكنة في سبيل توفير الأجواء المناسبة لعودة النازحين وإعمار المناطق المحررة".